خبر : لماذا حلب خاصة؟ / بقلم: تسفي برئيل / هآرتس 6/8/2012

الإثنين 06 أغسطس 2012 04:23 م / بتوقيت القدس +2GMT
لماذا حلب خاصة؟ / بقلم: تسفي برئيل / هآرتس  6/8/2012



  يوصف الهجوم الكبير على مدينة حلب في شمال سوريا وبحق بأنه معركة على مستقبل الدولة. والأنباء عن جريان المعركة متناقضة، فمن جهة تزعم قوات التمرد أنها سيطرت على ستة أحياء في المدينة وعلى الممر المهم الى تركيا. وينكر النظام ذلك بصورة جازمة ويزعم من قبله انه نجح في إبعاد المتمردين عن عدد من المواقع في المدينة. لكن كثافة الهجمات ومشاركة سلاح الجو والقصف الذي لا يتوقف وعدد القتلى الكبير تشهد على أهمية المعركة.             تكمن أهمية احتلال المتمردين لحلب قبل كل شيء في أنها ثاني أكبر مدينة في سوريا تُعد عاصمة الدولة الاقتصادية في مقابل المدن الاخرى مثل درعا وإدلب بل حمص التي لم تكن انتصارات الجيش السوري الحر فيها قادرة على جعل النظام ينهار. وفي المقابل فان سلبية حلب الى الاسابيع الاخيرة عززت زعم الاسد الذي قال ان "الشعب مع النظام".             ان 2.5 مليون ساكن في حلب ونحو مليون مواطن آخر في بلدات المحافظة هم في أكثرهم سنيون لكن المدينة رعاها الاسد الأب والابن لتكون ركيزة اقتصادية. ويسكنها اليوم كثير من موظفي الحكومة ذوي رتب مختلفة. فمجرد انضمام سكان المدينة الى التمرد تحول حاد اذا أفضى الى سقوط المدينة في أيدي المتمردين فقد يُعظم العصيان في دمشق بل قد يُسبب انهيار النظام.             ان سيطرة حلب على الممر الحيوي الى تركيا وقربها من الحدود التركية يجعلانها هدفا مفضلا لانشاء منطقة أمنية وقاعدة عسكرية لوجستية ومدنية قد يحدث فيها تدخل عسكري اجنبي ولا سيما تركي، والى هذا تطمح تركيا ايضا. اذا نشأت في حلب منطقة أمنية كهذه تستطيع المعارضة ايضا ان تعود الى سوريا بل تستطيع ان تنشيء فيها حكومة مؤقتة من داخل المنطقة. وذلك بخلاف الوضع الحالي الذي توجد فيه المعارضة في خارج حدود الدولة، وهي حقيقة تعوق قادتها عن زعم أنهم شركاء نشطاء في التمرد.             لهذا السبب تُشبه حلب ببنغازي في ليبيا حيث نجحت المعارضة والقوات المنشقة عن الجيش في ان تنشيء مركز سيطرة وادارة خرجت منه في حملة احتلالها لسائر أجزاء الدولة. وهذا التشبيه مُغري، لكن الظروف في سوريا مختلفة لأن القوات المقاتلة في سوريا ما تزال اذا ما قيست بليبيا يصعب عليها ان تبني لنفسها قيادة متفقا عليها تخضع لقيادة واحدة.             ما يزال يبدو ان كل عصابة مسلحة أو "كتيبة" تحكم المناطق المعروفة لها مع تنسيق ضعيف، هذا الى انه توجد مشاحنات بين المتمردين أنفسهم إما بسبب عرقي وإما بسبب ديني وإما بسبب سيطرة على مواقع حيوية تمهيدا للفترة التي تلي الاسد.             بحسب أنباء مختلفة تتنافس في المعركة من خارج حلب عشرات المنظمات التي تؤيدها دول مختلفة. ومشاركة السعودية وقطر وايران والعراق وكردستان وتركيا والولايات المتحدة ايضا في المدة الاخيرة في التمويل والتسليح أصبحت حقيقة مكشوفة، لكن هذه المشاركة ايضا لا تنجح في توحيد الصفوف بين أجسام المعارضة لأنه لا يوجد لبعض الدول كايران أو العراق اهتمام ألبتة في ذلك وهي تعتمد خاصة على الانقسام باعتباره أداة للتأثير في سوريا في المستقبل.             وهنا تكمن أهمية كبيرة اخرى لاحتلال حلب، فالاستيلاء على المدينة قد يُهيء عنوانا واحدا لا للمتمردين وحدهم بل للدول التي تؤيدهم، ويُمكّن من مساعدة أكثر تنظيما وكثافة برعاية دولية كانت تعوزهم الى الآن، وقد يكون هذا ايضا نقطة تحول بالنسبة لروسيا والصين اللتين ما تزالان تؤمنان بقدرة الاسد على احتلال الدولة من جديد. واحتلال حلب قد يسبب في نهاية الامر ايضا انشقاقات جماعية أكثر كثيرا مما حدث الى الآن لأن عائلات كثير من الضباط الكبار تسكن المدينة وهرب كثير منها الى تركيا أو لبنان.