خبر : دونم هنا، كبش هناك / بقلم: عميرة هاس / هآرتس 3/8/2012

الجمعة 03 أغسطس 2012 04:35 م / بتوقيت القدس +2GMT
دونم هنا، كبش هناك / بقلم: عميرة هاس / هآرتس 3/8/2012



تحت عين ابراهيم بني جابر اليسرى تطل رضوض. الضربات على أذن أخيه جودت اليمنى، والتي لا تزال تعطيه احساسا بالثقل في رأسه، لم تترك آثارا. في لقاء في بيتهما في قرية عقربة في منتصف الاسبوع، قللا من الكلام لوصف الخوف والالم اللذين شعرا بهما حين تعرضا للضرب. تحدا أكثر عن خراف العائلة، التي سارعا الى انقاذها يوم السبت، السابع من تموز، عندما سمعا المستوطنين يهاجموها.             المواجهة العنيفة بين المستوطنين من منطقة ايتمار والبؤرة الاستيطانية 777 وبين سكان عقربة كانت خطيرة للغاية هذا الشهر، ولكنها لا تزال جزءا من الحياة اليومية المتمثلة بالتنكيلات والاعتداءات والاضرار. وفي احيان بعيدة فقط تصبح هذه الحالات أنباء. بشكل عام، اذا كان هناك تحقيق، فلا تكون لائحة اتهام.             وفي القائمة غير الكاملة التي لا تتضمن القدس للتنكيلات التي وقعت الشهر الماضي فقط تستند الى تقارير مؤكدة وشهادات عيان جمعتها منظمات "تعايش"، "اوتشا" و "بتسيلم". وستواصل "هآرتس" المتابعة الدائمة لاحداث مشابهة ومعالجة السلطات لهذه التنكيلات.             يوم السبت السابع من تموز، عندما كان الشقيقان بني جابر يعملان في حقل القمح، اتصل الاخ جهاد، الذي كان مع القطيع بهما فزعا. وصرخ: "المستوطنون نزلوا الى النبع وهم يذبحون الخراف". وكان الشقيقان على مسافة نحو ثلاثة كيلو مترات من النبع والبستان الذي ينبت في الوادي شرقي قرية يانون. جودت، ابن 44، ذهب ليتحدث مع الجنود الذين رافقوا المزارعين الفلسطينيين الى الحقل.             قبل نحو نصف سنة، بدأ الجيش الاسرائيلي ينعش أمر ميدان النار، في المنطقة التي توجد فيها حقول وكروم العائلة ومباني سكنية لبعض عائلات عقربة. ومع احياء ميدان النار، بدأ الجيش الاسرائيلي يمنع الفلسطينيين من الوصول الى اراضيهم. البؤرة الاستيطانية 777 (من أنسال مستوطنة ايتمار) توجد في ذات ميدان النار (904 أ). درور أتكس، الباحث في السيطرة الاسرائيلية على اراضي الضفة الغربية، يقول ان معظم الاراضي المفلوحة لـ 777 توجد في اراض خاصة فلسطينية وفي ميدان النار.             في الاشهر الاخيرة، بدأ رئيس مجلس يانون، راشد فهمي، المجموعة الاسرائيلية – الفلسطينية "مقاتلون في سبيل السلام" و "حاخامون من أجل حقوق الانسان" في حملة طويلة ومضنية من التوجهات الى السلطات، بطلب احترام حق الفلسطينيين في فلاحة اراضيهم. واعطت الجهود ثمارا مريرة: سمح للمزارعين بالتوجه الى الحقول بتنسيق ومرافقة عسكرية لاسبوع واحد، بين 3 و 10 تموز. اما القمح فقد بات جافا في معظمه.             سيارتا جيب عسكريتان انضمتا الى نحو أربعين مزارعا جاءوا الى حقولهم في صباح السبت. بعد أن اتصل جهاد، في حوالي الثانية ظهرا، قال جودت لجندي ناطق بالعربية ان شيئا سيئا يحصل في النبع. وأخذ الانطباع بان الجندي يستخف بقوله: في هذه الاثناء، ابراهيم، ابن 42 سارع الى النزول عن الجبل، باتجاه النبع. وكان يحمل في يده عصا للسير يستخدمها في اثناء الرعي. وكان جهاد قد فر من المكان. اما الخراف – بعضها أصيبت. وبين اولئك الذين بقوا ضربها المستوطنون. كان ربما عشرة مستوطنين، ربما عشرين. "ماذا فعلت لكم الخراف"، هتف بالعربية.             في هذه المرحلة، انضم عدد من ابناء العائلة. في هذه الاثناء جاء ثلاثة أو أربعة جنود منعوهم من الاقتراب من الخراف. عدد المستوطنين زاد. ومعظمهم كانوا يلبسون قمصانا بيضاء. اثنان، على ما يبدو، كانا مسلحين. ابراهيم يقول انه لوح بعصاه لابعاد مستوطن عن خروف. فأمسك به جندي، كما روى، وضربه بكعب البندقية تحت عينه. فسقط ونهض وهو ينزف جدا. رأى ان الجندي يخرج قيدا بلاستيكيا كي يعتقله وبدأ يهرب "خوفا من أن يبقوني للمستوطنين ليضربوني" (مثلما حصل في عوريف في حزيران، ع. ه). وكانت طلقات رصاص، يقول. وبدأ يسير جنوبا، وهو ينزف.             الجنود، الذين منعوا جودت من الوصول الى شقيقه، قيدوه وأجلسوه بالقوة على الارض. ضربه جندي بعصا على أذنه، كما روى. كما أن جنديا ركله في ذات المكان. وهو مكبل، ويداه خلف ظهره، رأى المستوطنين يقتربون نحوه واخذ الانطباع بان أحدهم كان يحمل بلطة. هنا، روى لـ "هآرتس"، اغمض عينيه وودع الحياة. ويستنتج بانه ضرب بكعب البلطة وفقد وعيه. وحسب شهود عيان، على مدى نحو ساعتين لم يسمح الجنود للسكان بانقاذه. وهو يتذكر بانه استيقظ حين نقل في سيارة اسعاف اسرائيلية الى سيارة اسعاف فلسطينية في الطريق الى مستشفى في نابلس.             وكانت المواجهة وقعت في عدة ساحات. لم يرَ احد كل صورة الوضع. وبدا لسكان عقربة المعتدى عليهم بان عدد المستوطنين أخذ بالازدياد وبلغ العديد من العشرات. وكان تراشق للحجارة بين الطرفين وأطلق الجنود النار في الهواء وقنابل الصوت وقنابل الغاز المسيلة للدموع القيت نحو السكان الذين هرعوا لنجدة اخوانهم. واندلعت النار في الحقول، سواء باحراق متعمد أو بسبب قنابل الغاز والصوت. احد سكان القرية اصيب بقنبلة غاز مسيلة للدموع، آخر اصيب في ذراعه برصاصة معدنية مغلفة بالمطاط – جرح عميق احتاج الى الادخال الى المستشفى.             فرد آخر من العائلة عدوان بني جابر، ابن 58 سنة، كان هو ايضا في الحقل روى بانه "على مسافة نحو 800 متر من البستان التقيت بجنود وبمستوطن. وبدأ الجنود يطلقون النار. سألت "لماذا تطلق النار، أنا في بيتي"، فصرخ عليه "ارجع" . "الى اين ارجع"، قلت، "هذا بيتي". الجندي قال لي "لا توجد اي مشكلة ولا يوجد جرحى". فشعر بخبطة في رأسه – بحجر. وعلى حد قوله رشقه مستوطن – بحضور الجنود.             وجاء من الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي التعقيب بانه "من الفحص الذي اجري تبين أن الحالات موضع الحديث (اصابة جودت، ابراهيم وعدوان بني جابر، ع.هـ) غير معروفة. في تاريخ 7/7/2012 وقعت مواجهة بين بعض المستوطنين وبعض الفلسطينيين. وواصل العديد من الفلسطينيين الوصول الى منطقة المواجهة، وبدأ تراشق متبادل للحجارة واحراق قام به الفلسطينيون. وعملت قوات الامن في المكان لتفريق المواجهة في ظل استخدام وسائل تفريق المظاهرات. في اثناء المواجهة اصيب مستوطن وفلسطينيان بجراح طفيفة. وعالجة قوات الطب العسكرية الجرحى، وأخلت الفلسطينيين لمواصلة تلقي العلاج الطبي في المستشفى. وجرى التحقيق في الحدث من قبل القادة الكبار واستخلصت الدروس المناسبة".             وافاد جهاد بمقتل 14 خروف: 4 قتلوا في ذات اليوم و 10 اخرى في الايام التالية. ولم يعد يسقي القطيع من النبع. المنطقة الزراعية كلها عادت لتغلق في وجه سكان عقربة ويانون. من بعيد يرون المستوطنين الذين يسكنون في ميدان النار 904 أ ويفلحون أراضيهم.