خبر : إفلاس نتنياهو السياسي والملف الإيرانى..د.عبير عبد الرحمن ثابت

الأربعاء 15 أغسطس 2012 02:42 م / بتوقيت القدس +2GMT
إفلاس نتنياهو السياسي والملف الإيرانى..د.عبير عبد الرحمن ثابت



العقيدة العسكرية الإسرائيلية هجومية فى إطار دفاعي ؛ تعتمد على سبع مبادئ أساسية : الهجوم وإحراز نصر حاسم ، والعمل على تقليل الخسائر البشرية ، والمبادرة بالضربة الأولى ، وشن ضربة وقائية مسبقة ، والحرب الخاطفة ، ونقل المعركة لأرض العدو . وعقيدة الهجوم والضربة الأولى تبنتها إسرائيل فى عدة حروب خاضتها فى تاريخها العسكري ؛ وذلك لإيمانها بأن على القلة تبنى مبدأ المبادرة الأولى ؛ والتى لو تمت بشكل صحيح قد تؤدى إلى إخلال بالتوازن العسكري للعدو ؛ وبالتالي تعجل بالنصر وبمدة زمنية محدودة . وما تشهده الساحة الإسرائيلية من استعدادات لشن حرب على إيران ، وتغييرات حكومية وتصريحات نارية من القيادة الإسرائيلية وماكينة إعلامية حكومية لا تكف عن الحديث عن الضربة الإسرائيلية للمنشات الإيرانية ؛ لا ينطبق مع عقيدتها العسكرية التى تعتمد بشكل أساسي على عنصر المفاجأة .   وعملية ضرب إيران لن تكون عملية خاطفة ، فسلاح الجو الذى نفذ بنجاح هجوماً على المفاعل النووي العراقي 1981 ، وعلى المفاعل السوري 2007 ؛ سيجد منظومات دفاعية إيرانية جاهزة لرده ولن يستطيع تنفيذ أهدافه بشكل كامل ، حيث إن الحرب الإعلامية التى تقودها إسرائيل منذ فترة على إيران منحتهم الفرصة الكافية لإخفاء وتحصين منشأتهم النووية ؛ وإعداد العدة لأي هجوم خارجي قادم . وكذلك حزب الله لن يقف مكتوف الأيدي وسيمطر إسرائيل من الجهة الشمالية بآلاف الصواريخ  والذى تتخوف منها إسرائيل ؛ ولدى استخباراتها الكثير من المعلومات حول عددها ونوعيتها ومدى خطورتها على إسرائيل . وبحسب التقارير الدولية فإن ضرب المفاعل النووي الإيرانى لن ينجح فى تدميره بشكل كامل بل قد يؤخره عدة سنوات قادمة ، وبالتالي لا يستحق هذه المغامرة العسكرية من إسرائيل الذى ستدفع ثمنا كبيرا لذلك .   ولو نظرنا للدول التى سيتوجب على سلاح الجو استخدام أجوائها لضرب إيران ؛ فهل ستقبل للطيران الإسرائيلى باحتراق سيادتها الجوية  بدون إجماع وموافقة دولية على ضرب إيران ، فقد هددت السعودية على عدم السماح لأي طائرة إسرائيلية باستخدام أجوائها ، وكذلك تركيا لن تسمح لهم بذلك نتيجة العلاقات المتوترة بين البلدين . والأردن لن تستطيع منح إسرائيل الموافقة فى ظل الظروف العربية المحيطة بها بشكل منفرد .   الحرب على إيران تحدى كبير لحكومة نتنياهو المفلسة على المستوى الداخلي والخارجي ، ولن يستطيع نتنياهو أن يقدم على هذه الحرب لوحده كما يصرح فى الإعلام ، وقد كشفت صحيفة معاريف عن جهود يبذلها كل من أيهود باراك ونتنياهو لحث أوباما أن لا يؤكد على مواصلة الحوار مع طهران خلال خطابه فى جلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة المقررة ليلة عيد الغفران في سبتمبر المقبل . وبهذا يحاول أن يمارس ضغوطات على أوباما لدعم إسرائيل وكذلك حث العالم على ضرب إيران ؛ فأي تصريح يخالف الموقف الإسرائيلي قد يؤدي إلى تأخير الضربة العسكرية مما سيعطي إيران الفرصة لكسب الوقت وهذا ما يتخوف منه  نتنياهو وباراك .   مسرحية الحرب على إيران التى يقودها نتنياهو وبارك ؛ قد حققت مكاسب على المستوى الداخلي فالتهديد على الجبهة الداخلية والضغط على نتنياهو من المجتمع المدني قد اختفى مقابل الخطر الإيرانى ، والمجتمع الإسرائيلى مشغول الآن فى التفكير بكيفية حماية نفسه من الصواريخ الإيرانية ، ويجهزوا الملاجئ للاختباء فى حال الحرب ، وقد وزعت قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية بالتعاون مع شركة خاصة حتى الآن 4 ملايين و200 ألف كمامة  على المواطنين .   وبرغم التصريحات التى يدلى بها نتنياهو فى كل مناسبة حول نية إسرائيل بضرب إيران ، وطبول الحرب التى تدق فى إسرائيل ؛ والإجراءات التى  يتخذها استعدادا للحرب وأخرها كان تعيين ديختر وزير الأمن الداخلي ؛ نجد بأن العالم لم يحرك ساكنا وكأن نتنياهو يهدد غزة وليس إيران الذى يعلم العالم قدرتها العسكرية والنووية ، ولعل ذلك يعود إلى مراوغة  نتنياهو السياسية وعدم التزامه بوعوده الذى لمسها الغرب به ؛ وهو نفسه غير مرغوب به لدى الكثير من القيادات السياسية الدولية وقد فقد مصداقيته فى الكثير من المواقف ؛ ولا يلقى استحسان من الكثير من الدول الأوروبية ؛ وكذلك الولايات المتحدة تحاول جاهدة منع هذه الخطوة الفردية من إسرائيل ؛  ولكن الانتخابات الأمريكية تقف بوجه باراك أوباما فلا يستطيع الإعلان عن موقفه الواضح من عدم رغبته فى ضرب إيران وتفضيله لفرض عقوبات وإنهاء ملف المفاعل النووي الإيرانى بشكل سلمى ؛ وذلك استنادا إلى أن الحرب على إيران سيكون لها تأثيرات إستراتيجية عميقة على المنطقة ، وسوف تدفع إسرائيل وكذلك الدول الغربية ثمنا باهظا نتيجة لهذه الضربة . وإيران نفسها أعربت عن ثقتها بأن إسرائيل لن تقدم على مهاجمة منشآتها النووية ؛ وقد قال الناطق بلسان وزارة الخارجية في طهران أن بلاده لا تأخذ التصريحات الإسرائيلية الأخيرة بهذا الشأن على محمل الجد كونها لا تستند إلى أي أساس .   فقاعات الهواء التى يطلقها نتنياهو بين الفينة والأخرى لم يراها أحد ، فالعالم ميقن بأن قرار الحرب على إيران يأتي نتيجة لفشل كل مساعي حل الأزمة النووية الإيرانية  بشكل سلمى ، وهو قرار ليس سهلا وبحاجة لإجماع دولي وله حسابات اقتصادية وسياسية ؛ ونتائج هذه الحرب ستغير خارطة المنطقة ومن سيقود الحرب وقتها حلف الناتو وليس إسرائيل ؛ ولو بادرت إسرائيل بضرب إيران فستكون بموافقة أمريكية وبترتيب دولي . Abber_ath@hotmail.com