في جلسة مع أحد السفراء الأوروبيين قبل ايام تطرق الحديث وتشعب في السياسة والاقتصاد والحصار والانقسام والذي يحدث في سوريا والأمل القادم من مصر ، قال احد الحاضرين وهو رجل اعمال مرموق " سيأتي اليوم الذي يقوى فيه العرب برجال من امثال الرئيس المصري الجديد وتتغير مصلحة اوروبا لتفضل التعامل مع العرب خلافا لهذه الايام التي ترى فيها اوروبا مصلحتها مع اسرائيل" واستطرد مبتسما وسط اهتمام واضح من الحاضرين " وساعتها سيفكر اليهود في اسرائيل في العودة الى أوطانهم في اوروبا" وبضحكة ساخرة " ارجو ان يتمتعوا في بيتهم الاصلي وان تتمتعوا معهم". وعلقت قائلا" ولماذا لا نتمتع سويا اليهود ونحن في هذه البلاد الجميلة؟" فرد بجدية" لأنهم لا يريدون العيش معنا ولا يريدون ان ينتموا للمنطقة ويريدون ان يحيطوا انفسهم بأسوار وأسلاك شائكة". نقلت الحديث الى زميل امريكي متخصص في دراسات الشرق الاوسط فعلق قائلا" أني اعتقد ان صاحبك على حق فمعظم اليهود لا يريدون العيش معكم ، ولكن دعني أسألك ان كان لديكم الاستعداد فعلا للعيش معهم؟" فقلت " ان المشكلة هي نوع العلاقة وان كانت بين متساوين ام بين خدم واسياد" فرد بصوت خافت كأنه يأسف" انهم لا يريدون ولا يقبلون التساوي معكم" وتلك هي لب المشكلة مع اليهود وإسرائيل ، انها العيون التي لا ترى فينا الا خدما على أحسن تقدير فنحن في نظرهم متخلفين ونحترف العنف ونكره اليهود والنصارى لدينهم ( ويستشهدون للاسف ببعض الجهلة من أئمة المساجد) وانه لا أمانة فينا ولا أمان. انهم اصبحوا قوة عظمى لكن كل ما لديهم من مصادر القوة لا يعطيهم شعورا بالأمان. والتطورات التى تزلزل المنطقة تجعلهم يحسبون ويعيدون الحسابات ثم يمزقون ما كتبوا ويعيدو الدراسة من جديد. الزلزال الاخير هو الذي ابتدأ في مجزرة مخيفة في سيناء واستمر ليقطع بعض الرؤوس التي أينعت في القاهرة. وليس اليهود فقط بل ان العالم كله يفكر ويعيد التفكير في ما الذي يحدث في مصر وما الذي يخطط له هذا الرئيس الجديد الذي يبدو انه قوي المعدن وطيب المعشر في ان، يدبر ويتدبر ويخطط ويصمم ثم يعلن بثقة ما استقر عليه دون تراجع او مهادنة ولكن بأدب ودبلوماسية . ولكن السؤال الكبير هو اين سيتجه الرئيس مرسي بالجمهورية الثانية ؛ الى الدولة المدنية الديمقراطية او الى حكم الاخوان المسلمين والدولة الدينية؟ استنبول ام قندهار؟ ان اكبر التأثير في المنطقة لخيارات مرسي سيكون هنا في غزة وفلسطين، فإذا اختار قندهار فإن ذلك سيشجع المتطرفين في حماس والسلفيون وأما اذا اختار نموذج استنبول فإن ذلك سيبدأ طريق المصالحة الفلسطينية التي لها أهميتها الاستراتيجية لأمن مصر واهمها ان تكون غزة ضمن دولة فلسطينية. لن يستطيع مرسي ان يتعايش مع الحصار على غزة وأكاد ارى فتح معبر رفح كاملا في اهم الأولويات لديه، لكنه يحتاج من حماس ان تساعده لو طلب منها تسليم عناصر إرهابية مختبئة في غزه وان تتعاون في التحقيق والتعامل مع نتائجه. ان مساعدته والوقوف معه سيكون له مردوده الإيجابي في هذا الظرف الدقيق والذي استغلته قوى إعلامية حاقدة للتشهير والاتهام لحركة حماس وغزة والفلسطينين عموما وانضم اليها بعض الفلسطينيون للاسف. ان مرسي يستطيع اليوم ان يفتح معبر رفح من الجانب المصري لان ذلك يعتبر ممارسة للسيادة المصرية على أراضيها خاصة وان مصر ليست طرفا في اتفاق المعابر المشهور باسم اتفاق كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية السابقة. يستطيع مرسي أيضاً ان يستدعي ابو مازن وخالد مشعل وإسماعيل هنية وسلام فياض ويطلب تشكيل حكومة فلسطينية واحدة ليبدأ تنفيذ المصالحة بفتح معبر رفح باتفاق الأطراف . ويبدو ان الأمريكان يأملون في علاقة صداقة مع النظام الجديد ولن يعارضوا ذلك حرصا على علاقة استراتيجية مع مصر. ان أنا متفائل واحترم الرئيس مرسي واحترم ذكاؤه وجرأته ووطنيته. والأيام بيننا!