لم يسقط نتنياهو أمس عن الكرسي حينما تلقى رسالة استقالة موفاز. بل ربما لم يصدر عنه تنفس الصعداء. ان كل يوم مر من غير ان يُحرز اتفاق مع كديما قربه من جهة الصورة من الحريديين وأبعده عن جمهوره، وهم مصوتو اليمين الذين يخدمون في الجيش الاسرائيلي ويريدون ان يروا قانون تجنيد متساوٍ للجميع. لم يكن هذا هو الوضع الذي أراده نتنياهو، فقد كان يريد ان يسير مع ويشعر بغير: بأن يسير مع الحريديين لكن من غير ان يحاسبه مؤيدو القانون. ويُشك الآن في ان يحدث هذا. لأنه اذا حاولنا ايضا ان نحدد متى بدأت الازمة ومن الذي أحدثها، فان شيئا واحدا واضح وهو أننا الخاسر الأكبر، أعني شعب اسرائيل. فقد كانت فرصة لمرة واحدة كان يستطيع ائتلاف ضخم من 94 عضو كنيست ان يقوم بتغيير تاريخي وأُضيعت. وحتى لو أقنعونا بأنه كانت هنا نوايا خيّرة وبأن الجميع دخلوا هذه القصة بضمير نقي وشعور بالرسالة، فان الحقيقة هي ان فرصة تاريخية أصبحت حادثة سياسية. سنسمع في الايام القريبة اتهامات من الطرفين لمن فجر الامر. سيقولون في الليكود انهم أرادوا في كديما قطيعة سياسية بين الليكود والحريديين، وعلما يمضون تحته الى الانتخابات. وسيشيرون الى اللافتة التي رُفعت أمس في مكاتب الحزب في بيتح تكفا وتقول: "كديما للخدمة". وسيقولون ها هو البرهان على الحيلة الكبيرة، فقد كان كديما حينما كان يفاوض يستعد للانتخابات. وسيقولون في كديما ان الليكود هو الذي يوهم. فحينما وجب على نتنياهو ان يختار بين كديما والحريديين، اختار الحريديين. وحينما كان يجب عليه ان يبت الأمر بين من يخدمون في الجيش والمتهربين من الخدمة، اختار المتهربين. وأنه كان واضحا من البدء ان نتنياهو سيتمسك بشركائه الطبيعيين ولن يُحدث تغييرا على حسابهم. يبدو ان الطرفين على حق: فموفاز الذي بحث عن البقاء لحزبه ووجده في دخول الائتلاف، تمزق بين القوى في داخل حزبه ومن خارجه، وبين الرغبة في البقاء في الحكومة والحاجة الى عرض بديل، وبقاء كديما ذا صلة بالانتخابات القريبة. ونتنياهو الذي يرى كديما تنتقض عُراه أمام عينيه، ويرى لبيد ويحيموفيتش يربحان من قانون التجنيد ويرى اولمرت يستعد للعودة – استقر رأيه على ان عدم الاعتماد على شريك لحظي مثل كديما أفضل وأنه ينبغي الاعتماد على الحلف الطويل مع الحريديين. وهكذا مضى الليكود وكديما الى هذه الشراكة عن غريزة البقاء والحديث عن التغيير ووجدا أنفسهما بعد عشرة اسابيع من غير ان يُحدثا أي تغيير وفي منزلة أقل مما كانت عشية الشراكة. لأنه كان هنا في الخلاصة اجراء سياسي فاشل، والفشل هو فشل الاثنين، وهو ايضا وطني وشخصي. نجح موفاز في هذا الاجراء وهو الذي انتقد لفني لأنها لم تنضم الى الحكومة، في ان يبرهن على صدق موقفها. وحينما أُتيحت له فرصة فشل فيها. وهو يعود الآن الى المعارضة مهزوما ضعيفا. ونتنياهو الذي كان يستطيع ان يتجه الى الانتخابات في ايلول من غير ان يضر به اتصاله بالحريديين عند الجمهور سيمضي الى الانتخابات القادمة ومن خلفه هذه الازمة. وهذا هو السبب الذي لن يجعله كما يبدو يتعجل اجراءها. وبرغم وجود قانون لتفريق الكنيست جاز الاعداد للقراءة الثانية والثالثة، ويمكن اجراء انتخابات في مطلع تشرين الثاني، فاننا نشك ان يمضي نتنياهو في ذلك، بل سيفضل ان يُبعد أثر الازمة قدر المستطاع. ان الكنيست ستخرج في الاسبوع القادم في عطلة طويلة، فلماذا إحداث الشغب وما هو المُلح. تعالوا ندَعْ لموفاز ان يغرق في حزب ممزق ومعارضة صغيرة ونجذب لبيد الى بضعة اشهر اخرى من الاضعاف، ولنهتم بأن نُنسي الجمهور الانعطافة الاخيرة. في رسالة الاستقالة التي كتبها موفاز أمس الى نتنياهو عاد الى الاسلوب اللاذع المباشر قبل الائتلاف. يبدو انه قال عن نتنياهو كل شيء ما عدا كلمة كاذب. فلا تقلقوا فسيأتي هذا ايضا.