قبل عدة أيام رفض الاتحاد الاوروبي مرة اخرى طلب اسرائيل الاعلان عن حزب الله كمنظمة ارهابية. وجاء الطلب بعد العملية في بلغاريا، والتي قتل فيها ارهابي خمسة سياح اسرائيليين، واصاب نحو ثلاثين، وعلى خلفية المخاوف الدولية من نقل السلاح الكيماوي من سوريا الى حزب الله. وكان تعليل الرفض، ضمن امور اخرى، كون حزب الله حزب سياسي ايضا. حزب الله، الذي تعتبره الولايات المتحدة منظمة ارهابية، يلعب في ملعبين: منظمة ارهابية تستخدمها ايران وتنفذ اعمالا ارهابية، وحزب سياسي لبناني ايضا. الموقف الاوروبي، الذي بموجبه النشاط السياسي هو الحماية من الاعلان عنه منظمة ارهابية – او دليل على أنه اذا كنت سياسيا فانك لست ارهابيا – هو موقف خاطيء، يمنح شرعية للارهاب ومن شأنه ان يوجه ضربة قاضية للمحافل المعتدلة. على اوروبا الديمقراطية، التي تتعرض للارهاب في اراضيها، ان تقرر بالقطع بانه لا يمكن ممارسة الارهاب وتلقي الشرعية كحزب في آن واحد. العكس هو الصحيح: شرط المشاركة في الانتخابات الديمقراطية وتلقي الشرعية من العالم هو التخلي عن الارهاب. لقد تعلمت اوروبا في الثلاثينيات بالطريقة الصعبة – والشعب اليهودي على جلدته حقا – بانه يجب ترسيم حدود وشروط للمشاركة في الانتخابات، وعدم السماح للقوى المؤيدة للعنف بان تجمع القوة بالوسائل الديمقراطية. فالديمقراطية هي منظومة قيم: من لا يقبل هذه القيم، لا يمكنه أن يستغل الطريقة لاغراضه. القاعدة الديمقراطية الاساس هي الحكم، وحق الحكومة في احتكار استخدام السلاح. اما حزب الله بالمقابل، هو ميليشيا مستقلة مسلحة تتلقى توريدا للسلاح من ايران ومن سوريا. لا توجد دولة ديمقراطية في العالم تعرف ميليشيا مسلحة كحزب سياسي. هذه هي القواعد الدستورية التي طبقتها اوروبا للدفاع عن نفسها. هكذا تقرر في اسبانيا، حين حظر على حزب المشاركة في الانتخابات بسبب العنف. وهكذا طلب من شين فاين في ايرلندا الشمالية. وهكذا ايضا في اسرائيل الديمقراطية، التي استبعدت حزبا عنصريا، وهكذا يجب مطالبة الجميع. ما هو جيد لاوروبا يجب أن يطبق ايضا على المنطقة العنيفة التي نعيش فيها، والا فان العنف سينتشر الى عموم العالم. رغبة مثل هذه المنظمات في التأثير السياسي هي السبيل لى دفع مجموعات متطرفة الى الاعتدال والزامها بالتخلي عن العنف والارهاب. ولن يأتي الاعتدال الا اذا اجبرتها الاسرة الدولية على الاختيار بين العنف والقوة السياسية الشرعية. الموضوع ليس ايديولوجيا نظريا. عندما كنت وزيرة الخارجية والقائمة باعمال رئيس الوزراء، سعيت الى اقناع الاسرة الدولية بالزام منظمات الارهاب الاختيار بين السياسة وبين الارهاب قبل دخولها الى السياسة. والجواب الذي تلقيته كان: "انظري الى حزب الله – الذي توجه الى الاعتدال مع تحوله الى لاعب سياسي". بعد عدة أسابيع من ذلك، دحضت النظرية، حين هاجم حزب الله الاراضي السيادية لاسرائيل وقتل واختطف جنودا من الجيش الاسرائيلي. الصراع بين المعتدلين والمتطرفين العنيفين في دول المنطقة هو لعبة نتيجتها الصفر. عندما يضعف طرف، فان الاخر تتعزز قوته. وفي غياب التمييز بينهما، لا يمكننا أن ندفع الى الامام بالسياقات وتعزيز البرغماتيين. اعطاء شرعية لمنظمة ارهابية لحقيقة أن لها ذراع سياسي لن يؤدي الى اعتدالها، بل العكس، فهي ستستخدم قوتها العسكرية والعنف كي تفرض رؤيتها المتطرفة على الاحزاب الشرعية الاخرى. فمن يمكنه أن يعارض شريكا ائتلافيا له جيش خاص به؟ التمييز بين الاحزاب الشرعية ومنظمات الارهاب، بين المعتدلين البرغماتيين والمتطرفين العنيفين، هو الامل الوحيد لانتصار المعتدلين. ثمة حاجة لتأكيد ذلك والقول: العنف والارهاب ليس في بيتنا، ليس على اراضينا وليس على الاطلاق. السبيل للشرعية يمر عبر التخلي عن العنف.