العريش الاهرام عابس وجه سيناء مكفهرة رمالها حزين هواء الصيف في فضائها الرحب عندما وصلت إلي مشارف الحدود جثوت علي ركبتي وأطلب البكاء والتأمل لأنني وجدتها وكأنها غريبة علي وأنا غريب فيها أو أن كلينا بدأ ارتحال الغربة والتغريب هذه البقعة الطاهرة التي دفع الشباب مهر الحفاظ عليها دما ومازالوا.. ولم تحتل في أدبيات العاصمة الكاسحة بكتابها وفنانيها ونخبتها ـ الخائبة ـ سوي صفحات قليلة وأغنيات باردة مناسبات محددة, كانت تحذيرات العقلاء والمثقفين فيها منذ سنوات حول تنامي المد المتطرف من جانب جماعات ألجأت قادته وعناصره إلي التطرف ممارسات النخبة والحكام ومبعوثي وزارة الداخلية اليها لقهر الطبيعة والبشر فيها صرخنا في تحقيقات عدة في الأهرام محذرين ومنبهين ولكن.. لا مجيب وكأن الحكام بالفعل أرادوا سلخها عن الوطن وهو ما يؤكده المحامي حسني قمني ابن مدينة رفح الذي قام بتقديم بلاغ للنائب العام ضد وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي يتهمه باختلاق بعض القضايا مثل قضية طابا وتفجيرات شرم الشيخ لمعاقبة أبناء سيناء لاسيما وأن الاتهامات جاءت موزعة علي أبناء القبائل رغم تاريخها الجهادي الكبير فضلا عن تلفيق قضايا للبعض واتهام البعض الآخر مما عمق الكراهية ضد النظام بأكمله وتعدي الي كراهية الوطن واتاح لفكرة الانسلاخ والانفصال عن الوطن خصوصا ونسبة الأمية تصل الي90% بين أبناء محافظة سيناء. وهو ما أكده أحد الشباب بقوله سيناء ليست مصرية ونضحك علي بعضنا عندما نقول ذلك وما أعلنه آباؤنا في الحسنة عام1968 في مؤتمر الحسنة الشهير لتدويل سيناء كان أكبر خطأ مؤكدا أن مصر التي تقول أن سيناء جزء منها تركت المجاهدين والأبطال الذين ضحوا من أجلها وكانوا سببا في انتصارها عام1973 نهبا للأمراض في شيخوختهم وللفقر وأولادهم مثل موسي الرويشد في الخروبة وعودة اللونيمي في المنبطح وحسن خلف الجورة وغيرهم من الأبطال الكثيرين, لكن بعضهم بتسول أو يكاد مما أدي إلي ترسيخ ثقافة العداء مع الوطن بعد فقدان الانتماء, فضلا عن ترسخ ثقافة كراهية كل ما هو مصري, وهو ما تدعمه أفكار الجماعات التكفيرية التي تنعت نفسها بالجهادية والتي سيتواجد منها حسب المعلومات أكثر من5 جماعات أهمها التكفير والهجرة والشوري الجهادي والسلفي الجهادي, وذكر البعض القاعدة ولكن المنتمين اليها ليسوا في علاقة عضوية بالتنظيم وإن كانت هناك اتصالات منذ فترة قليلة خصوصا بعد فوز الاخوان والسلفيين في انتخابات مجلس الشعب لأنهم يرون أن جماعات السلف والاخوان أكثر خطورة علي الإسلام من الحكومات العلمانية أو العميلة. وهناك اختلافات بين السلف في شمال سيناء من منطقة لأخري ما بين متشدد ومرن ولكن لا يوجد بينهم تكفيريون.. إلا فيما ندر ـ هكذا يقول البعض ـ ورغم ضيق الرقعة الجغرافية التي يظهرون فيها إلا أن الاختلاف كبير فيما بينهم بخصوص مسائل مثل الترشح للبرلمان أو العمل في الحكومة في مناطق الشيخ زويد والماسورة وأبو شنار ورفح, أما الجماعات التكفيرية فتوجد حسب كثير من المصادر ـ جماعة جلجلت التي أعلنت إمارة لهم في رفح وقام قادة حماس بمهاجمتها وقتل البعض منهم, ومطاردة البعض الاخر الذي فر عبر الأنفاق إلي مصر ووصلوا إلي جبل الحلال الذي يعيش في مغاراته أكثر من ألفي مجاهد ـ كما يصفون أنفسهم ـ تحميهم جغرافية المكان واستراتيجية الجبل ويكشفه لكل ما حوله من أراض منبسطة مما يسهل كشف أي تحرك لقوات أو جماعات مناوئة ويصعب صعود الجبل علي أي مخالف.. وبساطة السيطرة عليه من عل فضلا عن قيام هذه العناصر المتطرفة بتلغيم ما حول الجبل في شكل حزام دائري خصوصا في المدقات والممرات المؤدية إليه. ويمتلكون أسلحة كثيرة جدا ووصلت اليهم أسلحة حديثة مما هرب من ليبيا وما هرب قبل ذلك من اسرائيل, ويؤكد أحد حائزي مثل هذه النوعية الحديثة من الأسلحة أن ما لديهم يحارب جيشا ولكن أي جيش سيحاربونه! وفي حين كانت عملية مطاردة عناصر إرهابية يقوم بها الجيش في مناطق الشلاج بالشيخ زويد والجورة واكتساحه لمنطقة التومة ومطاردة بعض العناصر حتي منطقة الزوارعة وقتل أكثر من23 عنصرا ارهابيا.. كانت هناك تعليمات تنقل عبر الهواتف المحمولة من قبل زعماء جماعات وأصحاب مخازن أسلحة وذخيرة بعدم الاقتراب من المخازن ومخابئ الأسلحة إلا في نطاق ضيق وللحفر وتعميق الدفن.وحسب ما التقطت تحقيقات الأهرام فإن سيارتين محملتين بسلاح صاروخي كانت في طريقها من المهدية وهي القرية الحدودية المتهمة بالتهريب ووجود كثير من العناصر التكفيرية بها إلي جبل الحلال(60 كم متر شرق) والعثور علي سيارتين.بعض المناطق واحدي القبائل التي ربما يكشف عن تورط كثير من أبنائها في الفكر الجهادي وبالتالي مسئوليتها الضمنية عن مقتل جنود وضباط الجيش المصري منذ ثلاثة أشهر وحتي الحادثة المفجعة الأخيرة.وإن كان محمد سالم المنيجي يري صعوبة كبيرة في مشاركة أحد من أبناء البدو بقتل الجنود إنما يمكن عن طريق ذوي النفوس الضعيفة تم استقبال العناصر الاجرامية وايواءهم وتقديم الدعم اللوجيستي والاستطلاعي لهم بمقابل مادي.وهناك من الجماعات التكفيرية الصغيرة اكثر من24 تنظيما ينتشرون في أطراف رفح والمهدية والجورة والقسيمة ولحفن وجبل الحلال وما حوله وبعض هذه التنظيمات لا يتجاوز عدد أفراده العشر أشخاص, عدد منهم قامت عائلاتهم وقبائلهم بطردهم مثل تنظيم سروت الذي بث فكره عام2005 فلسطيني من خان يونس عمل فترة في السعودية وعاد بفكر وهابي وربما تكون جهات أجنبية استخدمته وأسس مجموعة من عشرة شباب وبدأوا يكفرون الجميع وبدأوا في تكوين خلايا أخري في منطقة الماسورة تسربت أفكارهم لآخرين وكانوا يعلنون أنهم فقط هم المؤمنون المسلمون في جمهورية مصر العربية. وبعد تفرعهم تحلل فرع منهم وتحول إلي المذهب الشيعي, في منطقة ابو شنار وبعضهم قامت عائلاتهم بتشميسهم وهو ما يعني التخلي عنهم فإن قتلوا لا ثأر لهم ولا عزاء, والعلاقة مازالت ملتبسة في فكر الجماعات بين الانتماء للجماعة والانتماء للقبيلة.فكل قبيلة أصبح ينبثق منها عدد من الأفراد يحملون فكرا جهاديا متشددا مصطبغا في بعض جوانبه بروح القبيلة وتكوينها النفسي ونهج حياتها. والأمر يحتاج الي كثير من جهد وكثير من الحسم والتعامل مع هؤلاء الخارجين عن الناموس العام وطبيعة الحياة وأغلب أهلنا الشرفاء في سيناء يرفضون ما يفعلون ويرغبون في استتباب الأمن,الأمن الذي يملك ـ حسب كلام ابناء سيناء ـ كل المعلومات عن كل الأشقياء والتكفيريين بل إن بعضهم صناعته هو!