خبر : كارثة العلاج في الخارج.. مَن المسؤول؟! .. بقلم: عبد الناصر النجار

السبت 02 يونيو 2012 01:49 م / بتوقيت القدس +2GMT
كارثة العلاج في الخارج.. مَن المسؤول؟! .. بقلم: عبد الناصر النجار



قبل عدّة أيام، كان مواطن ثمانيني يطرق باب نقابة الصحافيين باحثاً عن حلٍّ، عقب استجدائه المسؤولين كافة لحلّ المتاهة التي دخل فيها ابنه، مريض القلب، في العاصمة الأردنية. قصّة المواطن، وهو من العيزرية، بدأت عندما زرع لابنه، في العشرينيات من العمر، جهاز صاعق في القلب لتنظيم ضرباته في مستشفى المقاصد.. ولكن؛ بعد فترة توقف الجهاز عن العمل!. في المستشفى، أبلغوه أنه ليس لديهم علاج لحالته، وأن العلاج غير متوافر إلاّ في إسرائيل أو الخارج.. قسم التحويلات في الخارج أعطاه التحويلة لمستشفى الأردن بسرعة، لصعوبة الحالة التي تصل إلى حدّ "الوضع الحرج". المريض نُقِل في سيارة إسعاف (وحدة عناية مكثّفة) إلى معبر الكرامة، ومن هناك في مثيلتها إلى مستشفى الأردن... يقول المواطن الثمانيني باكياً: وصل ابني إلى مستشفى الأردن، لكنهم رفضوا استقباله.. معللين ذلك بأنهم لن يستقبلوا أية حالة محوَّلَة من السلطة الفلسطينية، لأنها لا تدفع الديون المتراكمة.. ولم يسمحوا لسائق سيارة الإسعاف بإنزاله.. بعد ذلك بدأت الاتصالات بقسم التحويلات في رام الله، الذي غَيّر التحويلة إلى المستشفى التخصصي.. وهناك، وبعد وصوله، رفضوا استقباله للسبب نفسه.. سائق الإسعاف الأردني وجد نفسه في ورطة ولا حلّ لديه.. إلاّ أنه اخترع حلاً كارثياً.. عاد إلى مستشفى الأردن، ولكن ليس إلى باب المرضى، بل إلى باب الطوارئ.. وأنزل المريض دون أن يُعلِمهم مَن هو.. فأصبح المريض مجرّد حالة نُقِلَت بشكل طارئ..!! وفي اللحظة التي وصل فيها أول سرير في الطوارئ تحرّك السائق وغادر بسرعة!. 24 ساعة مرّت والمستشفى يُهدّد برمي المريض خارجاً، حتى لو مات.. لأنهم ليسوا مؤسسة خيرية.. وهددوا برفع الأجهزة عنه خلال ساعات إذا لم تحضر العائلة وتُخرجه من المستشفى!. عندها اضطررنا، كنقابة صحافيين، أن نبدأ اتصالاتنا مع المسؤولين.. وزير الصحة في جولة، والسكرتيرة ترد بأنه غير موجود الآن.. (طبعاً الوزير الجديد).. وقسم التحويلات يرد بأنه سيحاول إيجاد حل!. كان الحل الآخر هو عقد مؤتمر صحافي طارئ لكل وسائل الإعلام، وتحميل وزارة الصحة والسلطة المسؤولية عن حياة هذا الشاب، لأن القانون الأساسي يضمن حقّه في العلاج. بعد ساعات من الاتصال بمجموعة من المستشفيات الأردنية قَبِل مستشفى الحياة استقباله.. ولا ندري إنْ كان هذا المستشفى يملك الإمكانيات لعلاج هذه الحالة، أم أنه سيمكث، حتى حين، على الأجهزة المُنعِشة..!! قبل أسابيع، استنجد صديق يعالج ابنته من السرطان، وقال: أخرَجَنا مستشفى الأردن وطَلَب منّا العودة إلى فلسطين، لأنه غير مرغوب فينا.. ابنته في العاشرة من عمرها، وتعاني سرطاناً في العظم، وأجريت لها عملية جراحية [قصّ جزء من الرجل]، حُوّلت لاستكمال العلاج في إحدى المستشفيات المحلية.. ولكن الرجل يقول: هناك فرق شاسع.. ليست هذه الحالة وإنما كل حالات السرطان المُحوَّلة إلى مستشفى الأردن تم إخراجها.. وهي الآن حائرة ماذا تفعل؟!! بعضها حُوِّل إلى مستشفى بيت جالا... والشكاوى أكثر مما تُحصى.. وهناك قصص تقشعر لها الأبدان!. القصة الأخيرة، هي لرجل في الأربعينات من عمره، مُصاب بالسرطان، متعطّل عن العمل.. ابنه مصاب انتفاضة، ولا معيل لهما.. تم تحويله إلى مستشفى الأردن، وهو يتعاطى جرعات الكيماوي.. حظّه العاثر أدى إلى إخراجه من المستشفى الأردني في ظل عمليات الطرد الجماعي للمرضى الفلسطينيين.. عاد إلى قريته قبل عشرة أيام، كان موعد الجرعة الكيماوية وهي غير متوافرة سوى في إسرائيل والأردن ومستشفى المطلع، كما قيل له.. حُوِّل إلى مستشفى المطلع.. سلطات الاحتلال رفضت منحه تصريحاً.. حاولنا الضغط كنقابة صحافيين.. لم نتمكن من إصدار التصريح له بحجة أنه خطير على الأمن الإسرائيلي!! الرجل اضطر إلى الاستدانة وعاد إلى مستشفى الأردن وأخذ الجرعة، بعد أن دفع.. ولكن، له جرعة بعد عشرة أيام.. يناشد الآن كل المسؤولين إيجاد حلّ له، حتى لا يذهب علاجه السابق أدراج الرياح..!! معالي وزير الصحة.. وكل المسؤولين، بمن فيهم أنا، ماذا لو كان هذا المريض هو ابنكم أو ابني أو ابن مسؤول مهم.. هل كان سيلاقي مصير الإهمال والموت البطيء؟!.