الثورة في سوريا ضد نظام بشار الاسد جبت في نهاية الاسبوع ثمنا فظيعا آخر. اكثر من مائة شخص، بينهم 32 طفلا، قتلوا في مدينة الحولة في شرقي حمص، والاحصاء مستمر. بعد أن قتل في سوريا اكثر من 13 ألف شخصا في 14 شهرا من الثورة، سيكون هزيلا الحديث عن "أرقام قياسية" جديدة في المذبحة التي ينفذها النظام بحق مواطنيه. هزيلة بقدر لا يقل هي ردود الفعل الدولية، المليئة بالهذر الفارغ، الذي ليس بوسعه أن ينتج خطة عمل ذات مغزى تؤدي الى صرف النظام المجرم. كان يكفي حجم التقتيل في سوريا لتبرير عملية ذات غاية، توضح بان الاسرة الدولية غير مستعدة لان نظر وهي تقف جانبا، تفرك اليدين، وتتنكر لمسؤوليتها عن سلامة مواطنين أبرياء. نظام الاسد ليس كارثة طبيعية، لا تتطلب سوى أعمالا انسانية للمصابين بها. ومثلما سارعت ذات الاسرة الى المساعدة بعملية عسكرية لاسقاط معمر القذافي، وكما تمكنت الدول العربية من ايجاد السبيل السياسي لاسقاط رئيس اليمن، ومثلما اسقط نظام صدام حسين بالقوة، وبعد أن فشلت "خطة عنان" للامم المتحدة فشلا ذريعا في احداث تغيير في سوريا، لا ينبغي الاحتمال بان تكتفي منصة الامم المتحدة ببيانات شجب بائسة. الاعتبارات الاستراتيجية ضد عمل عسكري في سوريا معروفة. وهكذا ايضا صراعات القوى بين الدول الغربية وبين روسيا والصين، والتي تمنع حاليا التدخل العسكري. ولكن لدى الامم المتحدة الصلاحية والقدرة على استخدام قوات حفظ السلام بحيث تعمل ليس فقط كمراقبين بل وايضا كقوة عسكرية يمكنها أن تتدخل. مثل هذه الصلاحية يجب أن تطبق على الفور. لا يدور الحديث فقط عن المأساة الانسانية المستمرة في سوريا. فالاشتباكات العنيفة في لبنان، تعريض أمن تركيا للخطر ومئات الاف اللاجئين الذين فروا اليها والى الاردن، وكذا الخطر في أن يحاول حزب الله صرف الانتباه من سوريا الى اسرائيل، تدل كم سهلا تصدير الحرب في سوريا الى دول اخرى. الاسرة الدولية، التي تدعي توفير حلول سلمية للنزاعات في العالم وفي الشرق الاوسط بشكل خاص، وصد تطلع ايران لنيل سلاح نووي، ستفقد مصداقيتها اذا ما فشلت في سوريا.