زيارة لم تحظَ الاسبوع الماضي بانتباه حقيقي في وسائل الاعلام الاسرائيلية توفر شهادة على أحلاف شديدة تتشكل في الشرق الاوسط. خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحماس وصل الاسبوع الماضي الى عمان واستقبل بتشريفات الملوك في قصر عبدالله، حيث حل ضيفا على وليمة عشاء مع الملك الاردني. هذه هي الزيارة الثانية لمشعل في عمان في غضون نصف سنة. هذه المرة وصل الى الاردن كي يشارك في تشييع جثمان رجل حماس كمال غناجة، الذي صفي في دمشق الاسبوع الماضي. قبل أكثر من عقد من الزمان، بعد أن أمسك الاردنيون بارسالية سلاح كبيرة زعموا أن رجال حماس اعدوها لنقلها الى الضفة الغربية، طردت قيادة المنظمة من عمان. في كانون الثاني من هذا العام، وبينما كان يبحث عن مكان جديد للمكتب السياسي بعد هروبه من دمشق، جاء مشعل الى الاردن كملحق بحاشية أمير قطر. ووافق الاردنيون على استقباله بعد تردد، ولكنهم قللوا من القيمة التي منحت في حينه للزيارة على المستوى الرسمي. هذه المرة، جاء مشعل على رأس وفد من حماس وحظي بمعاملة ضيف رفيع المستوى. يكاد يكون بالتوازي انطلق وفد من الاخوان المسلمين الاردنيين للزيارة لدى قيادة حماس في قطاع غزة. كل هذا يحصل، بالطبع، بالهام انتصار الاخوان المسلمين في الانتخابات للرئاسة في مصر. الرئيس الجديد، محمود عباس، دعا في خطاب أداء اليمين القانونية في نهاية الاسبوع الى استكمال المصالحة الفلسطينية بين حماس وفتح. ومع ذلك، فالمفاوضات بين الطرفين الفلسطينيين المتطرفين لم يتسارع من جديد بعد ومصادر مصرية قالت أمس لوسائل اعلام عربية انه حتى الان لم يتقرر موعد لاستئناف المحادثات بين الفصائل. الواضح هو أن انتصار مرسي في الجولة الثانية في الانتخابات للرئاسة يبعث ريحا متجددة في أشرعة حماس التي ترى في كل انجاز كهذا تعزيزا حقيقيا لمكانتها في المنطقة. خالد مشعل معني على ما يبدو بنقل مكتبه، القائم الان مؤقتا في قطر، الى الاردن. وعبدالله، الذي يكافح لكبح جماح احتجاج متواصل ضد حكمه، يحتاج الى المناورة بحذر بين القوى المختلفة العاملة في الساحة. من ليسوا راضين عن مؤشرات التقارب بين الاردن وحماس هما اسرائيل والسلطة الفلسطينية. رجال رئيس السلطة، محمود عباس، قلقون من تحدي حماس ومن اقتراب مشعل المحتمل من الضفة. في اسرائيل أيضا لا يرون مثل هذا التطور بعين الايجاب. صاروخ نحو سيناء وأفادت وسائل الاعلام اليوم باطلاق صاروخ نحو سيناء، على ما يبدو لمدى متوسط "من جهة الشرق". ولما كانت حتى وسائل الاعلام المصرية لا تتهم اسرائيل بالمسؤولية عن الفعل العدواني، فان التفسير الذي يتبلور للحدث واضح: يبدو أن هذه تجربة اطلاق نار، إما من جانب منظمة فلسطينية في غزة أو من جانب خلية بدوي في شرقي سيناء. فمنذ بضعة اشهر تستخدم فصائل من غزة سيناء كساحة خلفية لها، كساحة تدريبات وتجارب، الى جانب رحاب يمكن منه عند الحاجة الانطلاق لعمليات ضد الاراضي الاسرائيلية، في النقب الجنوبي. وتنضم تجربة اطلاق النار الى القلق المتصاعد في اسرائيل من تعاظم منظومة انتاج الصواريخ لدى حماس والجهاد الاسلامي. في بداية حزيران هاجم سلاح الجو خطوط انتاج صناعة السلاح الغزية. وقبل نحو سنة علم بالتقدير بان الفصيلين يحوزان صواريخ بوسعها اصابة غوش دان. وجرى الحديث في حينه عن صواريخ فجر تم تهريبها من ايران، ولكن ينبغي الاخذ بالحسبان ايضا بان الفلسطينيين يوجدون في ذروة مسيرة متواصلة لتحسين الصواريخ من انتاج ذاتي وزيادة مدى اصابتها. في حالة تصعيد آخر، يتعين على اسرائيل أن تستعد ليس فقط لاطلاق النار نحو غوش دان بل لمحاولة من غزة لتشويش المواصلات الجوية لاسرائيل، من خلال اطلاق النار على منطقة مطار بن غوريون بهدف التخويف. في كل هذه التقارير تنسجم ظاهرا ايضا تصفية رجل حماس كمال غناجة، الذي عثر على جثته في دمشق يوم الاربعاء الماضي. ووصفت محافل في حماس غناجة كنشيط مركزي في شبكة تهريب السلاح في المنظمة، ربطت تصفيته باغتيال كبير المنظمة محمود المبحوح في دبي قبل سنتين ونصف وبالطبع اتهمت اسرائيل بالمسؤولية عن عملية قتل اخرى. غير أن قدرا كبيرا من التفاصيل في هذه القصة لا تترتب معا. أولا، حسب المنشورات من سوريا، فقد اجتازت جثة غناجة تنكيلا شديدا وطويلا ولا يبدو هذا كسلوك خلية استخبارات سرية تسعى الى الخروج من ساحة العمل بالسرعة الممكنة بعد انهاء مهمتها. ثانيا، الرجل نفسه على ما يبدو أقل اهمية مما يصفه بها مسؤولو حماس. ثالثا، في ضوء الحرب الداخلية المضرجة بالدماء والمعربدة في سوريا، فان دمشق لم تعد منذ زمن بعيد محطة مركزية مثلما كانت في شبكة التهريب لحماس. واذا ما نظرت اسرائيل الان الى التهريب، فان عليها ان تكون أكثر قلقا مما يحصل في المحور بين مخازن سلاح نظام القذافي التي سلبت ونهبت في ليبيا وبين سيناء والقطاع.