القسم الاول يبدو ضرورياً إعادة التأكيد على موقف الشعب الفلسطيني وفصائله الوطنية المتواجدة في سورية من الأحداث الجارية هنا والصراع الدائر اليوم، هذا الموقف الذي يقول أن الفلسطينيين يقفون على الحياد الايجابي تجاه هذه الأحداث الأمر الذي سمح لهم بالتعامل مع كافة الأطراف المتصارعة بسوية أخوية وبمرونة تعطي للأخوة والعيش المشترك نكهة مميزة عرفها ولمسها الشعب السوري والدولة السورية في مجمل سلوك الناس والفصائل بغض النظر عن القلة المتطرفة بهذا الاتجاه أو ذاك. إن هذا الموقف المجمع عليه من كل الفصائل سواء داخل المنظمة أو خارجها لم يمنع البعض من التعبير عن مواقفهم تجاه ما يجري سواء كان الموقف مؤيداً أو معارضاً وهو أمر طبيعي ولا يحجر عليه أحد باستثناء أن يمارس صاحب الموقف عملياً موقفه فيضع الفلسطينيين في موقف محرج وغير مريح. وحتى نكون واضحين هنا فإن بعض الأفراد قاموا بأعمال غير مقبولة فلسطينياً باتجاه دعم إجراءات الحكومة ضد المتظاهرين وهم قلة ولا مرجعية فصائلية أو حزبية لهم، ومن يزعم غير هذا فليأتنا بدليل. وهناك آخرون عملوا باتجاه مختلف حيث شاركوا في القتال مع المسلحين والجيش الحر ضد الجيش السوري ورجال الأمن، وللأسف فقد ثبت أن أفراداً فلسطينيين من قوى إسلامية متطرفة شاركت في تفجيرات دمشق الكبرى. إذن الغالبية الساحقة من الفلسطينيين كانت ولا تزال مع الموقف ألمبدأي القائل بحق الشعب السوري في الحرية والكرامة وتطالب بتحقيق المطالب والإصلاحات التي يريدها ويعبر عنها بطريقة سلمية وإدانة عملية القتل للمتظاهرين، في ذات الوقت الذي نقف فيه مع سورية الدولة والقيادة التي قدمت الدعم للمقاومة وما زالت تقف في وجه مخططات العدو الأمريكي الصهيوني وتتعامل مع الشعب الفلسطيني بطريقة كريمة. المشكلة أن هناك وسائل إعلام وقنوات باتت معروفة تصر على زجنا ولو نظرياً في أتون الحرب المدمرة التي تدور رحاها على الأرض السورية بافتعال وقائع وأحداث وطرح معلومات كاذبة ومبالغ بها للتهويل وللضحك على الناس الذين لا يعرفون ما يجري هنا في سورية وفي المخيمات الفلسطينية على وجه الخصوص، وقد استمعت قبل كتابة هذا المقال للقاء على قناة "العربية" استضافت فيه ثلاث شخصيات منها السيد ياسر عبد ربه الذي تحدث باسم الفلسطينيين في سورية ولم يخرج الرجل عن جادة الصواب لكني حتى اللحظة لا أعرف صلة الرجل الذي باع حق العودة بثمن بخس للصهاينة بشعبنا اللاجئ في سورية. المشكلة أن أحد المتحدثين وأظنه دكتوراً مصرياً (د. محمد حمزة) قام بطرح جملة من المغالطات والأكاذيب بطريقة تستفز أي مواطن فلسطيني حين ادعى أن الفصائل الوطنية في سورية هي صنيعة أجهزة الأمن السورية وهي من صنع الضابطة الفدائية...إلى آخر ما هناك من ترهات قالها الرجل بعجرفة وبطريقة المرجعيات الدينية الموثوقة، وقد أساء الرجل في كلامه للعمل الوطني الفلسطيني بدليل حديثه عن الضابطة والفصائل المنقسمة بطريقة توضح جهل الرجل بها، وبدل أن يقوم بالتهدئة في الجو المشحون صب مزيداً من الزيت على نار الاختلافات الفلسطينية في الرؤى والمواقف وهي اختلافات عادية وتحدث داخل أي شعب. كما قال في تأكيد لبعض ما قالته المذيعة وغيرها من الذين لا يعرفون الحقيقة أن السيد أحمد جبريل أمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين " القيادة العامة " شبيح" وساهم في قتل مئات من الشعب الفلسطيني والسوري أثناء الحراك السوري الراهن وأيده في ذلك الأخ السوري (بسام جعارة) بطريقة لا تجوز وتحمل الكثير من الخطأ والتزوير. وحتى نكون كذلك واضحين ولا نتردد في قول الحقيقة حتى لو لم تعجب أصحاب المواقف المسبقة أو المنطلقين من مواقف حاقدة وثأرية نقول أن جبريل والقيادة العامة التي يتزعمها لم تشارك في قمع السوريين أو الفلسطينيين أو تقتلهم كما يزعم البعض وحتى في موقعة الخالصة الشهيرة قمنا بتوضيح ما جرى كشهود عيان وليس كمستمعين للتحريض وأكاذيب القنوات المغرضة التي تعمل في خدمة السياسة الأمريكية الصهيونية. وأيضاً لإكمال الحقيقة نقول أن أحمد جبريل أعلن بوضوح تأييده لسورية وقيادتها في مواجهة التآمر واستعداده للدفاع عن سورية دون أن يشارك في الصراع الدائر عملياً وهذا الموقف كما نعلم جميعاً تاريخي للرجل وجبهته وسبق أن كرره في أحداث سابقة وأعاد تأكيده مراراً الناطق باسم الجبهة أنور رجا على الملأ. إن موقف القيادة العامة من القيادة السورية والنظام في سورية يعبر عن وفاء الرجل لما قدمته له هذه القيادة من تسهيلات وامتيازات وعن مجمل الموقف السوري الداعم للقضية الفلسطينية وفصائلها التي تعمل جميعها في الأراضي السورية ولها معسكرات تدريب معروفة. أما القول أن هذا الوفاء انعكس عملياً على سلوك أمين عام الجبهة وتنظيمه ضد الشعب السوري فهذا كلام عار عن الصحة وموقف القيادة العامة هو ذات موقف الفصائل الوطنية جميعها باستثناء سنتحدث عنه في القسم الثاني من مقالنا. إن وقائع ما جرى خلال الشهر الأخير من الأحداث في سورية مع بداية معركة دمشق وحتى اليوم وانعكاساتها على الوضع الفلسطيني في مخيم اليرموك، إن هذه الوقائع تستحق مساحة كبيرة نفردها لها في مقالاتنا اللاحقة. Zead51 (القسم الثاني) دعونا نبدأ هذه المرة من توضيح يتعلق بنظرة شعبنا الفلسطيني بسورية تجاه الفصائل الوطنية والتي نطلق عليها اسم فصائل المقاومة وهي نظرة تحمل الكثير من الشك وعدم الثقة فيها وفي قياداتها على وجه الخصوص، حيث يرى معظم الناس أن هذه الفصائل بعيدة عن همومها وما تعانيه، وأنها لا تقوم بما يتوجب عليها تجاههم، وهذا الأمر ينطبق على الجميع في الداخل والخارج لأن هذه القيادة تركتهم تحت ذرائع مزيفة ومارست مع عناصرها حق العودة للضفة وغزة تاركة وراءها إرثاً ثقيلاً يصعب حمله وباتت مرجعية الخارج ضعيفة وغير قادرة على حمل أعباء اللاجئين كما أن منظمة التحرير الفلسطينية التي تمثلهم تاهت وتماهت في سلطة الحكم الذاتي وتجاهلت مصالح شعبنا وهمومه في الخارج وباختصار فإن الثقة التي كانت قبل أوسلو انتهت وحل محلها ما يمكن أن نسميه التجاهل والاستخفاف. وفي إطار التمهيد لما سنقوله في إطار ما حددناه في القسم الأول والمتعلق بأوضاع المخيمات في ظل الأزمة السورية المتفاقمة ودور الفصائل والأفراد فيها نشير إلى ظاهرة لا يمكن أن نسميها طبيعية أو صحية تتصل بمواقف الناس تجاه مجريات الأحداث وتجاه الحقيقة التي يجب أن تقال حتى لو لم تكن في صالح الموقف الذي يتبناه المرء، هذه الظاهرة تقول أن الفلسطينيين في غالبيتهم بسورية وغيرها يتقبلون الحقيقة أو يرفضونها ربطاً بخدمتها لموقفهم وليس باعتبارها أداة تصويب وقياس لهذا الموقف، ومن هنا فإن معالجة الوقائع العنيدة لمجريات الأحداث خاصة في المخيمات ستصطدم بهذه الظاهرة وبالتالي سنكون أمام حالات إنكار غريبة أو تموضع غير قابل للتعديل حتى لو أتيت لها بكل الحقيقة. الأمر المهم هنا وفي ظل الوضع الصعب والقاسي الذي تعيشه مخيماتنا في سورية أن يتحلى المرء بالشجاعة الأدبية التي تجعله ينحاز للحقيقة والعقل حتى لو خالف ذلك مشاعره وموقفه المسبق، الشجاعة الأدبية التي تقول الحقيقة والقناعة المبنية عليها حتى لو خالفت رأي الأغلبية أو تعرض المرء بسببها للخسارة أو حتى للقتل. إن الظرف يحتم هذا، والأهم أن مصلحة الشعب الفلسطيني الآن وغداً ستبقى رهينة هذا السلوك وعلينا أن نعلي كلمة الحق لينجو شعبنا من هذه المحرقة ونقتدي بكلام الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه حين قال: لا تستوحشوا طريق الحق لقلة السائرين فيه. منذ عدة أشهر بات واضحاً أن الصراع في سورية سيطول وأن تداعيات الحدث السوري ستصل للمخيمات الفلسطينية مهما بذلنا من جهد لمنعها لأسباب عديدة تتعلق بدرجة الترابط الوثيقة بين هموم السوريين والفلسطينيين وكذلك التداخل الجغرافي والاندماج الذي جرى بين الشعبين على مدار السنوات الخمسة والستين الماضية، وبات لزاماً أن تعمل الفصائل والشخصيات الوطنية العامة والكتاب والمثقفين على تقليل حجم الخسائر جراء الصراع الدائر، وتأخير تداعياته السلبية قدر المستطاع، وفي هذا الإطار وكما تعودنا اختلفت الآراء حول الطريقة الأمثل لتحقيق ذلك، زاد من حدة الاختلاف بيننا تحول الصراع في سورية للعنف على نطاق واسع واستخدام الأسلحة من كل العيارات والأنواع فيه. صحيح أن قتالاً جرى حول المخيمات وأحياناً بداخلها وأدى لسقوط ضحايا أبرياء بسببها وأن مخيم درعا للاجئين على سبيل المثال تعرض للدمار والتهجير بسبب القتال لكن تلك الحالات كانت مفهومة الأسباب وجرى التفاهم حولها. وكي لا يخمن أحداً أو يستنتج من غير دراية بما جرى نوضح أن تلك الحالات وقعت بسبب لجوء المعارضة المسلحة لهذه المخيمات والقتال من شوارعها وحاراتها ضد الجيش السوري النظامي وأجهزة حفظ النظام. بالتأكيد نحن لا نعفي بعض المرجعيات السورية من تحمل مسؤولية العنف المفرط الذي أدى لدمار وقتل كان يمكن التقليل منه أو تحجيمه، وقد أقر الرئيس الأسد بأن هناك مسؤولين وقادة تجاوزوا حدود صلاحياتهم وارتكبوا الأخطاء، ومع الأسف ما زال بعضهم يرتكب ذات الأخطاء. وفي سياق الحديث عن العنف واستخدام السلاح فإنني أكتب المقال على وقع زخات الرصاص والقذائف التي تنطلق بين الفينة والأخرى قرب منزلي في دوار فلسطين الذي يعتبر من أخطر المناطق في دمشق كونه يقع على مفترق التضامن ويلدا والمخيم. شعر الفلسطينيون أنهم بلا مرجعية وأن الأمور قد تفلت من بين أيديهم خاصة مع وجود شباب متحمس باتجاه المشاركة في الصراع رغم الموقف المعلن بالحياد الايجابي، وعزز ذلك عمليات تحريض جرت بشكل مكثف ساعد عليها حجم الضخ الإعلامي المرأي والكم الهائل من الكذب والتزوير خاصة من قناتي الجزيرة و"العربية" اللتان لم توفرا وسيلة مشروعة أو غير مشروعة للهجوم على سورية وقيادتها تحت ذريعة حماية المدنيين الأمر الذي انعكس على الفلسطينيين وخلق رأياً عاماً متعاطفاً مع المعارضة دون أن ينعكس بالمعنى العملي في لجة الصراع إلا من قلة تم استدراجهم للقتال في صفوف المعارضة والجيش الحر. ومع تزايد حدة الصراع ووصوله لمخيم اليرموك ووقوع بعض الحوادث فيه، ومع استخدام شوارع المخيم في حالات معينة من جانب المسلحين للهجوم على الجيش ومراكز الشرطة والمؤسسات المدنية والخدمية بدأت المعارضة تفقد تعاطف الناس معها خاصة أنها ارتكبت جرائم وأخطاء ادعت منذ لجأت للعنف والسلاح أن قسماً من أسباب صراعها مع النظام يرتبط بارتكاب النظام لهذه الأخطاء والجرائم. تداعت بعض الفصائل والشخصيات لوضع خطة تحمي المخيم من عواقب القتال المحتدم حوله بما لا يؤدي لصدام مع الدولة أو مع المعارضة ويبقي المخيمات مكاناً آمناً لمن يلجأ إليه من الأشقاء السوريين أو الفلسطينيين الذين تحاصرهم الأخطار لكن كل اللقاءات فشلت في تبني خطة أو رؤية موحدة لهذا، وارتفعت أصوات تندد بأطراف أخرى حالت دون نجاح أي تصور. في جوهر الخلاف بين الفصائل كان موضوع السلاح وهل يمكن أن نستخدمه للدفاع عن أنفسنا إن اضطررنا لذلك وبعد أن نبلغ إخوتنا في القطر العربي السوري بالأمر لكي لا يجري تحويل الأمر لسكة أخرى، وما إن كان من الصواب تشكيل لجان شعبية لهذا الغرض. ......يتبع (القسم الثالث) في هذا القسم من مقالنا وكما وعدنا في القسم الثاني سنتطرق لموضوع السلاح في مخيم اليرموك وكيف جرى توزيعه على بعض الشباب الذين تطوعوا لحماية المخيم كما سنتطرق للأسباب الحقيقية التي أدت لذلك وليس لحملة التشويش التي افتعلها البعض للإساءة لكل العملية الصحيحة والمبدئية التي جرت لأسباب موضوعية، وفي السياق سنأتي على ذكر سلاح الفصائل الفلسطينية ومن الذي يحمله وفي أي مجال يمكن استخدامه. وكعادتنا سنبدأ بتوضيح قضية خلافية في الوسط الفلسطيني وهذه المرة تتعلق بالجهة التي تسعى لاستدراجنا للقتال معها ضد الطرف الآخر، وبالحقيقة والوقائع وليس بالانحياز المسبق ولي عنق الحقيقة لتناسب هذا الموقف المنحاز. ونبدأ بالوقائع الواضحة والمعروفة وأهمها استعداد جيش التحرير الفلسطيني للقتال لمؤازرة الجيش العربي السوري ضد التمرد والجيش الحر كما عبر عن ذلك اللواء طارق الخضراء رئيس أركان جيش التحرير الفلسطيني وترك انطباعاً سلبياً لدى بعض الإخوة السوريين المعارضين الأمر الذي أنتج مجموعة من الاغتيالات لضباط كبار من هذا الجيش بطريقة وحشية وغير مفهومة أو مبررة خاصة أن جيش التحرير لم يشارك حتى اللحظة في القتال مع النظام رغم تصريحات اللواء الخضراء، أما الحقيقة المرتبطة بهذه التصريحات فهو أن القيادة السورية لم تستغل هذا الاستعداد لتشرك جيش التحرير ضد المسلحين والكل يعرف أن جيش التحرير يتبع عمليا رئاسة أركان الجيش السوري، والأهم أن الرئيس الأسد رد على الخضراء برفض طلبه المشاركة وإيضاح أن أي دخول للفلسطينيين على خط القتال سيعقد وضعهم ويتسبب في إرباكات مختلفة، وهذه المعلومة تأكدت لنا من مصادر موثوقة في رئاسة الأركان الفلسطينية في حينها. إذن لا يمكن اتهام النظام والقيادة السورية بالقيام بأعمال وحشية ضد المخيم لتستدرج الفلسطينيين للقتال معها أو ضدها وأن المعارضة والأخوة في محيط المخيم هم من يسعون لتوريط الفلسطينيين واستدراجهم للقتال في صفوفهم وقد نجحوا أخيراً في استمالة بعض الشباب المغرر بهم والمتحمسين دون وعي للقتال معهم. وبالوقائع فإن كل تحرك جرى في مخيم اليرموك وشارك فيه شبان فلسطينيون ضد النظام السوري كان يحركه في الأساس مجاميع تحضر لمساجد المخيم وشوارعها في أيام الجمعة وغيرها كانت من منطقة الحجر الأسود والميدان والتضامن، وأنه في بعض المرات التي فشل هؤلاء في استدراج الشباب بل وتصدى لهم أهل المخيم هتف بعضهم بخفة وبتطرف ليس من صفات أو أخلاق الشعب السوري الشقيق والذي نحمل له ويحمل لنا كل الود والمحبة والإحساس بالتوحد .. كان هؤلاء الأشقياء يهتفون: "بدنا نحكي على المكشوف فلسطيني ما بدنا نشوف"، لكن كبارهم كانوا يرفضون هذا وغيره من التهديدات الجوفاء وغير المنضبطة. وقبل أن ننهي هذه المقدمة الضرورية نشير إلى أن الشعب الفلسطيني سيكون بكل تلاوينه وفصائله وبغض النظر عن الموقف مما يجري في سورية موحداً في مواجهة اي عدوان خارجي على سورية الشقيقة وأن موقف الحياد الايجابي سيصبح من الماضي لو جرى عدوان للناتو على الشقيقة سورية سواء تحت البند السابع أو بغيره. والان لقصة السلاح التي أحدثت بعض اللغط واستغلها المدعون والكاذبون للإساءة لفصيل بعينه بادر بتوزيع السلاح وتشكيل لجان شعبية بالتنسيق مع حركة الجهاد الإسلامي الذي تبرأت لاحقاً من موضوع السلاح. يوم الأربعاء الموافق 18 يوليو (تموز) أعلن التلفزيون السوري عن تفجير مبنى الأمن القومي بدمشق ومقتل عدد من قادة الأمن الكبار وبالتزامن أعلنت المعارضة بدء معركة دمشق الكبرى التي كانت القيادة السورية قد استبقتها بالهجوم على أماكن القيادة والسيطرة للجيش الحر في حرستا وريف دمشق. توتر الجو وتلبدت غيوم الفتنة الدموية فباتت حالكة السواد واشتد القتال في ظل مفاجأة صاعقة للنظام السوري وحلفائه واتسم القتال بالقسوة وشمل معظم مناطق دمشق بما في ذلك محيط منطقة مخيم اليرموك، وفي عصر ذلك اليوم الدامي بدأت إشاعة أو ما أسميته سابقاً بالفزاعة القذرة تتوالى على أسماعنا حول وجود شبيحة من طائفة محددة تقوم بذبح الناس في الحجر الأسود وأرفقوها بأن الذبح يجري للسنة، ورغم سخف الموضوع وانكشاف أهدافه إلا أنه أدى في ظل الحالة التي وصفتها في ذلك اليوم إلى استنفار لم يسبق له مثيل بالمخيم حيث قام كل رجل ومن جميع الأعمار بالخروج للشارع ومعه سلاح أبيض أو هراوة مع وضع متاريس في الشوارع لمنع تقدم أي آلية داخل المخيم. من هنا بدأت قصة تسليح بعض شباب المخيم والضغط على الفصائل من أجل ذلك، بعد مداولات بين الفصائل فشل الجميع في الوصول لصيغة محددة وزاد الضغط خاصة على الجبهة الشعبية (القيادة العامة) كونها الفصيل الأقدر على توزيع السلاح بحكم ملكيتها للكميات الأكبر منه لعلاقتها المميزة بالحكومة السورية ولوجود العدد الأكبر من المقاتلين المحترفين فيها وعدد معسكراتها بالقطر العربي السوري. قامت الجبهة بتوزيع عدد محدود من الآليات والرشاشات الأخرى على الشباب وقسمتهم الى مجموعات للحراسات الليلية ولمنع تسلل المسلحين حتى لا يتعرض المخيم للمداهمة من الجيش وهو يلاحق هؤلاء المسلحين وكلنا ندرك كما قال خالد عبد المجيد أمين عام جبهة النضال الشعبي الفلسطيني أن مخيم اليرموك ليس أعز من حمص أو درعا أو حلب. طبعاً انبرى بعض المغرضين للنيل من عملية التسليح تحت مقال متهافت يقول أمرين الأول أن السلاح بات بيد بعض أفراد ليسوا منضبطين أو يفهمون معنى السلاح ولماذا بأيديهم وفي هذه قد يكون هناك قول حق لكن أريد به باطل ذلك أن كل تحرك سنقوم به كفلسطينيين باليرموك سيحمل ضمنياً وجهاً سلبياً أو زاوية لرؤية تقلل وجاهته وأيضاً يمكن معالجة هذه السلبية بالتوعية ومراقبة الممارسة. أما الأمر الثاني فهو أن هذا السلاح هو في خدمة النظام ولمحاربة الجيش الحر طالما أنه سلاح الشعبية القيادة العامة وهذا أيضاً أمر غريب وليس له أي صلة بالواقع لأن الشباب واللجان الشعبية تعرف مهمتها وهي لا علاقة لها بالقتال الداخلي والفلسطينيون على الحياد وهناك آلاف السوريين اللاجئين من مناطق أخرى للمخيم يقيمون في مدارسه ومساجده وهم عملياً أهالي من يزعمون أن سلاح اللجان سيقاتلهم. وأخيراً في هذا الصدد فإن البينة على من ادعى ولا يعرف مخيمنا وخاصة مؤسسة الخالصة قتالاً خاضته إلا دفاعاً عن النفس ضد مهاجمين لم يكونوا في أي مرة من الجيش النظامي أو الأمن السوري. واستكمالاً لقصة السلاح وحتى يعرف شعبنا حقيقة الأمر ولا تنطلي عليه أكاذيب المروجين لنهج الناتو ودمار سورية تحت ادعاءات مزيفة نوضح أن كل الفصائل تملك في مكاتبها ومع قياداتها ومرافقيهم وفي معسكرات تدريبها سلاحاً يتفاوت عدده من فصيل لآخر تبعاً لحاجته وبالتالي فليس من الاستقامة الحديث عن خلل توزيع السلاح على لجان تحمي الشعب في وجود سلاح يحمي النخبة غير المحبوبة من جماهيرها بكل أسف. وإن قال واحدكم أن سلاح اللجان ربما ينفلت فقد دلت التجربة على عكس هذا حيث ما وقع حول مكتب جبهة لها ثقل واحترام جماهيري ومعروف عنها الانضباط يدل على أن الحوادث وانفلات الأعصاب والتسرع قد يصيب الجميع وليس فقط من يحمل سلاح أعطته له القيادة العامة أو حركة الجهاد أو أي جهة. وأخيراً فإن ما يهمنا من وراء كل ما كتبناه يتمثل في لجم اندفاع البعض لتوريطنا كفلسطينيين في لجة الصراع الدموي بسورية تحت دعاوى وشعارات كاذبة، ومن السخف أن تنبري أي جهة فلسطينية مهما علا شأنها للردح والشتم لفصيل آخر تحت دعاوى كاذبة ومعلومات مزورة. يجب أن نتوحد جميعا خلف مصلحة شعبنا التي تقول باستمرار الالتزام بموقف الحياد الايجابي ولجم كل خروج عنه كائناً من كان صاحبه وفي أي موقع وجد وأن يجري تشكيل قيادة مدنية لكل مخيم من عقلائها وكبارها بمشاركة الفصائل واعتبار شعبنا في حالة طواريء كما الشعب السوري إلى أن يفرجها الله على الجميع وتخرج سورية من هذا المنزلق الخطير بسلام. Zead51@hotmail.com