خبر : اتفاق المصالحة: هل نحن أمام وعد أم لعبة جديدة؟ ..بقلم: أشرف العجرمي

الأربعاء 23 مايو 2012 02:49 م / بتوقيت القدس +2GMT
اتفاق المصالحة: هل نحن أمام وعد أم لعبة جديدة؟ ..بقلم: أشرف العجرمي



مرة أخرى تتفق حركتا "فتح" و"حماس" على تفعيل موضوع المصالحة بتفاصيل محددة وجدول زمني يحاول تجاوز عثرات الماضي والوصول إلى إجراءات عملية يمكن تنفيذها على الأرض للمرة الأولى .واتفاق القاهرة الجديد جاء في وقت وصل فيه مستوى ثقة الجماهير بإمكانية تحقيق المصالحة الى ما يقارب الصفر، وهو على الأرجح أتى لتجاوز ما يمكن أن يترتب على نتائج انتخابات الرئاسة المصرية. ولعل اختيار التوقيت ليس مصادفة، ففي الوقت الذي تراهن فيه حركة "حماس" على وصول مرشح إسلامي لسدة الحكم في مصر بعد أن فاز الإسلاميون بغالبية مقاعد البرلمان، حيث إن نجاح رئيس محسوب على الحركات الإسلامية يفتح الآفاق أمام علاقة مع غزة تأمل "حماس" أن تثبت من خلالها سلطتها وإمارتها في القطاع، تخشى "حماس" من فوز مرشح علماني يبقي الوضع في التعامل نع ملف غزة كما هو عليه الآن ربما مع إجراء بعض التحسين ليس أكثر . وعلى ما يظهر باتت هناك تقديرات بخصوص الرئيس الجديد. و في كل الأحوال هذا الاتفاق سيبدأ تنفيذه بعد اتضاح نتائج الانتخابات المصرية التي تبدأ اليوم وتنتهي غداً. عندها يتقرر مصير الاتفاق الجديد هل سيرى طريقه إلى التطبيق العملي أم سيضاف إلى أرشيف الاتفاقات السابقة التي صار إحصاؤها أمراً ليس سهلاً. اتفاق القاهرة الجديد ليس كسابقاته من اتفاقات كونه يتضمن مخرجاً ملائماً لـ"حماس" فيما لو اضطرت لتنفيذ الشق الأول منه فقط، وهو تشكيل حكومة برئاسة الرئيس ابو مازن، ولم تكن معنية بالذهاب نحو انتخابات عامة شاملة، وهذا على الأغلب ما تفكر فيه قيادتها حتى اللحظة. فنص الاتفاق يقول إنه اذا تعذر إجراء الانتخابات في الموعد المحدد، الذي من المفروض ان تتوافق عليه الفصائل المختلفة، يلتقي الطرفان لبحث امكانية تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة برئاسة شخصية مستقلة يجري التوافق عليها. وهذه قد تكون الصيغة النهائية لملف المصالحة والتي قد توافق عليها الأطراف التى لا ترغب حقيقة بتغيير الوضع القائم وبانجاز مصالحة حقيقية تنهي حالة الانقسام وتقود إلى وحدة وطنية فعلية، بمعنى أن يبقى قطاع غزة تحت سيطرة "حماس" والضفة تحت سيطرة السلطة، الشيء الوحيد الذي يجمعهما الحكومة الموحدة التي قد تصبح دائمة. في هذه الحالة تكون "خسارة "حماس" جزئية تتمثل فقط بفقدان الإيرادات التي تجبيها حكومة "حماس" وإن كان من الممكن أن تسترد قسماً منها في حال نجحت في تثبيت قسم من موظفيها في مواقعهم الحالية كجزء من كادر السلطة الوظيفي.لا يعقل أن توافق "حماس" بمحض إرادتها على الذهاب نحو انتخابات عامة في وقت تدرك فيه قيادتها أنها لن تحصل بأي حال على الاغلبية التي تمكنها من السيطرة على المجلس التشريعي أو الرئاسة. ففي قطاع غزة حيث تحكم "حماس" لن تحصل الحركة على 20% في أفضل الأحوال، وهذا لا يعني ذهاب الأصوات بالضرورة إلى حركة "فتح" فربما تتوزع على كل القوى الوطنية والعلمانية، وقد يحصل أي تشكيل جديد على نسبة مهمة من الاصوات إذا جرى تشكيل قائمة أو حزب جديد على رأسه شخصيات تلقى احترام الجماهير. ولكن بات من شبه المؤكد وفقاً لكل استطلاعات الرأي التي اجريت أن "حماس " ستفقد الأغلبية. فما الذي يجعلها تسارع لهذا المصير وفي هذا الوقت.لذا فموضوع المصالحة هو في النهاية لعبة سياسية جيدة تدغدغ عواطف الجماهير التي سئمت هذا الانقسام، وخصوصاً مواطني قطاع غزة الذين عاشوا حياة صعبة للغاية ولا يزالون. كنتيجة مباشرة للانقسام وسلطة "حماس" التي بسببها يعانون من ظروف قاهرة، فيكفي أنهم لا يحصلون على الماء والكهرباء والوقود وحرية الحركة أسوة بالمواطنين في الضفة الغربية التي لا تزال تحت الاحتلال المباشر. وهناك أطراف غير "حماس" تشعر بالراحة للتخلص من قطاع غزة على اعتقاد أن عودة القطاع إلى حضن السلطة الوطنية وتوحيد الوطن قد يضر بمصالحها. وهذه اللعبة قد تستمر إلى ما شاء الله أو حتى يتدخل الشعب ويثور ويقول كلمة الفصل.نحن لا نريد ان نبالغ في التفاؤل أو التشاؤم فيما يتعلق بمصير الاتفاق الجديد، فما يفصلنا عن التطبيق العملي سوى بضعة أيام وبضعة شهور.فإن تم التنفيذ الفعلي ستكون هذه مفاجأة رائعة وايجابية وخطوة باتجاه تحقيق الحلم الوطني الكبير في اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على كامل الاراضي المحتلة منذ العام 1967، وسيكون علينا أن نعتذر على سوء الظن أو التشكيك بصلاح النوايا، وإن لم يطبق الاتفاق وخاصة انجاز الانتخابات العامة وتحقيق المصالحة والوحدة الحقيقية، عندها لن نقول ان تحليلنا صحيح فهذا غير مهم ، بل إن الكارثة تصبح محققة، فنحن في سباق مع الزمن في كل ما يتعلق بالأراضي المحتلة التي يجري قضمها وتهويدها بصورة متسارعة على ايدي المستوطنين والحكومات الإسرائيلية. فلدينا في اسرائيل حكومة لا تقر بحقوقنا في جزء من الوطن وفي المقدمة القدس الشرقية التي لا يريد نتنياهو تقاسمها معنا حتى بثمن الحصول على 87% من مساحة فلسطين التاريخية لتكون دولة إسرائيل المعترف بها فلسطينياً وعربياً وإسلامياً. وهذا الواقع السياسي الإسرائيلي ليس مرشحاً للتغير على المدى المنظور فاليمين الإسرائيلي هو سيد الموقف ومخططه ضم اكبر مساحة ممكنة من المناطق المحتلة المصنفة (ج) وتوطين مليون يهودي فيها.وهؤلاء لن ينتظروا عودة الوعي والرشد والترفع عن المصالح الخاصة والفئوية للمنقسمين على الوطن.والتاريخ لن يرحم هؤلاء، إذا رحمهم التاريخ لن يرحمهم الشعب. وبرغم كل شيء فشعبنا بخير وقادر على مفاجأة الجميع بانتفاضاته وثوراته على الظلم وعلى أي تهديد على مصير قضيته الوطنية.