في سوريا قتلى بالجملة والقاتل مجهول...قصف عشوائي والفاعل مجهول...مدن للنظام وأخرى للثوار....في سوريا جنود وكتائب لدول أخرى...في سوريا تنظيمات دموية من القاعدة إلى بلاك ووتر...في سوريا يختلط الحابل بالنابل...لا أقصد من هذه المقدمة مجرد وصف ما يحدث في سوريا فالجميع يرى ما يحدث إلا أن هناك تفاوتا كبيرا في زاوية الرؤية للأحداث في سوريا.فبعضنا لا يرى ما يجري في سوريا إلا من خلال عيون الجزيرة والعربية والإعلام الموالي لدول الخليج التي تنفذ مخطط غربي لإسقاط سوريا وليس إسقاط النظام فقط تماما كما تم إسقاط العراق..وبعضنا الآخر لا يرى ما يجري في سوريا إلا من النظارة الإيرانية الشيعية التي تعتقد أن كل ما يجري هو حرب غير مباشرة على إيران ومشروعها لخلق قوة إقليمية مناهضة لأمريكا وقاعدتها المتقدمة في الشرق الأوسط "إسرائيل".غير أن آخرين وهم القلة الواعية في عالمنا العربي يرون ما يجري في سوريا مجرد حلقة أخرى في حلقات إسقاط المشرق العربي في أتون الفتن الداخلية كأحد وسائل إضعافه ليسهل على الغرب ابتلاعه ونهب ثرواته.كان الاتهام بامتلاك أسلحة دمار شامل بداية مسلسل إسقاط العراق كقوة عسكرية وعلمية واقتصادية كانت ستكون قادرة على وقف أو قل على الأقل فرملة الأطماع الغربية بنهب ثروات مشرقنا العربي فضلا عن وضع حد للعربدة الصهيونية.أما في سوريا فيبدوا أن الوضع مختلف حيث أن الاتهام بارتكاب المجازر هو ركن الزاوية في مسلسل إسقاط سوريا زمانيا ومكانيا جغرافيا وتاريخيا عسكريا واقتصاديا كعقبة في وجه الأطماع الصهيونية والأمريكية في المنطقة.في ضوء ما سبق يمكن توقع من ارتكب بالأمس القريب مجزرة الحولة وأغلب المجازر التي سمعنا والتي سنسمع عنها، التي رأيناها والتي ستقوم الجزيرة والعربية وغيرهما بنقلها ببث مباشر.وفي مفارقة عجيبة بثت الجزيرة وباستفاضة مستفزة وبتدفق كبير مناظر الأطفال القتلى ضحايا مجزرة الحولة تماما كما بثت تفاصيل ضحايا المجازر الأخرى دون أدنى مراعاة لمشاعر المشاهدين فضلا عن مشاعر ذوي الضحايا، في الوقت الذي لم تبث فيه الجزيرة ولا غيرها من القنوات مشاهد الأطفال الذين شوتهم نيران المركز التجاري الذي اشتعل في قطر مراعاة لمشاعر الأهالي.كلما اختطفت الأوضاع في مصر ومسلسل الانتخابات وسيناريوهات الصراع المتوقعة فيها التركيز الإعلامي قامت الأيدي "الخفية والمجهولة" بارتكاب مجزرة مروعة بحق الأطفال أو النساء الأبرياء وإلصاقها بالنظام لاستعادة التركيز الإعلامي من جانب ولتوظيفها لاستصدار مزيد من القرارات الدولية المفضية إلى إسقاط النظام بل إسقاط سوريا في أتون الضعف والتفكك تماما كما فعلوا في العراق.وإلا فماذا تفعل القاعدة في سوريا..!! ومن يدعمها..!! ومن سهل دخولها إلى سوريا..!! وكيف تذبحها أمريكا والسعودية في اليمن فيما ترعاها في سوريا كما رعتها في العراق..!!وماذا تفعل مافيا البلاك ووتر الدموية في سوريا..!! وهل مهمتها يا ترى حماية الشعب السوري وأطفاله ونسائه أم ذبحهم بسكين مثلمة من الوريد إلى الوريد كما تذبح في العراق وفي أفغانستان..!!وماذا تفعل كل استخبارات الغرب والعرب وتركيا في سوريا وعلى حدودها..!! ومن يرعى تهريب كل أنواع الأسلحة وأدوات القتل والدمار إلى سوريا..!! ومن الذي يمول...!! أعتقد أن الإجابة واضحة لكل ذي لب..لا يجادل أحد أن النظام السوري ذو ماضي دموي ومجرم خصوصا في السبعينات عندما اتبع سياسة الأرض المحروقة ضد معارضيه في حماة وحلب.لكن وفي ذات الوقت فان هذا النظام العتيق يدرك حقيقة المخطط لإسقاطه، ويدرك أن الوسيلة الأساسية هي تحميله كل المجازر والدم المراق في سوريا وإدانته بارتكاب جرائم ضد الإنسانية كأحد سيناريوهات إسقاطه، الأمر الذي لا يمكن معه تصديق أن النظام قد يطلق النار على نفسه ويقدم هدايا مجانية لأعدائه بارتكابه لهذه المجازر ثم السماح لهم بالتقاطها وبثها عبر شاشات العالم.من هنا ...يمكن الإجابة على التساؤل أعلاه: من ارتكب مجزرة الحولة السورية..!! صحفي وباحث سياسي