الكاتب غنتر غراس يرى في دولة اسرائيل، المسلحة برأيه بسلاح نووي وتهدد بالمس بايران التي تسعى الى نيل سلاح نووي، خطر على السلام العالمي. بعد الانتقاد الذي وجه لاقوال بهذه الروح نشرها الاسبوع الماضي في قصيدة في صحيفة "زيدويتشا تسايتونغ"، تحفظ غراس على ما قاله وسعى الى التمييز بين الدولة وبين الحكومة. ليست اسرائيل هي التي تقلقه، قال، بل حكومة بنيامين نتنياهو. ردود الفعل على ادعاءات غراس تركزت على الرجل وليس على الموقف. رافضو غراس ذكروا ماضيه كمقاتل في صفوف الرايخ الثالث – وهو ماض أخفاه حتى شيخوخته. وزير الداخلية ايلي يشاي تسرع في أن يلصق بغراس شارة "شخصية غير مرغوب فيها". اذا ما هبط في مطار بن غوريون وتقدم بجواز سفره الى رقابة الحدود، سيسارع رجال الامن بمرافقته ليعود في أول رحلة لوفتهنزا الى فرانكفورت، أو يفضل الى ميونخ، كما يناسب شخصا أطاع في الماضي تعليمات الزعيم الاوحد. يمكن أن نفهم الانفعال؛ من الصعب التسليم برد الفعل الزائد. عندما يقول وزير الداخلية "اذا اراد غنتر غراس ان يواصل نشر ابداعاته المشوهة والكاذبة، فاني اقترح ان يفعل هذا من ايران، حيث يمكنه أن يجد جمهورا عاطفا"، فانه لا يلاحظ ما في أقواله من مفارقة. وذلك بالذات لانه في قراره عدم السماح لغراس بدخول اسرائيل بسبب قصيدة كتبها تكمن مزايا مأخوذة من أنظمة ظلماء، بالضبط كتلك التي في طهران وكوريا الشمالية. وبينما قول رئيس الوزراء نتنياهو بان الحديث يدور عن "تصريحات جاهلة ومخجلة كل إنسان نزيه في العالم يجب أن يشجبها"، يمكن قبوله كجزء من النقاش العلني وذلك لان استخدام يشاي لصلاحياته السلطوية ليس شرعيا. يجدر بالاحتجاج أن يبقى في الاطار الديمقراطي الليبرالي الذي يسمح لكل انسان بان يسمع مواقفه، مهما كانت استفزازية. غراس، الحاصل على جائزة نوبل في الاداب، بالاجمال كتب قصيدة. دولة اسرائيل، من خلال وزير داخليتها، ردت بهستيريا. يخيل أنه أكثر مما يدور الحديث عن شخصية غير مرغوب فيها، يدور الحديث عن سياسة غير مرغوب فيها.