التطورات الجارية في المنطقة المحيطة بنا وخاصة ما يجري على أرض الشقيقة مصر سيكون لها بكل تأكيد انعكاساتها على مجرى ومستقبل الوضع الفلسطيني بشكل عام وعلى العلاقة مع قطاع غزة وصياغة المستقبل السياسي ، ومع عودة المبادرات والأفكار التي بدأت تخرج للتجاوب مع هذا الواقع الجديد سواء الأفكار التي طرحها الدكتور سلام فياض والمتعلقة بإجراء الانتخابات التشريعية في الضفة الغربية وإيجاد تمثيل مناسب لقطاع غزة طالما أنحركة حماس لا تريد السماح بإجراء الانتخابات الى جانب الأفكار التي طرحها الدكتور إياد السراج من إعلان حكومة ’ الدولة ’ الفلسطينية من قطاع غزة وبدء انطلاق التحرير عبر المفاوضات من قاعدة ’ قطاع غزة ’ طالما أن الضفة الغربية محتلة ، وربط هذه الأفكار بالوضع الداخلي المصري بعد تولي الرئيس ’ الإخواني ’ الدكتور محمد مرسي والعملية العسكرية المفتوحة في منطقة سيناء وعلى الحدود مع قطاع غزة بعد العملية الإرهابية التي استهدفت عدد من الجنود المصريين ، وبدء خروج أصوات بضرورة العودة الى الحوار الفلسطيني خلال المرحلة القادمة ، هل يمكن ربط الدعوة للحوار من أجل تحقيق المصالحة مع الأفكار الجريئة المطروحة للنقاش . هل نحن أمام حوار للمصالحة ولكنه يختلف عن الحوار قبل كل تلك الأحداث والأفكار ؟ هل هي بداية الترويج لمرحلة انفصال قطاع غزة عن الضفة الغربية عبر أفكار ومشاريع محسنة ومطورة ؟ هل هو بداية طرح الاعتراف باستقلال قطاع غزة وطلب فتح مكاتب تمثيلية له في البلاد المعترفة بهذا الواقع ؟هل طرح هذه الأفكار في هذا الوقت مجرد صدفة غريبة أم هناك تنسيق بينها وهناك من بدأ برسم الخارطة الجديدة للكيان الفلسطيني ؟ الدكتور سلام فياض يقترح من الضفة الغربية إجراء انتخابات تشريعية بدون مشاركة كاملة لقطاع غزة والدكتور إياد السراج يطرح من قطاع غزة الاعتراف بالدولة انطلاقا من قطاع غزة باعتباره منطقة محررة – الى حد ما – وبدون الضفة الغربية .وهناك أفكار يتم دراستها بين الحكومة المصرية وحكومة غزة حول معالجة المشاكل المشتركة سواء الأمنية التي تفجرت أخيرا وكذلك المشاكل الاقتصادية المتعلقة بعمل الانفاق واستبدالها بمنطقة صناعية حرة بين البلدين وكذلك تطور العلاقة بين الجانبين كما صرح بذلك أكثر من مرة السيد اسماعيل هنية – رئيس حكومة غزة - . الرئيس الفلسطيني محمود عباس الغائب الحاضر في كل ما يدور لازال متمسك بخيار المصالحة كما هي دونما تغيير ولكن الى أي حد سيصمد على موقفه في ظل الفشل السياسي العام للعملية السياسية والضعف العام الذي يعتري السلطة في الضفة الغربية ولعل قضية الرواتب مؤشر على هذا الضعف الذي قد يتطور الى الانهيار الشامل .حكومة غزة تقوم بمهامها في قيادة قطاع غزة حيثما تريد وترفض التراجع عن أي إنجاز تم تحقيقه على الأرض واعتبار أن قطاع غزة منطقة محررة ويصلح أن ينطلق المشروع الوطني الفلسطيني منه نحو القدس والضفة الغربية .أما الأشقاء في مصر فهم مشغولون بترتيب أوضاعهم الداخلية المتشابكة مع الأوضاع في قطاع غزة ولذلك سيجدوا أنفسهم مضطرين للاعتراف بهذا التشابك وسيكون لذلك انعكاس على طبيعة العلاقة المستقبلية ، ومن هنا خطورة التعاطي مع مستجدات المرحلة القادمة ، هل ستجد كل الأطراف نفسها أمام واقع لا يمكن التخلص منه ؟ وهل لا مناص من قذف قطاع غزة في وجه مصر ولكن تحت مسمى ’ دولة ’ أو الذهاب مضطرين للحل الإقليمي الذي طرحه أكثر من مسئول إسرائيلي . من الواضح أن الأحداث الجارية تسير في طريق واحد مرسوم لها منذ سنين وسيجد الجميع نفسه – سواء بإرادته أو بدونها – منساق لاى مصير مخطط له ومعروف ولا مناص منه ، مثل قطيع الغنم الذي يعلم أن نهاية الطريق حتفه ولكنه لا يملك القدرة عن الخروج من الصف المرسوم .