طويل، منتصب القامة، ذو شارب، وصوت رخيم، اصغر من سنواته الـ 76، هكذا بدا عمر سليمان. لقد بدا واثقا من نفسه، يشعر باستقلاليته ويسيطر على الوضع. خلافا لوزراء آخرين في مصر، لم يدرج سليمان على تكرار جمل مثل "برأي الرئيس مبارك"، "وفقا لتعليمات الرئيس" وما شابه. فقد اكثر من الحديث باسمه شخصيا، تحليل الوضع في العالم وفي المنطقة وعرض أهداف مصر، كما يراها. جنرال حتى بالملابس المدنية، فماذا كانت احلامه عندما كان الرجل القوي في مصر؟ عندما كان يخيل أن احدا لن يتجرأ ابدا على التذاكي معه، لما لديه من معرفة هائلة محفوظة عن الكثير جدا من الناس؟ فهل اعتزم، منذ ذلك الحين ان يحاول الحصول على منصب الرئيس بعد نهاية ولاية مبارك؟ هل أغاظته نية مبارك تعيين ابنه في المنصب؟ هل القرار بالمنافسة على الرئاسة لم يولد الا بعد الثورة المصرية؟ كل هذا لن نتمكن بعد الان من معرفته. عمر سليمان، الذي لم يعينه الرئيس نائبا له الا بعد اندلاع الثورة، كان نائبا بكل معنى الكلمة. "الملف" الاسرائيلي – الفلسطيني كان في يده. لم تكن لديه اي مشكلة في المجيء الى اسرائيل والحديث هنا مع كل من انتخب للقيادة. السلام الاسرائيلي – الفلسطيني كان في نظره مصلحة مصرية هامة مثلما هي المصالحة الفلسطينية الداخلية في نظره مصلحة مصرية. في هذين المجالين لم يتمكن من أن يرى نتيجة مباركة، ولكنه لم يوافق على رفع اليدين وبذل جهودا كبيرة لنجاحهما. صديق اسرائيل؟ تبسيطي جدا. لم أسمع ابدا على لسانه موقفا متحمسا من اسرائيل. فقد رأى في السلام حجر زاوية في علاقات مصر – الولايات المتحدة، التي كانت في نظره هامة جدا. وكانت الجيرة الطيبة مع اسرائيل هي ايضا ذات اهمية في نظره، ولكنه لم يوفر انتقاده لسياسة حكومات اسرائيل. فقد أكثر من انتقاد حكومة اولمرت على معالجتها لقضية جلعاد شليط: التذبذب بين البيان الاول، في أنه لن تجرى مفاوضات مع الخاطفين، وبين الاستعداد للمفاوضات، بعد وقت غير بعيد من ذلك. كما أنتقد اسرائيل على جر الارجل، وقبل نحو ثلاث سنوات من تحرير جلعاد قال ان في نهاية المطاف ستعيد اسرائيل الف سجين فلسطيني مقابل جندي واحد، وانه خسارة على أن يبقى الجندي في الاسر سنوات زائدة. في نطاق الوزارة الحكومية لشؤون الاستخبارات في القاهرة، التي كان يقف على رأسها، كان الهدوء احد المزايا الاساس: قلة من الناس كانوا يتجولون فيها. كانت دوما نظيفة ولامعة، وكأنها تنتظر زيارة القائد. ارتياح سليمان ونوابه بث احساسا بالقوة. الى ان جاءت الثورة، وبعدها تعيينه القصير جدا كنائب، بيانه عن "استقالة" الرئيس مبارك وبعد ذلك – القرار المفاجيء بالترشيح للرئاسة، واستبعاده بسبب نقص نحو 30 توقيعا، وعندها – الموت المفاجيء. الربيع العربي وضع حدا لقوة الاشخاص الاقوياء. الحوار مع أناس ضعفاء محبط جدا ودوما سيكون هناك من يشتاق، عن وحق او عن غير حق، لمن يملكون القوة، او من يدعون بانهم كذلك. موت سليمان يرمز بالشكل الاكثر ملموسية – خيرا او فضلا – لوداع من اعتدنا عليه في الدولة العربية الاهم.