خبر : شهادة نادرة كشفت عن مسجد عتيق هدم في 1967../ هارتس

الجمعة 15 يونيو 2012 02:53 م / بتوقيت القدس +2GMT
شهادة نادرة كشفت عن مسجد عتيق هدم في 1967../ هارتس



              في 1931 حامت طائرة ألمانية ضخمة فوق البلدة القديمة في القدس. صورة التقطتها ساعدت مؤخرا في حل لغز تاريخي بعيد السنين، يتعلق بمكان وجود احدى المدارس الاسلامية القديمة في القدس، والتي كانت تقع في منطقة ساحة المبكى اليوم منذ القرن الثاني عشر. وقد سمح حل اللغز بتشخيص، ضمن أمور اخرى لهيكل بناء عثر عليه بين حجارة المبنى العتيق، ولكنه أزعج الباحثين، وذلك لانه قبل بضعة اشهر من انكشاف مكان المبنى فكك هياكله الاخرى رجال سلطة الاثار، الذين لم يفهموا أهميته.             المدرسة الافضلية تسمى على أسم الملك الافضل، نجل فاتح القدس، صلاح الدين. وحسب نص من القرن الخامس عشر، فان الافضل نفسه بنى المدرسة قبل اكثر من 800 سنة في قلب حي المغاربة في القدس القديمة.  وكانت المدرسة هي المركز الروحاني للحي الصغير، الذي سكنه مسلمون من شمالي افريقيا. ومع السنين تحولت المدرسة الى مكان عُرف كمسجد الشيخ عيد. وكان عيد احد زعماء الطائفة المغربية في القرن السابع عشر ودفن داخل المسجد. واصبح المسجد مركزا هاما للحجاج المسلمين، ولا سيما الصوفيين من العصور الوسطى فما بعد.             الحي وفيه المسجد بقيا حتى 1967، ولكن بعد بضعة ايام من احتلال البلدة القديمة هدمتهما اسرائيل كي تخلي مكانا لساحة المبكى لعصرنا. ولم تفلت المدرسة الصغيرة من الجرافات، وهي واحدة من ثلاثة أو أربعة بقيت كاملة منذ عهد صلاح الدين. "كانت هذه جريمة أثرية"، قال المؤرخ ونائب رئيس الاكاديمية الوطنية للعلوم باز كدار الذي حل اللغز.             وكان كدار بدأ الاهتمام بمصير المدرسة المهدومة في أعقاب تعاون اكاديمي من اسرائيليين وفلسطينيين، في اطار مشروع مشترك للجامعة العبرية، جامعة القدس ومدرسة الدير الفرنسي ومؤسسة يد يتسحاق بن تسفي. في اعقاب المشروع صدر في العام 2009 كتاب "Where Heaven and Earth Meet"، الذي عني بتاريخ الحرم على مدى الاجيال. "كان واضحا لنا بأنه كي نعثر على مكان المبنى نحتاج الى صورة جوية جيدة"، شرح كدار، وفي العام 2009 سافر الى متحف تسفلين في جنوب ألمانيا، وطلب الحصول على معلومات عن الرحلات فوق القدس وحصل على 30 صورة، شخّص في احداها مبنى المسجد.             مقارنة بين الصورة وبين الوصوفات التاريخية، خريطة من القرن التاسع عشر، وصور اخرى اتاحت له لاول مرة الاشارة بدقة الى مكان وجود المسجد. ولكن قبل وقت قصير من حصول كدار على الصورة والعثور على مكان وجود المدرسة، فكك رجال سلطة الاثار بقايا المبنى من أجل الوصول الى طبقات أقدم، ولا سيما تلك الرومانية.             الحفريات في ساحة المبكى تستهدف السماح باقامة بيت اللباب – مبنى من المكاتب والخدمات ثمرة رؤيا حاخام المبكى شموئيل رابينوفتش، لخدمة زوار المبكى. بضعة أمتار تحت بقايا المدرسة اكتشفت شلوميت فاكسلر – بدولح والكسندر أون، اللذان ادارا حفريات بتكليف من سلطة الاثار، بقايا شارع من العهد الروماني. الحفريات، التي تعتبر واحدة من الحفريات الهامة في القدس في السنوات الاخيرة، ساهمت كثيرا في معرفة القدس الرومانية. ومع ذلك، فان الثمن دفعت البقايا من العهد الاسلامي، في هذه الحالة بقايا المدرسة.             تقرير الحفريات أكد تقدير كدار. فقد أظهر بانه في طبقة العهد الاسلامي وجدت حجارة زينت مدخل المدرسة. والحجارة تتطابق بالضبط مع صورة المدخل من العام 1943. كما انكشف في الحفريات ايضا هيكل بشري دفن حسب قواعد الدفن الاسلامية. واليوم يمكن للباحثين أن يقرروا بيقين بان هذا هو الهيكل العظمي للشيخ عيد، الذي على اسمه يسمى المسجد. "كانت هذه صدفة غريبة"، روى كدار، "وجدت مكان المسجد في ايلول 2009، بينما أنهت شلوميت فاكسلر – بدولح الحفريات قبل بضعة اشهر من ذلك. عندما اكتشفت طرف الخيط الذي سمح بتشخيص المكان، كان قد هدم. لو كنت عرفت بذلك في الوقت المناسب، لاوقفته بجسدي".             كدار كان يمكنه بالفعل أن يوقف الحفريات، وذلك لانه في تلك الفترة كان يعمل رئيسا لمجلس سلطة الاثار. في أعقاب الحالة بدأ كدار في سلطة الاثار مبادرة لتعميق وعي علماء الاثار في العهود الاسلامية، التي تتضرر مرات عديدة بقاياها كنتيجة لمحاولات الوصول الى طبقات أقدم. "هذا يتم بحسن طوية"، قال كدار، "ولكن كان ينبغي لاحد ما أن يفهم بانه اذا كان يوجد قبر في قلب المدينة، فيبدو ان لهذا معنى".             فاكسلر بدولح وتوفيق دعادلة، من الجامعة العبرية كتبا مؤخرا مقالا عن قصة المدرسة، نشرت في المجلة الفرنسية الاعتبارية  Revue Biblique. مسودة المقال وضعت قبل عدة اسابيع ايضا على طاولة اللجنة اللوائية للتخطيط والبناء، كجزء من الاعتراضات التي رفعها عشرات علماء الاثار والمؤرخين على اقامة بيت اللباب.             ويشير المعترضون على اقامة المبنى الى الحفريات الاثرية، وبالاساس الى المكتشفات الرومانية الهامة التي ستختفي تحت المبنى. والان تجدهم يضيفون ايضا قصة المدرسة، على أمل ان تساعد في ترجيح الكفة ضد المبنى الجديد. "يمكن القول ان هدم حي المغاربة في 1967 كان شرا لا بد منه"، يقول قائد الاعتراض على المبنى، عالم الاثار البروفيسور يورام تسفرير، "هدموه في حينه كي يسمحوا للجماهير للوصول الى المبكى، وليس لبناء مبنى جديده في مكانه". في منطقة المبكى لا تزال مدفونة بقايا من مبنى المدرسة، والباحثون يقدرون بان الحديث يدور عن نحو ثلث المبنى الذي لم ينكشف بعد. اقامة بعد اللُباب، كما يدعي المعترضون ستؤدي على نحو شبه مؤكد الى الا يكون ممكنا بعد الان الكشف عن تلك البقايا.             وجاء من صندوق تراث المبكى التعقيب التالي: "المكتشفات في منطقة المبكى ترمي الى الوصول الى أقدم عهد ممكن. واضح أنه لا يمكن الوصول اليها دون هدم عهود لاحقة، مهما كانت. بمسؤولية سلطة الاثار ان يقرروا ما الذي يوثقوه ويزيلوه وما الذي يحفظوه. في هذه المكتشفات انكشفت آثار من عهد البيت الثاني ولاول مرة من عهد البيت الاول. وقد استكملت المكتشفات بكاملها، ومن أجل السماح لكل شخص بزيارة المكان بشكل مناسب، دون المساس بساحة المبكى، وفي ظل القدرة على حمايتها وحماية الزوار، فان المبنى هو حاجة واضحة.