خبر : معجم مصطلحات: ان "الاحتلال" هو حكم سياسي لا قانوني / بقلم: دوري غولد / اسرائيل اليوم 20/7/2012

الجمعة 20 يوليو 2012 03:22 م / بتوقيت القدس +2GMT
معجم مصطلحات:  ان "الاحتلال" هو حكم سياسي لا قانوني / بقلم: دوري غولد /  اسرائيل اليوم  20/7/2012



برغم ان اللجنة التي ترأسها القاضي ادموند ليفي طُلب اليها ان تكتب تقريرا يتعلق بالبؤر الاستيطانية غير المرخصة، يبدو ان ما لمس "العصب المكشوف" لمنتقدي التقرير في الاسبوعين الاخيرين كان سؤالا أكثر مبدئية تعلق بصورة تناول اللجنة لرواية الصراع الاسرائيلي الفلسطيني.             برز ذلك الامر في صورة حصر المنتقدين العناية في الاستنتاج الذي يقضي بأنه: "من وجهة نظر القانون الدولي، لا تجري احكام "الاحتلال"، كما عبرت عنها المواثيق الدولية ذات الصلة، على الظروف التاريخية والقانونية المميزة للوجود الاسرائيلي في يهودا والسامرة".             كيف توصل اعضاء اللجنة الى هذه الاستنتاجات؟ ان سبب ذلك هو ان الوجود الاسرائيلي في يهودا والسامرة متميز في الواقع الدولي الحالي لأنه لم يكن صاحب سيادة معروف في تلك المنطقة حينما استولى عليها الجيش الاسرائيلي في 1967. وقد رفض المجتمع الدولي وفيه الدول العربية ما عدا باكستان وبريطانيا، اعلان السيادة الاردنية في سنة 1950.             هذا الى ان حقوق الشعب اليهودي التاريخية والحقوق القانونية في المنطقة التي نبعت من الانتداب البريطاني، كما ذكر تقرير ليفي، ما يزال فعلها ساريا لم ينفد، بل انها صودق عليها بالمادة 80 من ميثاق الامم المتحدة. ومع ذلك انه أُلغي بعد انشاء السلطة الفلسطينية في تسعينيات القرن الماضي، الادارة العسكرية التي أوكلت اليها رعاية السكان الفلسطينيين، فبقي بعض السلطات في يد الجيش الاسرائيلي ونُقل بعضها الى الفلسطينيين ويُدار بعضها على نحو مشترك. وبعبارة اخرى أحدثت اتفاقات اوسلو واقعا مركبا لا يمكن ان يُلصق به اسم شامل مثل "احتلال".             ان الفكرة التي تقول في واقع الامر انه لا يمكن تعريف اراضي يهودا والسامرة بأنها "محتلة" ليست هي تجديدا أو انحرافا عن موقف اسرائيل القانوني التقليدي. فقد عرض سفير اسرائيل في الامم المتحدة حاييم هرتسوغ في خطبته في 1977 في الجمعية العامة للامم المتحدة موقف اسرائيل القانوني وقال بصورة قاطعة ان اسرائيل لا يمكن ان تُعد "قوة محتلة" في يهودا والسامرة. وتذكرون انه في أيار 2003 بعد عملية "السور الواقي"، أدهش رئيس الحكومة اريئيل شارون مؤيديه بمقولة لا مثيل لها تقول ان الجيش الاسرائيلي لا يمكنه الاستمرار في البقاء في مدن الضفة الغربية لأن معنى ذلك وضع الفلسطينيين "تحت احتلال". وفي رد على ذلك بين المستشار القانوني للحكومة آنذاك، اليكيم روبنشتاين، ان ليس من الصحيح تعريف يهودا والسامرة وغزة بأنها اراض محتلة لأنها "اراض مختلف فيها".             من المهم ان نفحص عن تناول مؤسسات دولية لحالات أبرز لاراض تقع تحت احتلال عسكري. في العشرين من تموز 1974 غزا الجيش التركي قبرص التي كانت دولة مستقلة منذ 1960 واستولى على 37 في المائة من مساحة الجزيرة. وأعلنت المنطقة التركية الاستقلال في سنة 1983 لكن لم تعترف أية دولة سوى تركيا بالحكومة الجديدة. فكيف يعاملون شمال قبرص اذا؟ حينما قبل الاتحاد الاوروبي قبرص دولة عضوا في سنة 2004، أعدت مذكرة خاصة ذات صياغة معوجة تُبين ان الاتفاق لا يجري على "تلك المنطقة من جمهورية قبرص التي ليس للحكومة فيها سيطرة فعالة". وهكذا فان الدبلوماسيين الاوروبيين الذين يُكثرون الحديث عن "الاحتلال الاسرائيلي"، ليسوا مستعدين لتبني مصطلح "احتلال" فيما يتعلق بأرض قبرصية هي جزء من الاتحاد الاوروبي.             ان مثال الصحراء الغربية التي احتلها جيش المغرب كلها في 1979 ذو صلة بما نتحدث فيه. فبعد ان أخلت اسبانيا المنطقة ومع فشل محاولة الحكم المشترك مع موريتانيا، استقر رأي المغرب على النظر الى الصحراء الغربية باعتبارها ارضا مغربية. واعترضت جبهة البوليساريو التي عملت بدعم من الجزائر على موقف المغرب. ورفضت المحكمة الدولية في لاهاي بصورة رسمية زعم سيادة المغرب واعترفت بحق سكان الصحراء الغربية في تقرير المصير. وفي القرارات الكثيرة للامم المتحدة المتعلقة بمستقبل الصحراء الغربية لا تُعرف الارض بأنها "محتلة" برغم ان الجيش المغربي موجود في ارض خارج حدود المغرب.             وهناك مثال آخر هو ان الجيش السوفييتي غزا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية اليابان واحتل الجزر الكوريلية التي كانت حتى ذلك الحين في سيادة يابانية. ولا تتحدث الوثيقة المحدثة من وزارة الخارجية اليابانية هنا ايضا في شأن هذه الجزر عن انهاء "الاحتلال الروسي" بل عن الحاجة الى "التوصل الى اتفاق على الشأن غير المحلول للاراضي الشمالية".             ان الحالات الثلاث التي ذكرناها وهي شمال قبرص والصحراء الغربية والجزر الكوريلية هي حالات واضحة لاحتلال اجنبي بحسب القانون الدولي. وبرغم ذلك لا يستعملون في الساحة الدبلوماسية كلمة "احتلال" في التطرق اليها بصورة رسمية. ومن المفارقة الكبيرة ان يُستعمل مصطلح "احتلال" من غير أي تفريق فيما يتعلق بالضفة الغربية حيث وجود اسرائيل أكثر تركيبا من جهة قانونية. يبدو ان استقرار الرأي على استعمال مصطلح "احتلال" ينبع من بواعث سياسية لا تقل عن التحليلات القانونية.             قبل نحو من عشر سنين، في اثناء الانتفاضة الثانية، استعمل مؤيدو الفلسطينيين في الامم المتحدة مصطلح "مقاومة الاحتلال" لاعطاء تسويغ قانوني للعمليات الانتحارية في مدن اسرائيل. وتستعمل منظمات مناصرة للفلسطينيين في اوروبا مصطلح "احتلال" باعتباره جزءا من مخزون الخطابة الذي يرمي الى سلب اسرائيل شرعيتها ويشمل عبارات مثل "دولة فصل عنصري" أو "دولة استعمارية". ويُسمع في الخطاب العام الداخلي في اسرائيل ايضا دعوة "الى انهاء الاحتلال".             ان إحياء الرواية القانونية التي يعرضها القاضي ليفي مهم جدا لحماية مصالح اسرائيل الحيوية في كل تسوية في المستقبل. سيُبت مخطط التسوية الدائمة بحسب عوامل كثيرة منها سؤال هل اسرائيل هي "محتل اجنبي" سلب اراضي، أم أنها جانب ذو ادعاءات شرعية يريد ان يحقق في أجزاء من الضفة الغربية حقوقه التاريخية وحقه ايضا في حدود قابلة للدفاع عنها.