خبر : اللعب بنار "التوجيهي" .. من يتحمّل مسؤوليته؟! ...بقلم: عبد الناصر النجار

السبت 26 مايو 2012 10:15 ص / بتوقيت القدس +2GMT
اللعب بنار "التوجيهي" .. من يتحمّل مسؤوليته؟! ...بقلم: عبد الناصر النجار



بداية: حتى لا يتحمّل النظام السياسي دون مقدمات وزر تظاهرات ومسيرات طلابية، لأن نسبة النجاح في السنة الأولى للتوجيهي (الثاني الثانوي) ستكون 30ـ40%، وفي السنة الثانية للتوجيهي (الثالث الثانوي) 30ـ35%.. وعندها سيجد النظام السياسي نفسه في وجه غضب شبابي طلابي مع عائلاتهم، إلاّ إذا رفعت نسبة النجاح في التوجيهي الأول إلى ما يزيد على 70ـ80%، وفي التوجيهي الثاني ما يصل إلى 55ـ60%.. لأن رفع معدلات التوجيهي أصبح قاعدة وليس استثناءً. وبذلك يصبح الهدف الأساسي من "التوجيهيين" وليس التوجيهي الأول فارغاً من مضمونه، علماً بأن ورقة المقترح الجديد لنظام امتحان التوجيهي تحمل كلمة "تطوير" فهل هذا هو تطوير حقيقي؟! وهل المقترح سيتم مناقشته من المختصين كأساتذة الجامعات والنخب الثقافية وممثلي القوى ومجالس أولياء الأمور.. أم انه سينزل من فوق كحقل تجارب.هذه المقدمة ربما قد تغضب البعض أو لا تروق للبعض الآخر، ولكن التربوي الذي لا يستقرئ المستقبل.. ويصل إلى تطوير حقيقي.. سيجد نفسه حتماً أمام هذا الوضع السوداوي.وبالنسبة إلى نسبة النجاح في الثانوية العامة فأنا أتحدى وزارة التربية أن تعلن النتائج الحقيقية للسنوات العشر الأخيرة على الأقل. لنتأكد من أنه تطورت نوعية التعليم أم أننا ما زلنا نراوح نفس المكان.السؤال الذي يتبادر للأذهان هو: هل تحسين نوعية التعليم المدرسي تأتي في السنة الأخيرة أو ما قبلها أم أنها عملية تراكمية؟، وهل نوعية التعليم يمكن أن تأتي من تغير إدارة الامتحان؟!.. والطالب الذي وصل زحفاً إلى (الحادي عشر) أو الثاني عشر فما هي قيمة كل الامتحانات في الدنيا التي تحسن من وضعه؟ولهذا نوجه سؤالاً آخر: ما هي نسبة "الأمّيّة" من الصف الأول وحتى الصف الرابع في المدارس الحكومية؟! قبل سنتين كتبت مقالاً حول امتحان الرياضيات الإقليمي الذي شاركت فيه فلسطين وجاءت نتيجته صفرا فهل تغير الوضع كثيراً رغم الجهود المكثفة التي بذلت من أجل تجميل الصورة؟تعالوا نرَ بعض ما جاء في مقترح التوجيهي لسنتين: في بداية المقترح تجيء عبارة أن التقدم لامتحان التوجيهي هو عملية اختيارية للطلبة.. وهل كان التوجيهي في يوم من الأيام إجبارياً؟! فما الجديد؟ومن النقاط الأخرى التي استندت إليها عملية التطوير حسب ما جاء في المقترح هو إعادة تشكيل فروع المرحلة الثانوية ومساراتها.. وبالنسبة للفروع ظلت كما هي فقط، والذي تغير هو الفرع التجاري الذي سيغير اسمه إلى "الإدارة والمعلوماتية" ربما اسم أكبر بكثير من واقعه.. على قاعدة ليس كل ما يلمع...يتحدث المقترح عن تطوير مناهج المرحلة الثانوية كمتطلب لتطوير المهارات العقلية العليا للطلبة والانتقال من عملية التعليم إلى التعلم.. وكأن تطوير المنهاج جاء ليخدم الامتحان، علماً بأن المتعارف عليه هو أن نظام الامتحان يخضع للمنهاج المقرر فهل قلب الأساس سيؤدي إلى تطور حقيقي؟!ومن المعايير التي استند إليها مقترح "التوجيهيين" الجديد تكثيف عملية الإرشاد والتوجيه المهني والأكاديمي ابتداءً من الصف التاسع الأساسي واعتماد قياسي ينظم الميول الأكاديمية والمهنية في نهاية العاشر.. وعلى رأي الإخوة المصريين "أسمع كلامك أصدقك أشوف عمايلك استعجب" هل يوجد في مدارس الحكومة إرشاد حقيقي؟ علماً أن غالبية المدارس فيها نصف مرشد، وأن عدد الطلبة يصل المئات... فكيف ستتم عملية الإرشاد الحقيقي؟.. أم أن التربية قادرة على توظيف آلاف من خريجي الخدمة الاجتماعية وعلم النفس في الوقت الذي يوجد فيه 40 ألف خريج متعطل تقدموا لامتحان التوظيف هذا العام لن يقبل منهم إلا أقل من 1000 تحت ضغط الميزانية؟!. فأي إرشاد هذا الذي يتحدث عنه المقترح؟!.الأخطر من ذلك كله هو ما جاء في المقترح من خفض عدد المباحث التي يتقدم لها الطالب في الامتحان دون المساس بالقيمة العلمية للتراكم المعرفي والمفاهيمي.. ويبدو أن هناك تناقضاً واضحاً في هذا الأمر أو أن مصطلح خفض المباحث يعني شيئاً آخر.بعد دراسة المقترح وجدنا أن الطالب في التوجيهي الأول (الثاني ثانوي) يقدم مثلاً مبحث الكيمياء في كتاب واحد عن سنتين بحيث يضم المنهاج مادة الحادي عشر والثاني عشر ويتقدم بها في السنة الأولى.. وفي السنة الثانية لا يتقدم بمبحث الكيمياء.. يعني إذا ذهب إلى الجامعة يكون ما "بصمه" من الكيمياء بعد سنتين قد ذهب 90% منه أدراج الرياح.. أما الفيزياء فلا يتقدم بها في امتحان التوجيهي الأول وإنما يتقدم بها في التوجيهي الثاني، بمعنى أنه لا يوجد امتحان فيزياء في الحادي عشر ويدمج الكتابان الحادي عشر والثاني عشر في امتحان التوجيهي الثاني. ويتقدم للامتحان بهما.طبعاً هذا المثال ينطبق على المسار العلمي ومسار العلوم الإنسانية ومسار الإدارة والمعلوماتية والمسار الصناعي. وفي كل المباحث الأساسية التي تبنى عليها هذه الفروع. ولا مجال للتفصيل في هذا المقال.نقطة أخيرة: لدي ورقتان: الأولى تحت عنوان "تعليمات رقم 7 لسنة 2011 ـ تعليمات امتحان شهادة الدراسة الثانوية الأردني".والورقة الثانية هي بعنوان: "السلطة الوطنية الفلسطينية وزارة التربية والتعليم العالي.. تعليمات امتحان الثانوية العامة تعليمات رقم 1ـ2 لسنة 2012.الورقتان الأردنية الأصل والفلسطينية التابع نسخٌ ولصق في أكثر من 80% من المحتويات؟! عندما يكون هناك تطوير حقيقي يجب أن يترك مجال حقيقي للمجتمع المحلي، للطلبة، الأهالي، النخب، الأكاديميين والتربويين ودور في الإقرار، لأن فشل نظام جديد للتوجيهي لن يتحمل وزره أحد سوى النظام السياسي.. تريّثوا يرعاكم الله وتعلّموا من التجربتين المصرية والأردنية، لعلّ السعيد من يتعلم من أخطاء غيره؟!وللتأكيد على ذلك العام الماضي احتج طلبة التوجيهي على برنامج الامتحان وانتهت القضية بطريقة محرجة.. وحتى لا تكون نتائج "التوجيهيين" قاضية في ظل الأوضاع السياسية والاجتماعية التي نعيشها... فلا بد من التريّث كثيراً كثيراً..!!