خبر : ثمن المقاطعة / بقلم: يوئيل جوجنسكي / معاريف 3/7/2012

الثلاثاء 03 يوليو 2012 01:30 م / بتوقيت القدس +2GMT
ثمن المقاطعة / بقلم: يوئيل جوجنسكي / معاريف  3/7/2012



  أمس دخل حيز التنفيذ حظر النفط الذي فرضه الاتحاد الاوروبي على ايران، وفي اطاره سيحظر استيراد النفط منها، باستثناء 20 دولة قلصت استيراد النفط من هذه الدولة وحظيت باعفاء تام أو جزئي. وهذا اضافة الى العقوبات الامريكية التي فُرضت على البنك المركزي الايراني. هذه الخطوة غير مسبوقة في حجمها منذ فرض حظر النفط على اليابان في الاربعينيات من القرن الماضي. وهي ستفاقم الضائقة الاقتصادية الملموسة في ايران وكفيلة بأن تكون اختبارا لمكانة بل واستقرار النظام.             اسعار الغذاء المرتفعة في ايران أحدثت احتجاجا عفويا بقوى متدنية. المقاطعة على منتجات الغذاء استمرت بضعة ايام وبدأت في الشبكات الاجتماعية، وهي لم تكن ترتبط بنشاط المعارضة المؤطرة، بل تمت على أمل ان تركب المعارضة موجة الاحتجاج اذا ما نالت هذه الزخم. هذه التطورات تأتي على خلفية تقليص متواصل للدعم الحكومي للسكان، من الخبز وحتى الوقود، والذي يكلف صندوق المالية الايراني نحو ربع الانتاج القومي الخام. تقليص الدعم الحكومة أدى الى ارتفاع اسعار الغذاء، الغاز، الكهرباء، الماء والمواصلات العامة. مثير للاهتمام ان معظم الغضب وجه نحو النظام، وليس نحو الغرب. الجمهور الايراني يفهم بأن الوضع الاقتصادي الايراني يرتبط ايضا بالفساد المستشري والسلوك الاقتصادي الفاشل.             اسعار المواد الغذائية ترتفع على أساس شبه يومي. معدل التضخم المالي الرسمي ارتفع هذه السنة الى أكثر من 20 في المائة، وغير الرسمي يُقدر بنحو 50 في المائة. وكنتيجة لتخفيض الدعم الحكومي سجل ارتفاع بنحو 20 – 30 في المائة في اسعار المنتجات الأساس، وعلى رأسها الخبز. كما سجل نقص في المواد الخام للانتاج، ولا سيما القمح، وأُغلقت مصانع ويفقد عمال كثيرون مكان عملهم. وبالتوازي، يوجه انتقاد للنظام في عدم ايفائه بالتزامه برفع معدل المخصصات التي تمنح للمواطنين بسبب ارتفاع الاسعار.             تبذل ايران جهدا أعلى لمواجهة العقوبات، الامر الكفيل بأن يشهد على هشاشتها، ولكن ايضا على تصميمها في دفع برنامجها النووي الى الأمام. حجم العقوبات فاجأ النظام الايراني، الذي فقد جزءا هاما من مداخيل تصدير النفط في السنة الاخيرة – من تصدير 2.5 مليون برميل في اليوم الى1.5 مليون برميل في اليوم فقط. الحظر الذي فرضته 27 دولة في الاتحاد الاوروبي يتضمن حظرا على شراء ونقل النفط الايراني، وكذا الحظر على شركات التأمين الاوروبية تمويل وتأمين ناقلات النفط الايرانية.             ضرر العقوبات أقنع ايران بأن من الأفضل لها العودة الى طاولة المفاوضات، غير ان المداولات لم تؤد حتى الآن الى تخفيف حدة موقفها في الموضوع النووي، وثمة من سيقول انها شددته. صعوبة تجنيد الصين والهند الى دائرة العقوبات وكذا الاعفاءات (المؤقتة) التي أُعطيت لدول أساس كالصين، اليابان والهند، تجعل من الصعب تشديد الضغط على ايران.             الزعيم الروحي لايران، علي خامنئي، طلب من الجمهور الايراني "الصبر" للتغلب على المشاكل التي تقف أمامها ايران كنتيجة للعقوبات المفروضة على الدولة. يمكن ان نستخلص من ذلك ان ايران لا تسير في اتجاه حل وسط مع الغرب وتستعد لتشديد العقوبات عليها. مهما يكن الامر، الاحساس في اسرائيل بأنه نفدت الخيارات حيال ايران والعقوبات استنفدت فعلها يبدو انه سابق لأوانه. فايران تقترب من المفترق الذي سيتعين عليها فيه ان تقرر: إما النووي أو الخبز.             الحاق الاضرار بصناعة الطاقة التي تعرج في ايران كفيل ليس فقط بتغيير سياسة ايران بل وتهديد استقرار النظام في ضوء تعلقه بمداخيل النفط (80 في المائة من مداخيل الدولة من التصدير). لا يمكن ان نعرف متى ستنشأ "الكتلة الحرجة" التي ستجبر النظام على إبداء المرونة في مسألة النووي، غير انه على الأقل تنشأ الآن مشكلة أكثر خطرا في الداخل. فالايرانيون يمكنهم ان يعلموا العرب أمرا أو اثنين في الاحتجاج والثورة. اذا كانت معاناة الجمهور ستحتدم، فان "الربيع العربي" كفيل بأن يصبح "الصيف الايراني".   باحث في معهد بحوث الامن القومي في جامعة تل ابيب