خبر : مصابو العمليات العدائية/بقلم: جدعون ليفي/هآرتس 22/7/2012

الأحد 22 يوليو 2012 02:01 م / بتوقيت القدس +2GMT
مصابو العمليات العدائية/بقلم: جدعون ليفي/هآرتس 22/7/2012



 أسقط الارهاب في نهاية الاسبوع ضحية اخرى: موشيه سيلمان. كل محاولات خصخصة وفاته وعرضها كـ "مأساة شخصية" من قبل أبي الخصخصة الوطنية، بنيامين نتنياهو، لن تنجح في تغيير الصورة: سيلمان كان مصابا للعمليات العدائية، العدائية للضعفاء، ومثله يوجد ايضا عشرات آلاف المواطنين، المصابين بذات العداء. بعضهم أضعف من سيلمان، يتدهورون الى الشارع والى الفقر؛ بعضهم، أقوياء مثله، يكافحون حتى الفناء. التأمين الوطني، ذاك الذي ناكف سيلمان في حياته، ملزم الآن بأن يعترف به في موته كمصاب للعمليات العدائية. ولكن القصة ليست (فقط) قصة التأمين الوطني، المؤسسة التي يفترض ان تكون من الأكثر عطفا في المجتمع، مؤسسة مهمتها منح شبكة أمان، غوث ورحمة للمحتاجين، وتحولت على مدى السنين الى واحدة من المؤسسات المكروهة فيه. القصة هي قصة وعي، أو عمليا انعدامه. فليست المؤسسة وحدها مذنبة بوجود السيلمانيين، فمذنب ايضا المجتمع الذي يقبل سلم أولويات مشوه ومريض لدولته بطاعة عمياء، بعدم اكتراث وبلا مبالاة. كل محاولة للتشكيك فيه تصطدم هنا دوما بالهزء والتحقير: "ديماغوجيا"، "تزلف"، "ما الذي تفهمون فيه؟" و"ما علاقة هذا؟" وبالفعل هذا ذو علاقة، بل وذو علاقة متينة. سيلمان، وعذرا على الكليشيه، كان جنديا سقط في المعركة، ولهذا فان موته لم يكن موتا خاصا، بل موتا وطنيا جدا. حياله وقف ثلاثة أعداء، ثلاثة وحوش أقوياء. الاول، السياسة المحافظة الجديدة لحكومة نتنياهو، التي تتجه نحو تفكيك شبكات الأمان الاجتماعي بأسرها. حتى الصيف الماضي كانت اسرائيل لامبالية تماما تجاه عملية هذا التفكيك؛ ولشدة المفاجأة، في هذا الصيف ايضا لا تزال تؤيد في معظمها المذنبين فيها. الكثيرون من الضعفاء صوتوا (وسيصوتون) لليكود، وهو دليل أول على العمى وانعدام الوعي. ولكن اذا كانت طُرحت في الصيف الماضي عدة اسئلة حول السياسة المحافظة الجديدة، فقد اختفت هذه تماما عن الوحشين الآخرين. وهما يغفيان بأمان، شبعان وسمينان، لا أحد يقض مضاجعهما أو يتحدى قوتهما. ميزانيات الامن والمستوطنات اجتازت الاحتجاج الاجتماعي والابطاء الاقتصادي ولم يُعرف أنهما اقتربا منها. وحتى اسرائيل التي تحتج للحظة، قبلتها كأمر مسلم به، كعناصر من السماء، كبقرات مقدسة لا ينبغي لمسها. في اوساط هذين الوحشين لا يوجد أي نقص، أي تقليص، أي يأس وأي سيلمانيين. هناك، في بلاد الوحوش، كل شيء يأتي بسهولة: ست دقائق فقط استغرق الاسبوع الماضي إقرار مخصص بأكثر من 6 مليار (!) شيكل لشراء طائرات تدريب للجيش الاسرائيلي. 4 فقط من أصل 15 عضو في لجنة المالية كلفوا أنفسهم عناء الوصول الى جلسة المناقشات، واحد فقط اعترض. وبذات السخافة التي لا تقل تسرعا صادقت الحكومة على عشرات ملايين الشواكل لنقل منازل تل الاولبانه، وبسخافة متسرعة أكثر صادق وزير المالية على مبلغ مشابه لجامعة اريئيل. لهذا الغرض يوجد مال، دوما وبلا قيود. إذ متى حصل ان أوقفت هنا أحبولة أمنية أو جنونا استيطانيا لاعتبارات الميزانية؟. هذان الوحشان اللذان يلتهمان لحوم البشر يوجد لهما مجموعات ضغط قوية ومنفلتة العقال في الدولة لا يمكن لحكومة ان تصمد أمامها. ولائحة طعامهما تتضمن دوما: جنون الاضطهاد والقومية المتطرفة. جنون الاضطهاد يُغذي ميزانيات الأمن ويمنع أي تقليص فيها، والقومية المتطرفة تُغذي ميزانيات المستوطنات، التي تتجاوزها كل موجة احتجاج اجتماعي وإبطاء اقتصادي. ولا يُعتد بأي اعتبار اقتصادي أو مبرر اجتماعي في مداولات الحكومات على ميزانيات هذين الوحشين. ما العلاقة؟. ما العلاقة؟! سيلمان مات على مذبح الاستيطان والأمن. الى ان تُفهم هذه العلاقة بحقيقتها، لن يكون هنا احتجاج ناجع، ولا حتى احتجاج يلبس وجه الفظاعة الأليمة والمتفحمة كوجه سيلمان. هذه ليست قصة القيادة في اسرائيل – هذه قصة كل مواطنيها: التغيير سيأتي فقط، ولكن فقط، حين يمد هؤلاء أيديهم الى بؤرة النار الحقيقية، ميزانيات الدفاع والمستوطنات. حتى ذلك الحين سيُحرق السيلمانيون وتشتعل بهم النار – وسيضيع موتهم هباءا.