قال الصحفي التركي عدنان أوزكو الذي سُجن في سوريا، وكان قد اعتقل فيها بعد أن دخلها، وأمضى في سجنها شهرين، ثم خرج بعد وساطة إيرانية: " إن السجن الإسرائيلي مقارنة بالسجن السوري، يعتبر سجنا من طراز الخمسة نجوم! ففي السجن السوري كان النوم على الأرض، وكنتُ أسمع الأنين من الألم والشكوى من سوء الحال، فقد وضع السجان السوري غطاء على عينيَّ واستجوبني، وهو يسب القيادة التركية ويتهمها بالعمالة للأمريكيين" يديعوت أحرونوت 16/5/2012 وكان الصحفي التركي من مرافقي قافلة سفينة مرمرة التركية التي قدمت للتضامن مع غزة عام 2010 حيث اعتقل في إسرائيل، وأمضى فيها فترة قصيرة، ثم عاد إلى بلده! ما قاله الصحفي التركي، قول شعبي واسع الانتشار .. وما أكثر الذين يرددونه! يردد المسافرون العرب هذا القول عندما يعبرون الحدود العربية بين دولتين عربيتين، ويتعرضون للإهانة والابتزاز من قبل إخوتهم العرب! ويردده العرب عندما يتقدمون للدوائر الحكومية العربية لإنجاز معاملاتهم، وبخاصة في مجال زيارات العائلات والأسر، والحصول التأشيرات لأقاربهم أو على الجنسيات العربية!! ويقول هذا القول أيضا عندما يسافر العربي للمرة الأولى إلى بلاد العالم المتقدمة ويقارن بين آليات استقبال العربي للعربي في الوطن العربي، وبين آليات استقبال العربي لرعايا الدول الأجنبية، والتي كانتْ وما تزال تُعتبر في المقررات المدرسية العربية دولا إمبريالية استعمارية احتلالية قمعية، ارتكبت أبشع الجرائم في حق الشعوب المقهورة!! ما أزال أذكر كيف أن بعض سلطات المطارات والموانئ والحدود العربية تعذَبُ العرب، وبخاصة مَن يحملون وثائق وجوازات سفر فلسطينية على الحدود ، وتُذيقهم كل أصناف الهوان، بعد أن (تحلبهم) ماليا وتستولي على ما في جيوبهم من نقود في شكل ضرائب وجمارك وطوابع وأجور، وتُعطي حتى عاملي النظافة والحمالين في منافذ الحدود مطلق الصلاحيات في ابتزازهم وإذلالهم، وما إن يصلوا حدود أية دولة غير عربية حتى يكتشفوا الفرق بين منافذ الحدود العربية ومنافذ الحدود الأجنبية، حينئذِ يقولون: أين نحن منهم؟ ومتى سنصبح مثلهم؟ على الرغم من أن إعلامنا العربي يكيل الشتائم، وينتقد تلك الدول ليل نهار، باعتبارها دولا ظالمة وغير عادلة! إن شعبية هذه الأقوال لا يمكنها أن تطمس الحقائق، التي لا يراها كثيرون للأسف. فالصحفي التركي رأى ما يرغب الإسرائيليون فيه، فهم لم يضعوه في السجون الإسرائيلية الحقيقية، ولم يجعلوه يرى زنازين الحبس الانفرادي الرهيبة، والتي تشبه القبور، فمن يدخلونها، أمواتٌ وإن عاشوا، وكل ذلك حفاظا على دعايتهم القوية والشائعة في كل أنحاء العالم، بأنهم الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط كله! وهذا بالطبع ليس دفاعا عن السجون العربية، وغرف التوقيف والتحقيق وما هو على شاكلتها، فكلها ليست سجونا للآدميين، بل هي حتى لا تصلح أن تكون زرائب لحيوانات ضالة، وليست داجنة، ومن هنا يحق للمسافرين وغير المسافرين وكذلك للصحفي التركي وأمثاله أن يعقدوا المقارنات، ويخرجوا باستنتاجات، مفادها : إن إسرائيل( بالمقارنة) !! هي الأكثر احتراما لحقوق الناس!! إن الدول التي لا تقدر الإنسان وتحترمه، وتُعلي منزلة مواطنيها،وتطبق الديمقراطية والعدالة والمساواة على الجميع أممٌ زائلة، حتى وإن ملأتْ فضاءها الجغرافي بالأعلام والرايات وصور زعمائها المغاوير الشجعان!!