يوم الذكرى للكارثة والبطولة يحيى هذا المساء في احتفالات وخطابات رسمية. يخيل أنه كلما مر الوقت ورغم تناقص الناجين من الكارثة، فانها تملأ مكانا مركزيا أكثر فأكثر في حياة دولة اسرائيل. قبل بضعة ايام وجد هذا تعبيره في أعقاب قصيدة مناهضة لاسرائيل، كتبها الحائز على جائزة نوبل في الادب غنتر غراس. وقد اتهم غراس على الفور من رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو في أنه "ليس مفاجئا أن يرى من يخفي ماضيه في الـ اس.اس في اسرائيل تهديدا". وزير الداخلية، ايلي يشاي، بالغ فأعلن عنه "شخصية غير مرغوب فيها". قضية غراس كانت مجرد حكاية صغيرة بالنسبة لاستخدام الكارثة في مسألة النووي الايراني. فتحت الادعاءات ثقيلة الوزن بشأن الحاجة الى منع ايران من التسلح النووي يعتمل خوف من "كارثة ثانية"، توقع مصيبة على الشعب اليهودي. ويغذي نتنياهو هذا الخوف بشكل مستمر. فمنذ 2006، حين القى خطابا بصفته رئيس الليكود في المؤتمر السنوي للجاليات اليهودية في أمريكا الشمالية قال: "السنة هي 1938، وايران هي ألمانيا". وكرئيس للوزراء، عرض نتنياهو على منصة مؤتمر ايباك رسائل المؤتمر اليهودي العالمي من العام 1944، والتي تدل على أن الامريكيين رفضوا قصف معسكر الابادة اوشفتس وأعلن: "كرئيس وزراء اسرائيل، لن أسمح ابدا لشعبي أن يعيش تحت ظل الابادة". يخيل أن استخدام خطاب الكارثة في سياق تهديدات خارجية يعبر ايضا عن احساس بالتهديد الداخلي. مشاكل مبدئية تضعضع الثقة الذاتية لاسرائيل – غياب حدود متفق عليها، النزاع مع الفلسطينيين، توترات اجتماعية، عدم القدرة على تحديد دستور متفق عليه. وعندما تصطدم مسائل اساسية بهذا القدر لا تجد حلها على مدى السنين بتهديدات خارجية، يطل ظل الكارثة كتذكير باعث على الصدمة على ما من شأنه أن يحدث. على نتنياهو أن يفهم بان استخدام الكارثة كإشارة تحذير ليس بديلا عن سعي حقيقي لحل المشاكل. انهاء النزاع مع الفلسطينيين، ترسيم حدود متفق عليها، تعزيز حقوق المواطن – كل هذه هي الضمانة الحقيقية لمواصلة وجود اسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية.