خبر : يدلين: الرابح الأكبر للعام الأخير في العالم العربي هو الإسلام السياسي والأسد يتمتع بإخلاص أعمى من الجيش

الثلاثاء 10 أبريل 2012 12:16 ص / بتوقيت القدس +2GMT
يدلين: الرابح الأكبر للعام الأخير في العالم العربي هو الإسلام السياسي والأسد يتمتع بإخلاص أعمى من الجيش



القدس المحتلة / سما / قال الجنرال المتقاعد عاموس يدلين، رئيس مركز الأبحاث الإستراتيجيّة التابع لجامعة تل أبيب إنّه في الانتقال من العام 2011 إلى العام 2012: تبدو سورية الدولة العربية التي لم تنته فيها الجولة الأولى من اليقظة، فالجمع بين نظام حكم قوي ووحشي مع معارضة ضعيفة وعديمة الأساس التنظيمي، يضع الحكم في سورية أمام حرب أهلية غير متماثلة، لا يمكن لأي طرف فيها أن ينتصر، ويتمتع النظام السوري بميزتين لم تتوفرا للرئيس المصري حسني مبارك ولا للرئيس الليبي معمر القذافي: جيش مخلص على استعداد لإطلاق النار على مواطنيه، وحماية روسية ضد التدخل الأجنبي، كما أن المعارضة، خلافا لما كان في مصر، مركزها الريف، وهي تستند إلى عدم رضى واسع لدى من تضرروا من الجفاف ومن ارتفاع الأسعار، ومن الفساد والضغينة السنية الإسلامية الكامنة ضد حكم الأقلية العلوية. وتابع: وعلى خلفية ضعف الجماهير، فإن من المثير للانطباع استعدادها على مواصلة التظاهر رغم الثمن الباهظ الذي تدفعه. فخسارة الخوف من النظام لدى الجمهور في مصر، حيث أعلن الجيش أنه لن يتصادم مع المتظاهرين، كانت عنصرا مركزيا في إسقاط مبارك. وخسارة الخوف في سورية، حيث الجيش هناك يطلق النار على المتظاهرين، يستحق التقدير بشكل أعلى بكثير، ويميز بين سورية وكل من إيران أو البحرين، حيث أفلح النظامان هناك في إعادة الخوف وأوقفا التظاهرات. ولفت إلى أن سورية دولة سنية مركزية في العالم العربي، وجدت نفسها لأسباب جيوسياسية كثيرة في المعسكر الإيراني الشيعي، في تحالف مع إيران وحزب الله. ومن المثير للاهتمام ذلك التردد الأولي من جانب الجزيرة والسعودية في ما إذا كان ينبغي تأييد النظام في دولة رئيسية عربية سنية، أقام نظامها علاقات مع إيران، مع تركيا ومع حزب الله، أم تأييد المعارضة. وقد انتهى هذا التردد، والجامعة العربية، بقيادة السعودية ودول الخليج، انضمت لتركيا في الجهود لاستبدال النظام في سورية، ورأى أن ما يجري في سورية ينطوي بالضرورة على مخاطر وفرص لإسرائيل. فإذا أخرجت سورية المستقبل نفسها من المحور الراديكالي، فإن في ذلك تغييرا بالغ الإيجابية بالنسبة لإسرائيل. فطوال سنوات كانت المؤسسة الأمنية في إسرائيل توصي بالتوصل إلى اتفاق مع سورية مقابل ثمن إقليمي باهظ من أجل إبعاد إيران ووقف دعمها لحزب الله وحماس. والآن، إذا سقط النظام السوري، فإن هذه السيرورة الإيجابية يمكن أن تحدث من دون تدخل إسرائيلي ومن دون الحاجة لتقديم تنازلات إقليمية قاسية. ولفت الجنرال يدلين، رئيس شعبة الاستخبارات العسكريّة السابق (أمان) إلى أنّه يبدو أن من السابق لأوانه تحديد الرابحين والخاسرين لأن الوضع لا يزال متحركاً ويتطور في اتجاهات مختلفة ومتناقضة، وفي الأساس لأن معظم السيرورة لا يزال أمامنا، وفضلاً عن ذلك، فإن أغلب اللاعبين الإقليميين يرون ميزاناً مختلطاً. ورغم ذلك يمكن الإشارة إلى نتائج أولية عدة. وزاد: الرابح الأكبر للعام الأخير هو الإسلام السياسي في تونس، ليبيا، مصر، وفي المستقبل في سورية. ويبدو أن عصر صعود الشيعة في الشرق الأوسط تم كبحه في هذه المرحلة، وأن السنة هم الرابحون الأكبر من اليقظة العربية. وينظر إلى تركيا أيضا كرابح، رغم أنها دفعت ثمناً باهظاً جراء ترددها في اتخاذ موقف واضح بشأن الأزمة في ليبيا وخسرت استثمارات اقتصادية بمليارات الدولارات في ليبيا وسورية، وهي تواجه اليوم تحديات غير بسيطة في ضوء استمرار القمع في سورية والتمرد الكردي الداخلي. أما الخاسرون فهم بالتأكيد الحكام الذين أطيح بهم، وعشرات الآلاف ممن لقوا مصرعهم في ليبيا، والآلاف الذين قتلوا في سورية، والمنظومات الاقتصادية والاجتماعية في كل واحدة من الدول الست التي وقعت فيها الأحداث، النساء اللواتي تطلعن للمساواة في المكانة ونلن مكانة أدنى في الأنظمة الإسلامية، والأقليات المسيحية التي وجدت نفسها مهددة أو في مكانة أدنى من الشراكة والمساواة في دولة إسلامية وليس في دولة قومية عربية. كما أن الولايات المتحدة تبدو خاسرة. فقد فقدت حلفاء هامين في مصر وتونس، ويتعذر على حلفائها في السعودية وإسرائيل أن يغفرا لها تخليها عن حسني مبارك كما أن انعدام الاستقرار في ليبيا واليمن قد يعزز من نفوذ تنظيم القاعدة. ومع ذلك، وبشكل مفارقة، فإن رؤية الرئيس الأمريكي جورج بوش عن تغيير الأنظمة الحاكمة في الشرق الأوسط وتحويلها إلى أنظمة أكثر ديمقراطية، تبدو اليوم أقرب مما كانت في أي وقت مضى، حتى وإن كان ذلك يحدث نتيجة تطورات داخلية وليست خارجية. كما تبدو إسرائيل أيضا في الجانب الخاسر، رغم أن الأسوأ لا يزال بانتظارها: نظام حكم جديد في مصر وربما حدوث تغيير في الأردن، استمرار العصيان المدني في سورية ومحاولات تصدير الأزمات، والخيبات وشلال التوقعات على الحدود مع إسرائيل. وبرأيه، تبدو إيران راضية من بداية العملية عن سقوط أنظمة متعاطفة مع الغرب ومتحالفة مع إسرائيل، وعن تعزيز قوة العناصر الإسلامية في المغرب وفي مصر، وعن اليقظة الشيعية في البحرين وعن ارتفاع أسعار النفط. وما أن مر الربيع العربي وتبين أن سورية، الحليف المركزي لإيران في العالم العربي، هي أيضا بين المتضررين من الأحداث وأن السعودية والمعسكر السني يعززان قوتهما، وأن الهزة قد تصل أيضا إلى طهران حتى بدا الميزان الاستراتيجي بشكل مغاير. وخلص إلى القول: لقد غيرت ’رياح التحرير’ وجهتها، وما بدأ كـ’ربيع عربي’ ينتهي كعام إسلامي، وهذه فقط البداية. ونحن اليوم نفهم أن كلمتي ’الربيع العربي’ لا تصفان بشكل صائب الظاهرة التي عصفت بالشرق الأوسط في العام 2011. والحديث لا يدور عن نمو لثورة تقود إلى نموذج ديمقراطية ليبرالي، علماني، أنجلو أمريكي. والحديث لا يدور عن تغيير غير عنيف، كما لا يدور عن أثر دومينو سريع كذلك الذي حدث في أوروبا الشرقية، ولكن الحديث فعلاً يدور عن ظاهرة تغير وجه الشرق الأوسط بأسره، وبعد عام من بدء العملية والتطلع إلى السنوات المقبلة، يمكن عرض عشرة تفاهمات حول الانتفاضات العربية، حيث أن تعبير الانتفاضة هو التعبير الأصوب لوصف سلسلة الثورات في العالم العربي، على حد وصف يدلين.