قطار جوي لمسؤولين امريكيين كبار يهبط في اسرائيل في الايام الاربعة القادمة. قبل يوم من وصول وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون لاجراء محادثات في القدس، وصل ايضا الى العاصمة في منتهى السبت مستشار الامن القومي، توم دونيلون. وكان الاخير زار اسرائيل سرا ونشر البيت الابيض بيانا عن ذلك بعد انهاء دونيلون محادثاته فقط. ويعتبر دونيلون أحد الشخصيات الأكثر قربا من الرئيس الامريكي واسمه يُذكر كمرشح لمنصب وزير الخارجية اذا ما فاز براك اوباما في الانتخابات التي ستعقد في تشرين الثاني لولاية ثانية في المنصب. وحتى لو لم يُعين وزيرا للخارجية، سيبقى دونيلون يرافق اوباما في منصب مستشار الامن القومي. ليس واضحا ما هي خلفية زيارة دونيلون المفاجئة، الذي التقى في القدس أمس برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وزير الدفاع اهود باراك ومستشار الامن القومي يعقوب عميدرور. ومع ذلك، يمكن التقدير بأن الموضوع الايراني كان في بؤرة محادثاته. وبينما علقت المفاوضات بين القوى العظمى الستة وايران على مستقبل البرنامج النووي في طريق مسدود، أعلنت الولايات المتحدة في نهاية الاسبوع الماضي عن تشديد اضافي للعقوبات الاقتصادية ضد نظام آيات الله. وفي اطار العقوبات فُرض حظر على كل اتصال تجاري مع سلسلة من المحافل الايرانية في مجال النفط، السفن والصواريخ. الخطوة المركزية كانت حظر الاعمال التجارية مع شركة النقل الوطنية الايرانية، التي تتحمل 57 سفينة فيها مسؤولية تسويق ونقل النفط الايراني الى أرجاء العالم. ووضعت الولايات المتحدة اسرائيل في سلسلة العقوبات في زيارة لمسؤول امريكي آخر الى اسرائيل يوم الخميس الماضي. نائب وزير الخارجية الامريكي، بيل بيرنز، التقى يوم الخميس في وزارة الخارجية في القدس بنظيره الاسرائيلي داني ايالون، وشدد امامه على أن هدف العقوبات الجديدة هو الوصول الى وضع تنخفض فيه المداخيل الايرانية من النفط بـ 50 – 60 في المائة. واشار بيرنز الى انه اذا ما حصل الامر، فسيكون النظام الايراني تحت ضغط اقتصادي غير مسبوق. وتقدر الادارة الامريكية والقوى العظمى الاوروبية الثلاثة المشاركة في المفاوضات مع ايران – فرنسا، المانيا وبريطانيا – بان اسرائيل ترى في المحادثات بين الغرب وايران بانها "لم تعد ذات صلة من ناحيتا"، وبالتالي فانها تواصل الاستعداد لامكانية عملية عسكرية ضد المنشآت النووية الايرانية. ومع ذلك، فان نتنياهو لم يتخذ بعد قرارا مبدئيا للخروج بعملية عسكرية. كلينتون، التي هبطت ليلة أمس في اسرائيل وستلتقي اليوم على العشاء مع نتنياهو، هي المسؤولة الامريكية الثالثة التي تزور القدس في الايام الاخيرة. وهي تصل الى اسرائيل بعد غياب شاذ ومحرج بعض الشيء لقرابة سنتين. الزيارة الاخيرة لوزيرة الخارجية الى اسرائيل كانت في 15 شباط 2010، عندما التقى نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (ابو مازن) في القدس. بعد اسبوعين من تلك الزيارة انهارت محادثات السلام بين الطرفين ومنذئذ امتنعت كلينتون عن العودة الى المنطقة. وأشار موظفون امريكيون كبار، رغبوا في عدم ذكر اسمائهم، بسبب حساسية الموضوع، الى أن كلينتون، التي غير مرة في السنتين الاخيرتين زارت الدول المجاورة، لم تصل الى اسرائيل والسلطة الفلسطينية لانها لم تعتقد أن زيارتها كانت ستساعد في اخراج المسيرة السلمية من الجمود الذي علقت فيه. وعلى حد أقوالهم، لم ترغب كلينتون في الوصول الى زيارة لا يتحقق في نهايتها اي نتائج. وعندما تصل وزيرة الخارجية الامريكية أخيرا الى المنطقة، فانها تفعل ذلك قبل اسبوع من وصول المرشح الجمهوري للرئاسة الامريكية ميت روماني الى القدس. هذه الحقيقة طبعت زيارة كلينتون الى اسرائيل بالوان سياسية امريكية داخلية. فوسائل الاعلام الامريكية عنيت في الايام الاخيرة بالتخمينات في أن تكون كلينتون أرسلها اوباما لاجراء "زيارة وقائية" لزيارة روماني. وستعنى محادثات كلينتون بالموضوع الايراني، ولكن أكثر من ذلك بالعلاقات الاسرائيلية – المصرية. وتأتي كلينتون الى القدس مباشرة من القاهرة حيث التقت الرئيس المنتخب، رجل الاخوان المسلمين محمد مرسي. وسمعت كلينتون من مرسي أمورا مهدئة في كل ما يتعلق بمستقبل اتفاق السلام مع اسرائيل، وشددت في الموتمر الصحفي في القاهرة بان الولايات المتحدة تأمل بان يلتقي نتنياهو ومرسي في اقرب وقت ممكن. مسألة اخرى تبحثها وزيرة الخارجية مع رئيس الوزراء ستكون التهديدات الفلسطينية بالتوجه الى الجمعية العمومية للامم المتحدة في شهر ايلول بطلب تلقي مكانة دولة مراقبة ليست عضوا كاملا في المنظمة. كلينتون، التي التقت في الاسبوع الماضي في باريس بابو مازن تأمل في أن تنجح في أن تنتزع من نتنياهو رزمة بادرات طيبة كبيرة بما فيه الكفاية كي تقنع الفلسطينيين بعدم التوجه الى الامم المتحدة.