بينما تختنق الطبقة الوسطى تحت عبء الضرائب المرتفعة والتقليص المرتقب في ميزانيات الوزارات الحكومية سُئل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن الميزانيات الخاصة التي تنقل كل سنة الى المستوطنات. فادعى نتنياهو "هذه المبالغ هامشية. هذا لاغ وملغي. اما من ناحية المعطيات فانها تبين أن الحديث يدور عن اكثر من مليار شيكل في السنة – المبلغ البعيد جدا عن تعريف "الهامشي". من معطيات مصدرها مكتب الاحصاء المركزي يتبين أن معدل سكان منطقة يهودا والسامرة بين عموم السكان في اسرائيل بقي مستقرا في السنوات الاخرة – في العام 2002 كان الحديث يدور عن نحو 212 الف نسمة هم نحو 4 في المائة من عموم السكان. اما في العام 2010 فبات العدد نحو 311 الف نسمة، ولكن معدلهم بين عموم السكان بقي مشابها. بالمقابل، فان الميزانيات الخاصة التي نقلت في العقد الاخير للمستوطنات شهدت ارتفاعات وانخفاضات – وتمتعت بازدهار في عهد حكومة نتنياهو. فهل يستحق سكان المستوطنات التمتع بميزانية فائضة؟ هناك من يقول نعم وهناك من يقول لا. ولكن السؤال ليس قيميا بل من حيث الحقائق: هل هذه "مبالغ هامشية" كما يدعي رئيس الوزراء. الجواب على ذلك، على الاقل حسب معطيات مكتب الاحصاء المركزي، هو لا. الميزانية الخاصة موضع الحديث تتناول النفقات الخاصة لسكان المستوطنات: فهي لا تتضمن عموم الخدمات المقدمة لسكان المستوطنات بصفتهم مواطني الدولة والتي تمنح لكل مواطن في نطاق الخط الاخضر ايضا، كما أنها لا تتضمن نفقات الامن والتحصين الخاصة المطلوبة لهم، بحكم سكنهم بجوار سكان فلسطينيين. وبالتالي فان المقصود هو العلاوات فقط – استثمار الدولة في تطوير المستوطنات.من 32 الى 145 مليونمستوى الميزانية الخاصة في العقد الاخير تأثر بشكل جوهري بهوية الحكومة في تلك الفترة: فقد منحت حكومة ارئيل شارون المستوطنات مبالغ عالية نسبيا، بلغت حتى 1.7 مليار شيكل في العام 2003؛ في عهد ايهود اولمرت كرئيس للوزراء هبط المبلغ بل ووصل الى نحو 773 مليون شيكل؛ ولكن منذ انتخب بنيامين نتنياهو لرئاسة الوزراء سجل ارتفاع ويصل المبلغ الان الى اكثر من مليار شيكل. على مدى السنين ازداد عدد سكان المستوطنات بنحو 50 في المائة، وبالتالي وبالنسبة لحجمهم وفي نظرة واسعة لعشر سنوات طرأ تقليص في الميزانية. ومع ذلك، في العام 2011 ارتفعت الميزانية الخاصة بنحو 30 في المائة، رغم أنه في هذه الفترة ازداد عدد السكان في يهودا والسامرة باقل من 5 في المائة. وتعتمد معطيات الميزانية على معطيات مكتب الاحصاء المركزي كما نقلت الى حركة السلام الان، وفي وزارة المالية ايضا يستندون اليها. ومع ان المعطيات تتناول ايضا الميزانيات التي نقلت الى منطقة الجولان ايضا، ولكن هناك يدور الحديث عن بضعة الاف من السكان. كما يتبين من معطيات مكتب الاحصاء المركزي ان المستوطنات حظيت في السنوات الاخيرة بميزانية متوسطة عالية بالنسبة لنصيبهم بين السكان في عدة مجالات: معدلهم بين السكان هو 4 في المائة، ولكنهم يحظون بالمتوسط بـ 13.6 في المائة من ميزانية البناء في وزارة التعليم، 11.5 في المائة من منح الاستثمار في الزراعة و 15.1 في المائة من ميزانيات تطوير المناطق الصناعية الجديدة. كما طرأ ارتفاع على مدى السنين في قسم من الميزانيات الحكومية التي نقلت الى المستوطنات: ميزانية التعليم التي بلغت 32.3 مليون شيكل في العام 2003 ارتفعت في العام 2011 الى 145.2 مليون شيكل – المعطى الذي لا يتناسب والزيادة الطبيعية في هذه المناطق – والميزانية التي نقلت من وزارة المواصلات ارتفعت من 10.7 مليون شيكل في العام 2003 الى 27.3 مليون شيكل. بالمقابل، في قسم من ميزانيات الوزارات سجل هبوط. ضمن امور اخرى: نقلت وزارة الاسكان الى المستوطنات 553 مليون شيكل في العام 2003، بينما نقلت 87.8 مليون شيكل في 2011. اضافة الى ذلك قلصت وزارة الصناعة والتجارة ميزانيتها للمستوطنات من 27.7 مليون شيكل في العام 2003 الى 10.2 مليون شيكل في العام 2011. شتاينتس: زدنا المساعدةليست الارقام وحدها هي التي تتناقض وتصريح نتنياهو – بل ان وزير المالية يوفال شتاينتس يناقضه ايضا. ففي مقابلة أجرتها صحيفة "ميكور ريشون" مع شتاينتس في شهر نيسان تباهى بالمساعدة التي منحتها حكومته للمستوطنات. وقال: "لا اريد الدخول في الارقام، ولكن يمكن القول ان المساعدة للاستيطان في يهودا والسامرة والجولان ازدادت بعشرات في المائة في فترة ولايتي كوزير للمالية". وجاء من مجلس "يشع" للمستوطنين التعقيب التالي: "سكان يهودا والسامرة لا يستحقون اليوم أي امتياز خاص، وبالتأكيد ليس في الضرائب. في العقد الاخير انخفض الاستثمار العام في يهودا والسامرة بالنصف، بينما عدد السكان ازداد ضعفين. محاولة اللعب بالمعطيات لتقديم عرض عابث هي محاولة صبيانية ومثيرة للشفقة. ولكن فضلا عن ذلك – الاستيطان هو قيمة وطنية وليس مصلحة تجارية – اقتصادية. اما رئيس مجلس "يشع" داني ديان فاضاف: "التقرير مليء بالتلاعبات الاحصائية المثيرة للحفيظة. فمثلا، يتناولون نسبة سكان المناطق في عموم السكان بدلا من نسبتهم بين التلاميذ. لو كانوا أخذوا المعطى الصحيح لرأوا أننا مظلومون.