خبر : في الأسباب الحقيقية وراء تعثر المصالحة الفلسطينية..محسن أبو رمضان

الأحد 06 مايو 2012 01:36 م / بتوقيت القدس +2GMT
في الأسباب الحقيقية وراء تعثر المصالحة الفلسطينية..محسن أبو رمضان



 يجب أن يتم مصارحة الجمهور بالحقيقة ، بعد سلسلة من اللقاءات والوثائق والاتفاقات والإعلانات التي تمت بين حركتي فتح وحماس وبمصادقة باقي فصائل العمل الوطني والإسلامي، فمنذ حوار القاهرة 2009 ومروراً للقاءات اليمن وسوريا ، ثم اتفاق القاهرة في 4/5/2011 ، ثم إعلان الدوحة 2012 فإن أية خطوات فعلية لم تتم على الأرض، وكل يوم يمضي يتكرس واقع الانقسام .فحركة حماس تستثمر المجلس التشريعي لترسيخ حكمها في غزة وتقوم بتعديل القوانين ولوائحها التنفيذية بما ينسجم مع فلسفتها ورؤيتها ، كما يقوم الرئيس أبو مازن بإصدار مراسيم رئاسية بوصفها قوانين دون عرضها على المجلس التشريعي ، كما يستثمر المجلس المركزي واللجنة التنفيذية لتمرير أجندته السياسية ، علماً بأن كلا الحكومتين لا تستطيعان ادعاء الشرعية بالمعنى الانتخابي والديمقراطي بسبب انقضاء ولايتهم الزمنية، وهذا ينسحب على الرئيس ايضاً .في كل مرة يتم الإعلان به عن اتفاق يخرج علينا بعض المتضررين من الحركتين لافتعال قضايا وإشكاليات تعيد المصالحة إلى المربع الأول مرة من خلال الاحتجاج على اسم رئيس الوزراء المقترح لحكومة التكنوقراط ، ومرة من خلال مسألة الاعتقالات السياسية وأخيراً يعاد السبب وراء المماطلة بتشكيل الحكومة التي من المهم ان تشرع بالتحضير للانتخابات وإعادة اعمار قطاع غزة إلى منع حماس للجنة الانتخابات المركزية بأن تقوم بمهامها في غزة، والفيتو الإسرائيلي الرافض لإجراء الانتخابات بالقدس.إن ما يسمح بخلق المبررات وإن كان بعضها موضوعياً وصحيحاً  حيث هناك حاجة ماسة إلى إغلاق ملف الاعتقال السياسي وإشاعة أجواء ايجابية من الحريات العامة لان الانتخابات من الصعوبة بمكان ان تتم في ظل غياب أجواء مناسبة من الحرية والتعددية التي تسمح بإجراء الدعاية الانتخابية بدون قيود هي حدة الانقسام والاستقطاب بين الطرفين وضعف مكونات منظمات المجتمع المدني من أحزاب ومنظمات أهلية ، حيث لم تستطع ان تشكل كتلة ضاغطة شعبية على الطرفين بهدف دفعها للاستجابة إلى مطالب الأغلبية الواسعة والمتضررة من حالة الانقسام . تعود الأسباب الحقيقية برأي لتعثر عملية المصالحة إلى سببين رئيسيتين :-السبب الأول : تكمن بعدم توفر القناعة الراسخة لدى الفريقين بضرورة الشراكة في بنية النظام السياسي الفلسطيني فحركة حماس تراهن على التحولات الناتجة عن الحراك الشعبي والعربي والذي نتج عن صعود التيار الإسلامي إلى الحكم بالعديد من البلدان العربية وآفاق انتخاب مرشح من حركة الإخوان المسلمين أو مقرب منهم للرئاسة المصرية،وبالتالي لا توجد مبررات أو أهمية للعلاقة مع الرئيس ابو مازن ، حيث ان الاعتراف الدولي بها سيتم من خلال بوابة الرئيس المصري القادم الذي من المحتمل أن يحقق تفاهمات مع الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي خاصة بعد المؤشرات الإعلامية التي أطلقها رموز الإخوان بصدد الاستمرارية باحترام الاتفاقات الدولية بما في ذلك اتفاقية كامب ديفيد .إن محيطاً عربياً حاضناً وداعماً لحركة حماس يدفعها للتريث ،وعدم الاستعجال تجاه الشراكة مع فتح والرئيس عباس ، حيث أن هذه الحاضنة ستعمل على تمكينها وتقويتها على الصعد الاقتصادية والسياسية وستساهم بفاعلية بإقناع المجتمع الدولي بالاعتراف بها .وحركة فتح برئاسة الرئيس أبو مازن ما زالت تراهن على خيار المفاوضات ومساعي الإدارة الأمريكية والرباعية الدولية ، وهي ما زالت تستمر بالمحاولة والتي كان آخرها الجولات الاستكشافية والرسائل المتبادلة بين كل من الرئيس عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو كما ترى ان أي تحول ديمقراطي عبر إجراء الانتخابات لن يصب بالضرورة في مصلحة فتح بل بالعكس حيث سيكون هناك نفوذ لصالح حركة حماس ، خاصة إذا أدركنا ان الجماهير تتعاطف مع الضحية والمضطهد، وهم بهذه الحالة بالضفة الغربية ،عبر الاعتقالات السياسية وإغلاق الجمعيات التابعة لها ، الأمر الذي سيصعب استمرارية سيطرة فتح على بنية النظام السياسي ومؤسساتها وهياكلها المختلفة إذا ما أقدمت على خطوة الانتخابات .السبب الثاني : يكمن بالامتيازات والمصالح التي تكرست بعد الانقسام حيث نمت شرائح بالمنطقتين ولدى الحركتين اقتصادية واجتماعية وسياسية وأصبح الانقسام مادة مغذية لهذه المصالح والامتيازات الأمر الذي يتناقض مع إمكانية تحقيق الوحدة التي ستؤدي إلى خسائر وفقدان لهذه الامتيازات ،فالخسائر ستكون متعددة منها اقتصادية ومنها على مستوى المكانة والهيبة وخاصة على مستوى النفوذ الشخصي والاجتماعي .... إلخ .إن السببين الواردين أعلاه ، باعتقادي هما السببين الحقيقيين وراء تعثر عملية المصالحة بغض النظر عن المبررات التي تسوغ وتشاع هنا وهناك ، فما زال الرهان ضعيفاً على الشراكة حيث استمرارية أزمة الثقة بين الحركتين ، والرهان يكمن على العامل الذاتي لكل حركة على حدة حيث تراهن حركة حماس على متغيرات المنطقة والربيع العربي وانتخابات الرئاسة المصرية، وتراهن فتح والرئيس أبو مازن على خيار المفاوضات فقط دون الاضطرار لضم حركة وهي حماس لمكونات السلطة ، حيث من الممكن ان يشكل هذا الضم عبأ على مسيرة المفاوضات وربما يجلب مشكلات لدى الرئيس أبو مازن وإلى الضفة الغربية مثل الحصار المفروض على قطاع غزة واحتمالية سحبه على الضفة إذا ما أصبحت حماس شريكاً لدى الرئيس أبو مازن بالسلطة .كما أن الامتيازات والمصالحة الطبقية والاجتماعية والسياسية التي نمت لا تشجع على الدفع باتجاه المصالحة .وعليه فإن الحقيقة تشير إلى صعوبة تحقيق المصالحة الوطنية ما لم يتم تفعيل الضغط الشعبي الرامي إلى إقناع قادة الحركتين بضرورة الخروج من هذه الدائرة المغلقة إلى رحاب المصالحة والوحدة الوطنية التي تتطلب وتشترط الشراكة السياسية ، فهي الأرحب والأشمل ، لأن الرهان على العامل الذاتي الفلسطيني الجماعي الموحد وليس على العامل الفردي والحزبي هو الكفيل بتحقيق أهداف شعبنا على طريق الحرية والاستقلال والعودة .