"جبل الهيكل في أيدينا"، أعلن موتي غور عند دخوله الساحة البيضاء تحت المسجد المذهب. وكان غور، وهو علماني خالص، يقصد السيادة العلمانية التي تعرف كيف ترفع علما وتحقق السلطة وتحارب. كان في ذلك رمزية كبيرة مشتركة بين اليهودية والصهيونية. فبغير اليهودية ما كان اليهود ليختاروا المجيء الى صهيون خاصة، وبغير الصهيونية ما كانوا ليبنوا دولة وليحتلوا عاصمة وليحاربوا عن الارض والسيادة. وهذان الجزءان غذا بعضهما بعضا، وكان الحاخام غورين والبوق والصلوات يرمزون الى السكينة اليهودية التي عادت الى الجبل. وكان المظليون وموتي غور والصيحات في اجهزة الاتصال ترمز الى السكينة العلمانية التي استولت على الجبل. منذ تلك الايام في حزيران 1967 زالت عن جبل الهيكل السكينة العلمانية. وزال التأثر الذي غشي الاسرائيليين حينما سمعوا كلام موتي غور المسجل ورأوا علما من القماش يخفق فوق الجبل وسمعوا اصوات المسيرة العسكرية، ونُسي ذلك، وبقيت فقط السكينة الدينية. تحول جبل الهيكل من موقع فخر قومي الى موقع مشكلة قومية في نظر متخذي القرارات، أو كما يقول الكليشيه "برميل مواد متفجرة"، عمل دولة اسرائيل كله ان تحفظه جامدا. ان سبب تمجيدي لموتي غور هو ان أبلغت الشرطة في هذا الاسبوع حركة بني عكيفا انه لا يجوز لهم التجول في البلدة القديمة مع لافتات كُتب فيها "جبل الهيكل في أيدينا"، فالجملة التي كررها موتي غور ثلاث مرات في باحة الجبل أصبحت في نظر شرطة اسرائيل تحرشا. وكان الوحيدون الذين عرقوا في مقاعدهم في عدم ارتياح لسماع هذه البشرى هم ناس الصهيونية الدينية والاحزاب الدينية ونشطاء اليمين. فاسرائيل لم تُزلزَل ولم يتأثر أحد ولم تهتم وسائل الاعلام بذلك اهتماما كبيرا. على رغم الأصل الصهيوني والتاريخ وسائر التعليلات ذات الوزن الكبير فان تناسخ جبل الهيكل أفضى الى ان يكون الاسرائيليون الوحيدون المهتمون به اليوم منتمين الى مذهب السكينة الدينية. فتعليلاتهم دينية ومطامحهم دينية. واذا أخذنا في الحسبان ان أكثرهم لا يزورون الجبل بسبب موانع شرعية فانهم يشكلون أقلية غير مؤثرة حتى بين الجمهور المتدين. ومن المؤسف جدا انه لم ينشأ الى الآن ورثة لموتي غور في الصهيونية العلمانية، ورثة ذوو سكينة علمانية يتحدثون عن معنى جملة "جبل الهيكل في أيدينا". تعلن اسرائيل الرسمية مرة بعد اخرى السيادة على جبل الهيكل. ولم يقم الى الآن حزب حاكم يدعو بصورة معلنة الى تسليم الجبل الى أيدٍ اخرى، لكنه لا توجد سيادة على الجبل في الواقع في اسرائيل الحديثة بعد 45 سنة، فالأوقاف الاسلامية هي الحاكمة وهي التي تقرر ما الذي يجوز وما الذي لا يجوز، فهي دولة في داخل دولة. في المعركة على البلدة القديمة أراد موتي غور ان يتجنب المس بمتحف روكفلر الذي دخلوه من اجل الحفاظ على التاريخ، واليوم تتم في المكان الذي احتله (كما كتبت في الماضي) اعمال بنية تحتية مع هدم ذخائر أثرية، ولا توجد رقابة من سلطة الآثار ولا من الشرطة ولا يوجد حفاظ على التاريخ. هذا الى ان حرية العبادة – وهي لبنة أساسية في الدولة الديمقراطية والليبرالية – قد اختفت تماما في منطقة الجبل حينما يكون الحديث عن يهود يريدون الصلاة. فالاوقاف هي التي تقرر والاجانب هم الذين يُملون. وهكذا حينما أرادت بني عكيفا نقل رسالة فضلوا في الشرطة الهدوء. ليست الشرطة مذنبة، فأعمالها هي نتاج سياسة اسرائيلية أو اذا أردنا الدقة أكثر هي نتاج عدم وجود سياسة بصورة متصلة تتعلق بجبل الهيكل. وصار الامتحان الوحيد لتحقيق السيادة هو امتحان التحرش. وصار الهدوء بديلا عن السياسة ولا يهم كيف يكون.