إذا ذكر التاريخ والحضارة الإنسانية فإنما يقصد بها مدينة القدس العظيمة، وإن تناولنا الحكمة وتقلبات القدر وصيرورته فنحن نشير بذلك للقدس بكل ما مر عليها وما احتوته من كنوز الجنس البشري وتجارب الأولين في كل صنوف الحياة وطقوس العيش. هي مدينة السلام بعمق المعنى الروحي والديني، وهي مدينة الحب والوئام بعمق المعنى الواقعي والمادي، وهي مهوى أفئدة المسلمين والعرب أينما كانوا، إنها درة التاج في أماكن التقديس عند عامة الناس وخاصتهم وحين اقترح وأمر الإمام الثوري الكبير آية الله الخميني قائد الثورة الإسلامية في إيران أن تكون الجمعة الأخيرة من رمضان مخصصة للقدس ونصرتها فإنما كان بذلك يعبر بأصدق ما يكون عن المعنى لكلمة عروس دينكم وإسلامكم كما ذات المعنى للمسيحيين المؤمنين بالحق والعدل واليهود الأرثوذكس من جماعة ناطوري كارتا المعروفة برفضها لقيام دولة الاغتصاب والعدوان على أرض فلسطين، ونحن نعلم أن وضع مكة ليس بأفضل حال من القدس وأن السيطرة الغربية والأمريكية خصوصاً تامة فيها وفي كل مملكة آل سعود وهي أرض مقدسة جابها طولاً وعرضاً رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام وصحبه الكرام وأقاموا العدل بين الناس وحفظوا كرامتهم. لقد قال السيد الإمام الخميني وهو يوجه الناس للتحرك في هذا اليوم ويحذرهم من خطر العدو الصهيوني: «إنني أدعو المسلمين في جميع أنحاء العالم لتكريس يوم الجمعة الأخيرة من هذا الشهر الفضيل رمضان المبارك ليكون يوم القدس، وإعلان التضامن الدولي من المسلمين في دعم الحقوق المشروعة للشعب المسلم في فلسطين. لسنوات عديدة، قمت بتحذير المسلمين من الخطر الذي تشكله إسرائيل الغاصبة والتي اليوم تكثف هجماتها الوحشية ضد الإخوة والأخوات الفلسطينيين، والتي هي في جنوب لبنان على وجه الخصوص مستمرة في قصف منازل الفلسطينيين على أمل سحق النضال الفلسطيني. وأطلب من جميع المسلمين في العالم والحكومات الإسلامية العمل معا لقطع يد هذه الغاصبة ومؤيديها. إنني أدعو جميع المسلمين في العالم لتحديد واختيار يوم القدس العالمي في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان الكريم - الذي هو في حد ذاته فترة محددة يمكن أيضاً أن يكون العامل المحدد لمصير الشعب الفلسطيني - وخلال حفل يدل على تضامن المسلمين في جميع أنحاء العالم، تعلن تأييدها للحقوق المشروعة للشعب المسلم. أسأل الله العلي القدير أن ينصر المسلمين على الكافرين». اليوم ونحن على عتبة الجمعة اليتيمة ويوم القدس العالمي المرتبط بها نسمع شكاوي أهل القدس وتنبيههم للعرب والمسلمين ولا نريد هنا أن نقيم المناحات على قدسنا التي ستعود رغم كل شيء وإنما أردنا أن نقول أن عشرات السنين التي مرت على احتلال القدس كانت كافية لإثارة حمية من لديهم بعض دين أو كرامة أو عروبة، وأنه إن كان صحيحاً قول الله عز وجل في قرآننا الكريم: "لايكلف الله نفساً إلا وسعها" فإننا نتمسك بهذا القول ونسأل هؤلاء الذين يفترض أنهم حماة الدين الإسلامي والذين يرقد بينهم قائد الأمة ورسولها الأعظم محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه، نسألهم هل حقاً عملتم بكلام رب العباد وقدمتم وسع ما تستطيعون وتملكون؟ هل نعدد ما بوسعكم عمله وانتم تملكون مفاتيح الحضارة والاقتصاد العالمي؟ وهل نذكركم بقوله الكريم: كل نفس ذائقة الموت؟ في اليوم العالمي للقدس نرى حال المسلمين والعرب لا تسر ولا تشي بالخير، نجد ملوكاً وقادة وصعاليك يجدون في نصرة شعب سورية ضد نظامه أولوية! والأمر لا يمكن أخذه على هذه الشاكلة بل هو في الحقيقة لا يفسر إلا بالانحياز للمستعمر والمهيمن وللذي يعمل عنده هؤلاء أجراء وبأموالهم ويقولون عن أنفسهم مسلمون وعرب إنه الانحياز لتدمير الوطن السوري وليس الأمر على صلة بحرية الشعب السوري فذلك آخر هموم أمريكا وعملائها...كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون. من يمكنه أن يصدق أو يتفهم أن تأجيج الفتنة والقتل في سورية أهم من نصرة القدس وأهل فلسطين؟ ومن يمكنه أن يصدق أنه رغم الكم الهائل من احتياطي الدولار والذهب عند هؤلاء الذين سخروه لعلاج أزمة الرأسمال العالمي واليورو لا يقدمون للقدس أي شيء حقيقي؟ القدس تتوجع يا سادة قريش؟ وأرضكم المقدسة وعروسكم تغتصب كل يوم أيها الأعراب فمن لها ناصراً ومحرراً؟ الجمعة يوم القدس العالمي فهل يذكركم هذا اليوم بشيء؟ نعلم أن من شعوبكم من يتلهف لنصرة الأقصى والقدس وفلسطين فاطلقوا يدهم وامنحوهم فرصة التكفير عن ذنوبكم. ونختم بالقول: سنرجع يوماً إلى قدسنا وحينها ستهدأ روح الرجل الذي كان أول من دعا لهذا اليوم العظيم "آية الله الخميني" رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، والحمد لله رب العالمين. Zead51@hotmail.com