خبر : شدّي حيلك .. يا مصر !!..بقلم: هاني حبيب

الأربعاء 08 أغسطس 2012 11:48 ص / بتوقيت القدس +2GMT
شدّي حيلك .. يا مصر !!..بقلم: هاني حبيب



بينما كان وزير المخابرات المصرية مراد موافي على رأس مائدة إفطار رمضانية دعا إليها كبار رؤساء عشائر سيناء، كانت ثلّة من حرس الحدود المصريين عند العلامة "6" على الحدود بين جمهورية مصر العربية وإسرائيل، تتناول طعام الإفطار الرمضاني، في هذا الوقت بالذات قامت مجموعات إرهابية متأسلمة، تنقضّ على جنود وضباط حرس الحدود، تقتلهم باستثناء واحد منهم، أجبروه على قيادة مدرعة إلى داخل الحدود إلى إسرائيل، بقية ما جرى أصبح معروفاً للجميع، واعتبرت هذه الجريمة النكراء علامة فارقة سترسم خريطة العلاقات المركبة والمعقدة بين كافة الأطراف، إسرائيل، مصر، حركة حماس، وميليشيا الإجرام الإرهابية، وقد تتعدّى هذه الأطراف إلى روابط إقليمية ودولية.  وما كان أن تشكل هذه الجريمة أية مفاجأة، ذلك أن هذه القوى الإرهابية، ما كانت لتستكين أو تهدأ، منذ وقت ليس بالقصير، إلاّ لتقوم بعملية هنا أو هناك، مستهدفة في الأساس، حرس الحدود وقوى الأمن والجيش والشرطة في شبه جزيرة سيناء، وكلما نجحت في اختراق الحدود داخل الدولة العبرية، ما يشير إلى أن أية عملية من هذا النوع، لم ولن تشكل مفاجأة، في سياق عمل هذه الجماعات، أكثر من ذلك، فإن إسرائيل، وعلى لسان رئيس الدولة طالب السياح الإسرائيليين بمغادرة سيناء على الفور، قبل 48 ساعة من الجريمة، مشيراً إلى أن لدى أجهزة المخابرات الإسرائيلية معلومات عن عملية ربما تستهدفهم، وكالة "أسوشيتدبرس" الأميركية، أشارت نقلاً عن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إلى أن مخابرات الدولة العبرية تملك تقارير تشير إلى هجوم وشيك "لذلك كنا جاهزين لمواجهته"! فعن أية مفاجأة إذن يتم الحديث! صحيفة الـ "واشنطن بوست"، نقلت عن رؤساء قبائل في سيناء أن الخلايا المتطرفة الإسلامية المسلحة أنشأت مؤخراً (!) معسكرات تدريب في شمال سيناء، وقامت فعلاً بعدة هجمات تناولتها وسائل الإعلام في حينه، إلاّ أنها لم تؤخذ على محمل الجد، ولم تدق ناقوس الخطر لدى المستويات السياسية والأمنية المصرية.  لقد تأخرت قوى الأمن المصرية في الوصول إلى مكان الجريمة لأكثر من ساعة، حسب وسائل الإعلام المصرية، رغم ذلك، فإن كيل الاتهامات تم توجيهها للفلسطينيين، خاصة الغزيين منهم وحركة حماس تحديداً، وتحميلهم مسؤولية هذه الجريمة، مباشرة أو مداورة، مع أن المسؤولية تقع بشكل قاطع على أجهزة الأمن المصرية أولاً واخيراً، وإشارات متلاصقة حول رهانات على علاقات وطيدة بين الرئاسة الإخوانية في مصر وحركة حماس، من شأنها اطمئنان قوى متطرفة إلى العمل من دون عقاب، إلى إشارات أخرى من أن ذلك كله سيكون على حساب الأمن المصري، والأخطر، أن هذه الإشارات غير الموضوعية والتي أعقبت هذه الجريمة، أسندت تقارير وتحليلات فاضت بها معظم الفضائيات المصرية، الرسمية منها على وجه الخصوص، في البحث عن مجرم، ووجدت في الفلسطيني الغزي، كبش فداء، فقال أحد المحلّلين السياسيين على فضائية "النيل" الرسمية: إذا تقدر الوصول إلى أحد من الجناة، فإن حماس ستكون هي اللاعب وراء هذه العملية! بينما قال محلل وخبير في الشؤون العسكرية: إذا اضطررنا لضرب قطاع غزة كما فعلت إسرائيل، سنفعل ذلك، إذا ثبت أن دماء الشهداء المصريين كان خلفها منفذون قدموا من قطاع غزة (موقع وكالة "معاً" ـ 6/8/2012).  نقول، إن مسؤولية ما جرى، هي مسؤولية مصرية بالدرجة الأولى، مع معرفتنا المسبقة عن وضع الجيش المصري وقوى الأمن في ظل عدم الاستقرار الناجم عن تداعيات 25 يناير، ونعلم أنه ليس بمقدور هذه القوى، في الظروف الراهنة القيام بمهامها الأساسية، إذا كانت عاجزة عن تأمين معظم مستشفيات جمهورية مصر العربية من بلطجة الخارجين عن القانون، ما أدى إلى إغلاق مئات غرف الطوارئ في عدة مستشفيات أساسية، كما ندرك، أيضاً، أن اتفاق "كامب ديفيد" لا يسمح باستخدام قوى كافية للسيطرة على الأوضاع في شبه جزيرة سيناء، إلاّ أن ذلك كله، لا يعني توجيه الاتهام إلى طرف آخر، حتى مع الادعاء، بأن حركة حماس تمكّنت من فرض سيطرتها على حدود قطاع غزة مع إسرائيل، وأنها قادرة على فرض سيطرتها على الحدود، في الجانب الفلسطيني، مع جمهورية مصر العربية، فالمفارقة ليس في مكانها، لاعتبارات عديدة، أهمها أن الحدود مع جمهورية مصر العربية، وفي ظل الحصار الغاشم والدائم، باتت هشة نظراً للحاجة إلى قنوات التخفيف من هذا الحصار، من خلال مئات الأنفاق التي تخفف من خلال التجارة من ويلات الحصار، وصعوبة السيطرة على مدخلات هذه التجارة، من أسلحة ومخدرات وانتقال الخارجين عن القانون، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن قوى الأمن المصرية، تمكنت من القبض على مهرّبي أسلحة من ليبيا، والسودان وحسب اللواء سامح سيف اليزل، الخبير الاستراتيجي المصري، فإن ما تم الإمساك به من سلاح لا يتعدى عشرة بالمئة من السلاح المهرب، ما يشير إلى دولة بحجم مصر، لم تتمكن من السيطرة على تهريب السلاح، فكيف يطلب من القوى المسيطرة على قطاع غزة، على سبيل المثال، السيطرة على كافة أشكال التهريب للأسلحة وللأفراد، علماً أن قوى الأمن المصرية، عادة ما كانت تعيد إلى قطاع غزة، من تمكنت من إلقاء القبض عليهم إثر انتقالهم إلى مصر عبر الأنفاق!  حصر الاهتمام بدور فلسطيني مفترض وراء هذه العملية، تجاهل البحث عن دور إسرائيلي فيها، فقد كانت إسرائيل على علم بهذه العملية، ومن ناحية ثانية، فإن هناك شبهة اختراق إسرائيل للجماعات الإرهابية، خاصة وأن الجيش الإسرائيلي قتل كل الإرهابيين الذين دخلوا الحدود، مع أنه كان بالإمكان اعتقالهم أو اعتقال أحدهم للتحقيق للوصول إلى معلومات بالغة الأهمية. وحيث إن كل الخسائر، تمت على الجانب المصري، من دون أن يلحق أي أذى بالجانب الإسرائيلي، فإن دوراً إسرائيلياً لا بد من ملامسته، يهدف إلى توجيه إهانة، والتشكيك بقدرات الجيش المصري وقوى الأمن، وهو هدف إسرائيلي دائم، تمكنت المجموعة الإرهابية من تحقيقه لصالح الدولة العبرية. وفي دراسة بالغة الأهمية، نشرها الباحث في مركز "الأهرام" للدراسات محمد جمعة مؤخراً، لفت الباحث إلى معادلة العلاقات بين حماس وجمهورية مصر العربية حالياً، مستنداً إلى تصريح لمسؤول رفيع في حركة حماس لصحيفة "الحياة" اللندنية قال فيها: "العلاقة مع مصر الجديدة تقوم على توازن الحاجات، فقطاع غزة في حاجة إلى معبر تجاري مع مصر، ومصر في حاجة إلى من يحفظ أمن الجبهة الشرقية.. وكأنما حماس تلوّح للأجهزة الأمنية في القاهرة بـ"ورقة التعاون الأمني" في سيناء مقابل تلبية القاهرة لمطالبها.  هذه المعادلة، باعتقادنا، هي التي باتت تحكم العلاقة المستجدة بين حماس والرئاسة الإخوانية في مصر، إلاّ أن "عملية العلامة 6" تشير إلى أن حماس في افضل الأحوال، أعجز من أن تحفظ أمن الجبهة الشرقية لمصر، ما لا يمنح هذه المعادلة فرصة التعويل عليها، مع ذلك، فستبقى حماس تتلقى الاتهامات من عدة أطراف مصرية بهدف وقف أي تعاون مبالغ به من جانب الرئاسة الإخوانية مع الحركة! Hanihabib272@hotmail.com – www.hanihabib.net