خبر : إضراب المعتقلين الفلسطينيين: عدم إدراك الحكومة الإسرائيلية ...بقلم: أشرف العجرمي

الأربعاء 09 مايو 2012 09:00 ص / بتوقيت القدس +2GMT
إضراب المعتقلين الفلسطينيين: عدم إدراك الحكومة الإسرائيلية ...بقلم: أشرف العجرمي



يتواصل إضراب الأسرى والمعتقلين لليوم الثالث والعشرين بالنسبة لغالبيتهم الساحقة، في حين أن أقدم الإداريين المضربين دخل يومه الثاني والسبعين، ولا يوجد ما يدل على أن حكومة بنيامين نتنياهو تستوعب هذا الموضوع أو في الطريق نحو استيعابه، ربما لأنها الحكومة نفسها التي قررت قبل وقت غير طويل أن تتخذ سلسلة إجراءات تعسفية بحق الأسرى، بحجة أن الأسير الإسرائيلي السابق غلعاد شاليت كان يعامل بصورة لا إنسانية، وحركة "حماس" التي كانت تحتجزه منعت الصليب الأحمر الدولي من زيارته، حيث كان مكان احتجازه سرياً، بل هذه هي الحكومة التي تمادت في عملية قمعها للأسرى بتشريعات وأنظمة جديدة غير معهودة، ومنها سن قانون شاليت الذي يعاقب الأسرى والمعتقلين، ويمنع عنهم قسماً من حقوقهم. المعتقلون منعوا من التعليم الجامعي ومن اكمال التوجيهي، وهي اجراءات حديثة، ونقل قسم منهم للعزل، وتعرضوا لتفتيش ليلي وتفتيش عار ومذل وإلى قمع الجسدي، وحرم قسم منهم من تلقي زيارات الأهل، ولا يقتصر ذلك على معتقلي قطاع غزة الذين حرموا من الزيارات بسبب أسر شاليت، بل طال الأمر عدداً من معتقلي الضفة لأسباب وادعاءات فارغة ومتنوعة، إضافة إلى الاعتقال الإداري المتكرر والمستمر لأعداد كبيرة من الكوادر والنشطاء التنظيميين، ومعاملة الأهل الزائرين، و الاهمال الطبي والنقص في الغذاء، وكل ما تقدمه مصلحة السجون الاسرائيلية للأسرى مقارنة مع دول العالم الديمقراطي الذي تدّعي إسرائيل أنها تنتمي إليه.وكان من الطبيعي أن يلجؤوا إلى سلاح الإضراب الوسيلة الكفاحية الاهم التي يمتلكونها ، على الرغم من المخاطر المترتبة عليهم جراءها مع ازدياد مدة الإضراب .حتى الآن تبدو المعركة في الاتجاه الصحيح من حيث التفاعل الداخلي وتعاطي الجماهير وإلى حد ما الفصائل مع الإضراب ، حتى المستوى الرسمي بدأ مؤخراً بخطوات فعلية مثل عقد اجتماع للجامعة العربية على مستوى المندوبين ودعوة الامم المتحدة للانعقاد لمناقشة قضية الأسرى الفلسطينيين ، ويمكن القول أن الموقف الأوروبي بدأ في التحرك من خلال دعوة إسرائيل لتحسين معاملة المعتقلين الفلسطينيين. لكن هذا كله غير كاف على ما يبدو لدفع حكومة بنيامين نتنياهو لتدرك خطورة الموقف وتتخلى عن عنادها وموقفها العبثي الذي لا ينطوي سوى على الحقد والرغبة في الانتقام من المعتقلين ليس أكثر. وهناك حاجة لتفعيل المزيد من الضغط الشعبي والرسمي على سلطات الاحتلال. وهناك حاجة لتدخل دولي اكبر وأقوى وخاصة من الهيئات الأممية الإنسانية والحقوقية. الادعاءات الأمنية لا تستقيم مع الواقع افضل فترة نعمت بها مصلحة السجون الاسرائيلية بالهدوء والأمن عندما كانت هناك تفاهمات بين المعتقلين وهذه الهيئة ،واليوم عندما لا يشعر الاسرى بأنهم يحصلون على الحد الأدنى من حقوقهم لا يمكنهم أن يصمتوا ويصبروا إلى مالا نهاية ، وعندها يتم خرق حالة الهدوء والاستقرار اللذين لا يمكن أن يكونا على حساب الاسرى فقط . هذه المعادلة لم تكن واضحة في عقول قادة مصلحة السجون ولا عقول المتطرفين في الكنيست والحكومة الإسرائيلية. مع العلم أن الوضع لا يقتصر على العلاقة بين السجين والسجان فهناك عالم خارجي مرتبط بهذه المعادلة التي تمتد إلى الجماهير العريضة والأحزاب والحكومات والمؤسسات المحلية والدولية والمجتمع الدولي بأسره.ربما يراهن بعض الإسرائيليين على حالة الانقسام التي يعيشها الشارع الفلسطيني، وهي نفس الحالة التي منعت الأسرى من التوحد ضد اجراءات مصلحة السجون في السابق ، ولكن الوضع تغير عندما أعلن المعتقلون الإضراب وعندما كانت الحركة الاسيرة موحدة في الموقف حتى لو لم يشارك كل المعتقلين في الإضراب نفسه ،وعندما انتصرت الجماهير للأسرى . وسيكون الغباء حليف الحكومة الإسرائيلية إذا لم تقرأ المخاطر المترتبة على استمرار إضراب الأسرى، خاصة في ظل تعرض حياتهم للخطر واحتمال حصول حالة استشهاد لأحد المضربين عن الطعام. صحيح أن وضع الأسرى ليس هو الهم الوحيد للمواطنين ، فهناك الجمود التام في العملية السياسية مع الجانب اللإسرائيلي وعدم وجود أفق سياسي على المدى المنظور ، وهناك تعثر موضوع المصالحة التي اصبحت مثل المفاوضات مع إسرائيل - على حد تعبير محمود الزهار القيادي في حركة " حماس "، والأوضاع الاقتصادية في حالة تدهور مستمر بسبب قلة الدعم المالي المقدم للسلطة والحصار الإسرائيلي وتفاقم مشكلة البطالة في أوساط الشباب . وحالة الكبت التي يعيشونها. ولكن هذه العوامل مؤثرة وقد تلعب دوراً مهماً في انفجار الموقف ، إذا ما استمر الإضراب أو استشهد أحد المضربين - لا سمح الله – وهنا تجدر ملاحظة أن قضية الأسرى توحد الشارع الفلسطيني والفصائل والقيادات . هذا ما يجب ان يدركه العقلاء في إسرائيل ، إذا بقي لهؤلاء مكان في التأثير على المتطرفين الذين يقودون الجميع نحو الصدام والدمار.الوقت أمام إسرائيل لتفعل شيئاً، وتمنع التدهور أو تؤجله قصير جداً ، وهو محصور فى أيام قليلة وربما ساعات، قبل أن يحدث مالا يتمناه أحد أو يسعى إليه. ولن يتهدد أمن إسرائيل بعودة زيارات أهالي المعتقلين من قطاع غزة لأبنائهم كما كانت قبل عام 2006 ، كما لن تحدث كارثة لو جرى اخراج المعزولين وإعادتهم إلى الاقسام عند زملائهم ، ولن تخسر إسرائيل عندما تلتزم بقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الانساني واتفاقيات جنيف من العام 1949 وملاحقها ، وتحذو حذو الدول الديمقراطية المتحضرة في معاملة الأسرى والمعتقلين ، وتقوم بتوفير حياة انسانية معقولة في ظروف الاعتقال