قبل يومين من دخول وقف النار الذي حدده مبعوث الامم المتحدة كوفي عنان حيز التنفيذ، يستمر القتل في سوريا بكامل شدته. ما لا يقل عن 130 شخصا قتلوا أمس في المعارك وفي اضطرابات العنف في أرجاء الدولة، معظمهم في حمص، حلب وفي ضواحي حماة. بالمقابل، احتفل الالاف من مؤيدي الرئيس بشار الاسد في دمشق بمرور 64 سنة على إقامة حزب البعث. وأول أمس قتل حسب تقارير نشطاء حقوق الانسان ما لا يقل عن 27 جنديا سوريا، ثائرا ومواطنا في أرجاء سوريا. اشتداد أعمال العنف هو جزء مما بدا كمسعى من الجيش السوري لايقاع الهزيمة بقوى المعارضة في كل مكان ممكن قبل أن يدخل وقف النار حيز التنفيذ. وحسب خطة النقاط الست لعنان، تنسحب قوات بشار الاسد من مراكز المدن حتى 10 نيسان، ويعلن بعد يومين من ذلك عن وقف تام للنار. ولكن في هذه الاثناء، العنف في سوريا مستمر ووتيرة تدفق اللاجئين الى تركيا آخذة في التصاعد. في فيلم فيديو نشر على الانترنت في نهاية الاسبوع ظهر قبر جماعي في منطقة حمص، وفيه 13 جثة لمواطنين اعدوا أغلب الظن. وزير الخارجية التركية احمد داوداوغلو تحت مع الامين العام للامم المتحدة بان كي مون وأفاده بان عدد اللاجئين الاجمالي ممن اجتازوا الحدود من سوريا بلغ نحو 24 ألف. وعلى حد قوله، يحتمل أن تحتاج تركيا الى مساعدة من الامم المتحدة لتقديم العناية انسانية للاجئين. صحيفة "زمان" التركية أفادت بانه يوم الجمعة وحده اجتاز أكثر من 3 الاف سوري الحدود في منطقة إدلب – عشرة أضعاف وتيرة تدفق اللاجئين قبل خطة عنان. في ما يبدو كمؤشر اضافي على ضعف قوة المعارضة المسلحة، أعلن أمس قائد الجيش السوري الحر العقيد رياض الاسعد بان "ممثلي عنان التقوا بقادة الثوار وبحثوا في وقف النار. وقال الاسعد انه يوافق على الصيغة شريطة أن يسحب النظام السوري قواته الى المواقع التي كان يحتلها قبل الهجوم. ورفض الدخول في تفاصيل أين عقد اللقاء، ولكنه أكد بانه عقد هذا الاسبوع. بالتوازي، التقى الجنرال النرويجي، روبرت مود، الذي سيترأس القوة التي ستراقب وقف النار، مع نائب وزير الخارجية السوري. هذا وانتقد الامين العام للامم المتحدة يوم الجمعة بشدة استمرار القمع العنيف من جانب نظام الاسد، وأوضح بان سحب القوات المخطط له لا يمكنه ان يستخدم كذريعة لاستمرار القتل. وبتقدير الامم المتحدة، فانه منذ اندلاع الانتفاضة الشعبية في سوريا قبل أكثر من سنة قتل أكثر من 9 الاف شخص. "السلطات السورية مسؤولة عن الخروقات الفظة لحقوق الانسان والقانون الدولي. هذه يجب ان تتوقف فورا"، قال بان في بيان نشره. والى جانب ذلك أفاد السفير الامريكي في دمشق، روبرت فورد بانه من صور فضائية وتقارير في صفحة الفيس بوك للسفارة الامريكية يفهم بان الحكومة السورية سحبت ظاهرا جزءا من قواتها، ولكن في مدن معينة ابقي الجنود والدبابات في اماكنهم وببساطة انتقلوا من مكان الى مكان. "لم يطرأ تقليص على نشاط قوات أمن الحكومة السورية. هذه هي الخطوة الاولى التي يجب أن تنفذ كي تتوج مبادرة عنان بالنجاح"، قال فورد. "في محافظة ادلب نقلت الدبابات الى مدينة زردانة المجاورة، أما في مدن مثل حمص والزبداني فقد أبقت الحكومة وحدات المدفعية قرب الاحياء السكنية، في اماكن يمكن منها العودة الى اطلاق النار". ويوم الجمعة أفادت "هآرتس" بان حزب الله وايران صعدا مؤخرا بقدر واضح المساعدات التي يقدمانها للاسد في مساعيه لقمع الثورة. ومن معلومات جمعتها أجهزة الاستخبارات في الغرب، بما في ذلك في اسرائيل يتبين أن محافل استخبارات ايرانية ونشطاء من حزب ا لله يساعدون في التدريب وفي تزويد قوات الامن السورية بالوسائل القتالية، وان عددا من رجال المنظمة الشيعية قتلوا في المعارك مع الثوار. وقالت محافل أمن اسرائيلية بانه رغم أن الايرانيين يؤمنون ويقدرون بان الاسد سيجتاز بسلام الحرب الاهلية السورية، فان استثمار طهران موجه ايضا الى "اليوم التالي للاسد" انطلاقا من الامل في التأثير على الاحداث في الدولة حتى في حالة تغيير الحكم".