خبر : المطلوب... العدالة الاجتماعية.. د.احمد إبراهيم حماد

الإثنين 10 سبتمبر 2012 02:03 م / بتوقيت القدس +2GMT
المطلوب... العدالة الاجتماعية.. د.احمد إبراهيم حماد



 إن الأزمة المالية الراهنة التي تعاني منها السلطة الفلسطينية هي نتيجة من جهة لسياسات الاحتلال التدميرية والقيود المجحفة التي أملتها اتفاقية باريس الاقتصادية، ومن جهة أخرى للسياسات الاقتصادية والاجتماعية العقيمة التي انتهجتها الحكومات الفلسطينية المتعاقبة والتي عجزت عن تعزيز مناعة الاقتصاد الوطني في مواجهة السياسات الاحتلالية، بل وقادت إلى زيادة انكشاف الاقتصاد الفلسطيني للخارج، وتكريس تبعيته للسوق الإسرائيلية، وتعميق الاعتماد على المساعدات الخارجية حتى في التمويل المباشر للموازنة الجارية للسلطة، كما أدت إلى زيادة معاناة الفئات الفقيرة والمتوسطة التي تئن تحت وطأة الغلاء المتصاعد وتتحمل القسط الأكبر من العبء الضريبي الثقيل. وباتت البطالة تهديدا آخر يهز المجتمع الفلسطيني، تضاف الى ما يعانيه الفلسطينيون جراء ويلات الاحتلال الإسرائيلي حيث بلغت نسبة البطالة في قطاع غزة أكثر من 28 بالمائة وفي الضفة تجاوزت الـ 17 بالمائة مما يزيد من تفاقم الأوضاع الاقتصادية الصعبة أصلا للفلسطينيين. ويبدوا انه مع استمرار الأزمة المالية وتفاقمها، ومع زيادة أعداد الفقراء والمعوزين في المجتمع الفلسطيني, يبدو المستقبل ضبابياً الى حد كبير خاصة وأن قليلين هم من يقفون مع هؤلاء الفقراء والمعوزين، فالحملات لمساعدتهم التي كنا نسمع عنها في كل عام يبدو انها توقفت أو تقلصت خاصة وأنهم في ازدياد مع زيادة ضنك العيش. فالجهات الوحيدة التي ترعى الفقراء حاليا هي وزارة الشؤون الاجتماعية ولجان الزكاة وبعض الجمعيات الأهلية والتي هي في غالبيتها تتبع جهات إسلامية تعتمد على التمويل الخارجي. لا ندري كيف سيكون حال الفقراء في بلادنا وهل سيجدون أيادي تمتد إليهم في ظل انصراف كثير من الدول الى مشاكلها الداخلية، بل هل سيجدون مأوى ومأكل يسد رمقهم.... وهل هناك من مغيث لهم في هذا الزمن، والأهم من ذلك كله هل للحكومة أو جهات الاختصاص على كثرتها في بلادنا خطط معينة لهم.... وهل رصدت لهم في ميزانياتها أية مخصصات مما تجنيه من ضرائب. المؤسسات المحلية التي كانت تقدم المساعدات للشرائح الفقيرة والمعدمة يبدو أنها أحجمت أو ستحجم عن ذلك بسبب ما تعانيه من شح في الموارد، أو عدم وضع مخصصات لهم كما كان في الاعوام السابقة لأسباب كثيرة. حتى صناديق لجان الزكاة لن تكون كما في السابق حيث لن يكون بمقدورها التوسع في تقديم المساعدات؛ لان ميزانيتها لن تلبي الزيادة المستمرة في أعداد من يحتاجون المساعدة منه. ومما يزيد الطين بلة هذا الانقسام البغيض الذي امتدت آثاره لتطول جميع جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها، ولعل قطاع غزة من أكثر المناطق التي تضررت جراء هذا الانقسام، الذي صاحبه حصار مجنون، حتى باتت كثير من المناطق والأحياء تئن تحت وطأة الفقر وأصبحت في حاجة إلى مستوى متقدم من المساعدات الإنسانية، خاصة مع ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وهي من المستويات الأعلى في العالم. التدهور والتردي المريع والمتواصل للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في قطاع غزة أصبح يمثل أزمة في الكرامة الإنسانية. وهذا الوضع الكارثي هو من جهة نتيجة الحصار وعدوان الاحتلال الإسرائيلي والانقسام، ومن جهة أخرى نتيجة السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي تتبعها الحكومة المقالة بغزة وتراجع دور السلطة في رام الله، والتجاذبات السياسية بين الحكومتين، إضافة لتقليص خدمات وكالة الغوث وأثرها السلبي الإضافي في الجحيم الذي تعيشه غزة. وبعد ذلك كله يأتي استخفاف بعض المسئولين سواء في رام الله أو غزة بعقول المواطنين، وسط سيل هامر من التصريحات المتضاربة أو السطحية أو الجوفاء. ومن هنا يتوجب على المسؤولين احترام عقول  الناس في تصريحاتهم، وان لا يكون هناك تضارب في التصريحات ، فليتقوا الله في هذا الشعب المكلوم ,وإلا سوف يواجهون ثورة جياع لن يستطيعوا مقاومتها. إن الأوضاع المتردية في جناحي الوطن تحتم أن تكون هناك خطوات عملية تنفق على المواطن وليس على موكب هذا المسؤول أو ذاك، كأن تبادر الحكومة بإنشاء صندوق اجتماعي لرعاية الفقراء، أو تصويب لنظام الضريبة على الدخل، والقيام بإجراءات فورية لخفض العبء الناجم عن الضرائب غير المباشرة المفروضة على السلع الأساسية (وبخاصة الخبز والمحروقات المنزلية) والتي تقود إلى المزيد من الارتفاع في أسعارها وتشكل عبئاً ثقيلاً على صدور ذوي الدخل المتدني. وفى هذا السياق فأن المطلوب حاليا تعزيز مقومات الصمود لشعبنا خاصة في المخيمات ومناطق الأرياف والعمال والطبقات المهمشه من خلال توفير الدعم المادي والمعنوي لهم، وتقديم الدعم للمزارعين وحماية إنتاجهم والتصدي لغول الاستيطان ومحاربة البضائع الاسرائيليه ومنتجات المستوطنات.وعلى الحكومة  الفلسطينية الإسراع بسن قانون الحد الأدنى للأجور إضافة لصندوق الضمان الاجتماعي ومحاكم العمل. أما الطلبة فعلى الحكومة الإسراع في إنشاء صندوق الطالب الجامعي حتى يتسنى لأبناء شعبنا خاصة من الطبقات الفقيرة والمعدمة مواصلة تعليمهم العالي