مع ان الصواريخ تواصل السقوط في اسرائيل، ولكن باعداد أقل، ودون أن تتحمل أي منظمة المسؤولية عن اطلاقها، الامر الذي يشير الى أنه بعد أربعة أيام من القتال نجحت مصر في تحقيق تهدئة بين اسرائيل والفصائل الفلسطينية. من الان فصاعدا حين يسود بين الطرفين هدوء نسبي متوتر، فان الحرب تنتقل الى غزة، الى الخصومة بين الفصائل الفلسطينية، ولا سيما بين المنظمتين الكبيرتين منها – حماس والجهاد. رغم عشرات القتلى في أوساط خلايا اطلاق الصواريخ، فان الجهاد ترى في النجاح في اطلاق مئات الصواريخ على اسرائيل في اثناء ايام القتال انجازا ليس أقل من تاريخي. فقد أطلقت الجهاد نحو اسرائيل 185 صاروخا، لجان المقاومة الشعبية، التي بدأ القتال بعد تصفية اسرائيل لامينها العام زهير القيسي، تباهت بمائة صاروخ اطلقها رجالها. أما منظمة الجبهة الشعبية فاكتفت بـ 45 صاروخا. عشرات الصواريخ الاخرى اطلقتها منظمات أصغر. في الجهاد يقولون ان التهدئة هذه المرة "تختلف عن سابقتها، مثلما وصف ذلك الناطق بلسان الحركة داهود شهاب، في بيان للصحافة. واشار الى انه حسب الاتفاق تلتزم اسرائيل بوقف الهجمات والامتناع عن التصفيات. هكذا قيل أيضا في البيان الرسمي المصري، ولكن مشكوك فيه ان يكون الجيش الاسرائيلي بالفعل سيمتنع عن تنفيذ تصفية في حالة وصلت اليه معلومات عن عملية على الطريق. في حماس، التي أخذت على نفسها، من خلال المصريين، دور الوسيط بين الفصائل واسرائيل، يحاولون التقليل من حجم انجاز الجهاد ويشددون بان على كل الفصائل ان تنظم نفسها معا. قوة حماس ضعفت في القطاع بسبب موقفها المعتدل نسبيا ضد اسرائيل. فالمنظمة غير معنية بتصعيد النار والدفع نحو قرار اسرائيلي بالخروج الى عملية برية من شأنها أن تدفع حكمها الى الانهيار. مسؤول المنظمة الكبير محمود الزهار قال: "التهدئة الحالية تشبه سابقاتها. وهي تقوم على أساس ان الاحتلال سيوقف هجماته ضد القطاع وبالمقابل سيتوقف الرد الفلسطيني. الشعب الفلسطيني لا يمكنه ان يثق بالعدو. وقد وافق على التهدئة بسبب الظروف المحيطة". الاحساس العام في القطاع هو أن الجهاد خرجت ويدها هي العليا، ولا سيما في صراع المكانة حيال حماس. من ناحيتها، في الوقت الذي قتل فيها نشطاء المنظمة، جلس أحمد الجعبري، قائد كتائب القسام من حماس مرتاحا. موقع الانترنت "سرايا القدس" الذراع العسكري للجهاد الاسلامي كتب يقول: "من لا يمكنهم أن يتخلوا عن السيارات الفاخرة، وحولهم رجال بربطات عنق ملونة، لا يمكنهم ان يشعروا بالتوق الى محبة فلسطين. وعليه فينبغي لهم أن يخلوا الطريق لمن يحبها حقا". الجهاد تسخر ايضا من المشروع الاساس لاسرائيل في حربها ضد الصواريخ وتسميه "قبة حديدية" بكلمات "القبة القديمة". في حماس يصدون الانتقاد على عدم انضمامهم الى القتال. موقع الانترنت "بال تايمز" المتماثل مع الحركة، استعان بمقطع فيديو نشره الناطق بلسان الجيش الاسرائيلي ليثبت بان حكومة حماس دعمت الفصائل. في هذا المقطع، الذي نشر في اليو تيوب من جانب اسرائيل نفسها اول أمس، جيء بقسم من مقابلة اجريت في تلفزيون المنظمة "الاقصى" مع الناطق بلسان لجان المقاومة، ابو مجاهد، يشدد فيه على ان حكومة حماس في غزة لم تمنع الفصائل من اطلاق الصواريخ نحو اسرائيل. ماذا يفكر فيه سكان غزة؟ عشرات الالاف شاركوا امس في مسيرات "النصر" للجهاد في شوارع غزة، وفي اثنائها اطلق خطاب من الامين العام للمنظمة رمضان شلح الذي يستقر في دمشق، والذي اثنى فيه على "سرايا القدس" وادعى بان "المقاومة أحدثت ميزان رعب مع العدو. وقال ان "هذه المعركة التي استمرت ايام انتهت، ولكن الحرب لن تنتهي قبل تحرير فلسطين وتفكيك المشروع الصهيوني". مهما يكن من أمر، واضح للجميع بان الهدوء النسبي هو هش ويكفي صاروخ واحد يلحق خسائر في الطرف الفلسطيني كي تشتعل الامور من جديد، وعندها ستكون الحرب بين الفصائل الفلسطينية مرة اخرى موضوعا هامشيا والحرب الحقيقية ستعود لتكون بين اسرائيل والفلسطينيين.