خبر : في الخليل العامرة في السنة القادمة/ يديعوت

الإثنين 09 أبريل 2012 12:40 م / بتوقيت القدس +2GMT
في الخليل العامرة في السنة القادمة/ يديعوت



تحمل شعب اسرائيل بخروجه من مصر مهمتين ضخمتين – الحرية والايمان باله واحد – وكلتاهما غير سهلة. فقد كان تخليص الحرية من بين أنياب الامبراطورية المصرية صعبا كشق البحر، وكان أصعب منه نقل الشعب من العالم الوثني الى الايمان باله واحد – غير مرئي ومجرد ويكاد يكون فلسفيا. كانت تلك قفزة كوانتية مميزة للروح الانسانية.فلماذا لم يكف شعب اسرائيل هذان الانجازان العظيمان؟ ولماذا خاطر واستعبدهما لطموح آخر هو الانتقال الى ارض الميعاد؟ لأنهم لم يخرجوا من بيت العبودية فقط بل مضوا الى هدف ما واليه فقط. وكما تقول صلاة العيد: "الذي أخرجنا من ارض مصر وأعطانا التوراة وأدخلنا ارض اسرائيل".ويحتاج أمر الارض، "الارض المختارة"، الى تأمل شديد لأن الايمان الذي قبلوه على أنفسهم لم يكن متعلقا في ذاته بأية ارض مخصوصة. فاله اسرائيل بخلاف "آلهة المصريين" هو ملك العالمين ولهذا يمكن ان يُعبد في كل مكان على وجه البسيطة. فلماذا كان يحتاج شعب اسرائيل اذا الى التيه اربعين سنة في الصحراء نحو ارض كنعان خاصة بدل ان يستمتع بحريته ويعبد إلهه في مكان أقرب وأسهل؟.لأن هذه هي الشيفرة الجينية لليهودي منذ بدايته، أعني الحرية والايمان وارض اسرائيل. والأولان لا يمكن تحقيقهما كاملين إلا في الثالثة.واليوم بعد 3.500 سنة ماذا أصبح مصير هذه الثورة الكبيرة، ثورة الحرية والايمان وارض الميعاد؟.في رواية ديستويفسكي "الاخوة كراموزوف" يلتقي مفتش محاكم التفتيش الكبير في آخر النهار الذي أحرق فيه 100 "كافر" مع يسوع الناصري الذي عاد الى العالم "وعلى شفتيه بسمة رحمة هادئة بلا حدود... وتتقد في قلبه شمس الحب وتسطع من عينيه أشعة نور توقظ قلوب الناس". ونظر الكاردينال الى ذلك وأمر بطرح يسوع في السجن واحراقه حياً في الغد: فالكنيسة الكاثوليكية التي نشأت عن مذهبه لم تكن قادرة على احتمال الموازنة بينها وبين الأصل.ويوجد حلم أكثر حداثة وثوري من اجل تخريب "عالم قديم" وانشاء "عالم الغد" الذي لا توجد فيه طبقات، عالم المساواة والأخوة، بدلا منه. وقد انقلب هذا الحلم ايضا على مُبدعيه وبدل المساواة جاءت فظائع وأهوال البلشفية وبدل الأخوة جاء جحيم معسكرات السجن في سيبيريا.في "مزرعة الحيوانات" لجورج أورويل ايضا تنتهي الثورة الى نقيضها التام: فبعد ان سيطر الخنزير "نابليون" على الحيوانات جميعا جلس الى مائدة فساد مع العدو الذي هو الانسان، وكانت الحيوانات التي تستطيع النظر من الخارج تنقل نظرها من الخنزير الى الانسان وبالعكس ولا تستطيع التفريق بينهما.في مقابل كل ذلك يحتفل شعب اسرائيل في كل فصح بالبقاء العجيب لعناصر هويته الثلاثة جميعا. من المؤسف فقط انه يضطر عشية العيد ايضا الى ان يذوق شيئا ما من مرارة الثورات الفاشلة حينما تمنع حكومة اسرائيلية نسل ابراهيم من شراء مِلك في منطقة الماكفيلا في الخليل حيث اشترى أول قطعة ارض عبرية في ارض كنعان.لو ان ابراهيم عاد الى الارض ليشتري اليوم مغارة الماكفيلا لاحتاج الى "ترخيص صفقة". وكان باراك ونتنياهو يردانه خائبا بسبب "النظام العام" و"سلطة القانون"، وكان الأغيار من غير اليهود يُحمَوْن آلاف السنين من "اخلالهم بالنظام العام" على أيدي اليهودية واليهود.يتشابه هذا المثل ومثل "صاحب محاكم التفتيش الكبير" تشابها مخيفا. بيد أن من "يبغضون ارض الميعاد" ما يزالون أقلية عندنا ولهذا نقول: في الخليل العامرة في السنة القادمة!.