لأشهر طويلة استعد النشطاء للاسطول. ولم يفعلوا ذلك سرا. كل العالم كان يعرف. ولكن نتنياهو لم يفعل شيئا. في 26 أيار 2010 فقط، عندما كانت السفن في الطريق، عقد اجتماعا لاول مرة للسباعية، المحفل الضيق المسؤول عن المواضيع السياسية والامنية الأكثر حساسية. هذا أحد البنود المركزية في التقرير الخطير الذي نشره أمس مراقب الدولة ميخا لندنشتراوس عن قضية "مرمرة". ويقع التقرير في 153 صفحة، يوجه اصبع الاتهام أولا وقبل كل شيء نحو شخصين: رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الدفاع باراك. وهكذا كتب المراقب يقول: "في عملية اتخاذ القرارات في موضوع معالجة الاسطول التركي، بقيادة رئيس الوزراء وبمسؤوليته، ظهرت عيوب جوهرية وذات مغزى. اتخاذ القرارات تم دون دراسة مرتبة، متفق عليها، منسقة وموثقة. بدلا من ذلك عقد لقاءات شخصية منفصلة مع وزير الدفاع باراك ووزير الخارجية ليبرمان، دون توثيق ودون اجمال. لم يجر أي نقاش بين رئيس الوزراء وبين أي مجموعة من الوزراء في هذا الموضوع، باستثناء النقاش الذي جرى في محفل السباعية قُبيل وصول الاسطول". غير أنه حتى هذا النقاش، حسب التقرير، كان عديم القيمة: "فقد عقد "من الان الى الان"، بشكل عاجل، دون أي برنامج أو اعداد، وبعد أن كانت بعض سفن الاسطول التركي قد انطلقت على الدرب، لم يكن المشاركون في النقاش على علم مسبق باهدافه ومضامينه، وعلى اي حال لم تكن لديهم مهلة للاستعداد اليه". عمليا، هدف النقاش كان الانشغال في موضوع الاعلام وليس في المجال العملياتي. نتنياهو نفسه شاهد امام المراقب بانه استدعى محفل السباعية كي "يتشاور معهم في الموضوع الدعائي، الكفيل بان يكون اشكاليا". ولكن في اثناء النقاش أعلن نتنياهو: "اريد أن ابقي محفلا ضيقا من الوزراء إذ نحن علينا أن نتخذ قرارا بشكل مرتب: هل نسمح لهم بالمرور أم نوقفهم بتقنيات مختلفة". ويقضي المراقب بانه رغم ان الجيش حذر من أن وقف الاسطول من شأنه أن يتدهور الى مواجهة عنيفة، الا ان القيادة السياسية العليا لم تفحص عميقا الخطط العملياتية. عندما سُئل رئيس الاركان اشكنازي في الجلسة عن خيار السيطرة على السفن في قلب البحر أجاب: "هذا ليس أمرا بسيطا ولكننا سنقوم به. هذا ليس حدث لدقيقتين، هذا سيكون حدثا متواصلا. لا ريب عندي بانه ستستخدم هناك القوة. الناس سيواجهوننا. أعتقد أن من الوهم الاعتقاد بانه اذا نزل الان عشرين شخصا على سفينة يوجد فيها نحو 400 شخص سيصفقون لهم. انهم سيصارعوهم". الوزير دان مريدور سأل رئيس الاركان: "الديك ما يكفي من الرجال؟" اشكنازي اجاب: "هذا سيكون بالتدريج. نحن نصعد مع سلاح بشكل مدروس، انتقائي. ليس الجميع ولكن لا مفر إذ قد يطلقون النار على احد ما". باراك تدخل: "في الجانب العملياتي الجيش الاسرائيلي ينشغل. أنا اقترح الانتقال الى النقاش في مجال الاعلام". ومع ذلك حذر من أن "مسافري الاسطول التركي يعتزمون تحقيق اثر مشابه لاثر سفينة اكسودس". في شهادته أمام المراقب ادعى الوزير موشيه بوغي يعلون بان الوزراء طرحوا اسئلة تتعلق بالسيطرة، ولكن وزير الدفاع أجاب بان هذا ليس نقاشا عملياتيا، ورئيس الوزراء اعطاه الاسناد في هذا الموضوع. في ختام النقاش قضى رئيس الوزراء بانه يجب منع الاسطول من الوصول الى شواطيء غزة حتى بثمن السيطرة بالقوة على السفن. "من سيكون مسؤولا عن تنسيق الاعمال هنا هو وزير الدفاع"، شدد. وقالت محافل سياسية أمس: "اذا كان هكذا عالجوا موضوعا كان معروفا مسبقا مثل الاسطول، فمقلق التفكير كيف يعالجون ايران". وفي الموقف الذي رفعه رئيس الوزراء الى المراقب جاء انه "لم تطرح على رئيس الوزراء امكانية أن يضطر الجيش الى التصدي للاسطول التركي بشكل مختلف عن التصدير للاساطيل السابقة. لم تطرح معلومات استثنائية بالنسبة لخطورة الاسطول أو امكانية قتل مشاركيه، مما يحتاج الى تدخل رئيس الوزراء في النزول الى تفاصيل الاستعداد العسكري". وادعى وزير الدفاع امام المراقب بان "المستوى الحكومي لا يمكنه ولا ينبغي له أن يحل محل قادة الجيش الاسرائيلي. العمليات هي موضوع الملازم والرائد والمقدم والعقيد. هذا لا يعني أن هذا يعفيني من المسؤولية. أنا قلت في البداية، نحن مسؤولون مسؤولية شاملة عن كل شيء". وعلى حد قوله، في كل مناقشات الاعداد أوضح له رئيس الاركان وقادة العملية بان القوات جاهزة ومستعدة. من ديوان رئيس الوزراء جاء أمس التعقيب التالي: "في اختبار النتيجة مواطنو اسرائيل يتمتعون بأمن لم يكن مثيلا له منذ سنوات عديدة. الامن الذي يتمتع به مواطنو اسرائيل هو نتيجة مباشرة لادارة مسؤولة وسياسة مصممة. المداولات الامنية التي جرت في السنوات الثلاثة الاخيرة غير مسبوقة في شمولها وعمقها ويشهد على ذلك المشاركون فيها". اما وزير الدفاع باراك فعقب بانه يقبل الرقابة وسيعمل مثلما في الماضي كي يصلح جهاز الامن والجيش الاسرائيلي كل ما يحتاج الى اصلاح.