أبلغ رئيس "أمان" السابق اهارون زئيفي – فركش ايران والعالم في ليلة السبت في القناة الثانية الاسرائيلية ان الجيش الاسرائيلي يوشك ان يهاجم في غضون بضعة اسابيع. ويجوز ان نفترض ان فركش، وهو من ذوي المسؤولية والاتزان من المتحدثين، عرف ما الذي يتحدث عنه. فهو لم يستقل من منصبه شاعرا بالمرارة وليست له كما نعلم حسابات شخصية كثيرة وهو لم يقل ما قال مُستلا إياه من خصره أو طامحا الى افساد خطط. حظي على الفور بالطبع بتوبيخ بالاشارة من رئيس جهاز الاعلام القومي روني دانيال، لكنه لم يكن يستطيع ان يمحو تأثير كلامه عن ان اسرائيل توشك ان تخرج الى حرب اختيارية اخرى. بعد اربع أو خمس حروب اختيارية سابقة أنشبتها اسرائيل، ويتعلق ذلك بكيفية العد وماذا نعد، لم تحرز واحدة منها (!) نتائجها المأمولة، تريد اسرائيل ان تخرج لحرب اختيارية اخرى. وقد عُرضت كل سابقاتها في البدء على أنها قصص نجاح تُدير الرؤوس، وهتف الجميع تقريبا لها بل أججوها في بدايتها، وبعد مرور الايام والشهور فقط بدأ الاسرائيليون ينتبهون من الحلم ويدركون أنه كان الحديث عن كابوس وعن حرب عبثية اخرى مع قتلى عبثيين. ان الحرب القريبة مثل سابقاتها جميعا ايضا أصبحت تُعرض على انها حرب لا خيار فيها وانه ليس لاسرائيل التي تطلب السلام والامن أي خيار آخر سواها، لكنها مثل أكثر حروب اسرائيل كانت وستكون حربا اختيارية. يصعب جدا ان نرى كيف ستكون أنجح من سابقاتها؛ ومن السهل جدا ان نرى كيف قد تتحول الى الأشد فظاعة. ستخرج اسرائيل لهذه الحرب الاختيارية بخلاف سابقاتها وهي مستعدة: فقد فحص خبراء ابحاث العمليات في جهاز الامن من قبل ووجدوا انه سيقتل فيها بين 200 – 300 اسرائيلي اذا مر كل شيء كما ينبغي وبحسب خطط قسم العمليات، وهذا أمر نادر غير معقول في ذاته. ان الحديث عن آخر تحديث حتى الآن للجهاز: فقبل بضعة اشهر قال وزير الدفاع ان العدد الغالب هو 500. وبعبارة اخرى يريد رجلان هما رئيس الوزراء ووزير الدفاع ان يحكما على مئات الاسرائيليين على الأقل ممن يقرأون الآن هذه السطور وممن لا يقرأونها، بالموت. ولا يمكن هذه البشرى ألا تثير اسئلة اخلاقية صعبة جدا حتى بين من اقتنعوا بأنه ليس لاسرائيل خيار آخر. أهل غوغائية؟ هذا مؤكد وبلا خجل. ان الحديث عن مئات البشر على الأقل استقر رأي قادتهم على الحكم عليهم بموت معلوم سلفا، وهم لم يتطوعوا بالموت، ولم يسألهم أحد عن ارادتهم حتى ولا ممثلوهم. وقد اتخذ قرار موتهم القريب في الظلام اولئك المحروسون المحميون من كل خطر هم وأكثر أبناء عائلاتهم، ولن تسقط شعرة واحدة من شعر أصحاب القرار، هكذا هي الحال في الحروب الاختيارية فلا يمكن اجراء استفتاء للشعب في القيام بها ويمكن فقط جعل الآخرين يتطوعون للموت فيها. صحيح ان أصحاب القرار لا يختارون من يموت لكنهم يقررون بيقين ان يموت آخرون، كثير من الآخرين. ولهذا لا يمكن التهرب من السؤال عن عدم اخلاقيتهم. تعالوا نفترض ان تكون الفائدة تعادل الذهب بحيث تنهار ايران وينهار نظام حكمها ويحل محله في الحكم "ميت رومني الايراني" ويجعلها دولة مسالمة مجردة من سلاحها كله. فهل يوجد من هو مستعد لأن يُقتل من اجل هذا. أيوجد واحد؟ لينهض اذا. ولأنه لم ينهض أحد فقد بقي السؤال داميا بكامل قسوته. لكن هذه جميعها سيناريوهات الأمل الكبير لأن مئات "فقط" سيُقتلون وسيكون النجاح مُديرا للرؤوس في المقابل، ويوجد بالطبع ايضا امكانية اخرى لا يستطيع أحد ان ينكرها وهي ان يتحول مئات القتلى الى آلاف وآلاف الجرحى الى عشرات الآلاف والنجاح الى فشل؛ وربما يحدث تأخير لتحقيق المشروع الذري وربما يحدث حفز له؛ وربما تقع حرب بين اسرائيل وايران وربما حرب اقليمية شاملة؛ وربما تكون الجبهة الاسرائيلية الداخلية مصممة ومحمية وربما لا تكون، والعياذ بالله. وماذا سيحدث آنذاك؟ هل ننشيء لجنة تحقيق؟ أواحدة اخرى؟ هل نقول إننا كتبنا مقالة اخرى تعارض الحرب القادمة، حرب اسرائيل الاختيارية السادسة؟.