بيروت/نيويورك (رويترز) - قال الامين العام للامم المتحدة بان جي مون يوم الجمعة ان لديه مخاوف من أن قوات الحكومة السورية تقوم بعمليات اعدام تعسفية وسجن وتعذيب ضد المواطنين في مدينة حمص. وقال بان أمام الجمعية العامة للامم المتحدة المؤلفة من 193 دولة "وقع هجوم كبير على حمص بالامس... من الواضح ان الخسائر البشرية ضخمة. ما زلنا نتلقى تقارير مروعة عن عمليات اعدام بدون محاكمة واعتقالات تعسفية وتعذيب." وقال الصليب الاحمر ان من غير المقبول أن تمنع سوريا قافلة مساعدات تابعة له من دخول حي بابا عمرو في حمص حيث قالت المعارضة ان الجيش السوري ارتكب مذبحة. وكان الحي السكني قد أصبح رمزا للمقاومة ضد الاسد بعد أن حاصرته القوات الحكومية بالدبابات والمدفعية وقصفته بكثافة على مدى أسابيع مما أسفر عن مقتل واصابة مدنيين احتموا بمبانيه المتهدمة. وفيما انسحب مقاتلو المعارضة الخميس من بابا عمرو حذر المجلس الوطني السوري المعارض من مذبحة في المنطقة. وقال مسؤول بوزارة الخارجية والمغتربين السورية ان الجيش السوري "طهر بابا عمرو من الجماعات الارهابية المسلحة المدعومة من الخارج." وقال نشطاء ان قوات الاسد بدأت ملاحقة وقتل من تبقى منهم لتغطية "الانسحاب التكتيكي" لزملائهم من بابا عمرو. ويتعذر التأكد من صحة التقارير. واضاف النشطاء أن عشرة شبان قتلوا رميا بالرصاص يوم الجمعة. ولم يتضح على الفور عدد المعارضين الذين قتلوا في الهجوم وعدد من انسحبوا. وقالت اللجنة الدولية للصليب الاحمر ان قافلتها وصلت الى المنطقة التي تعرضت للقصف والحصار منذ 26 يوما لكن لم يسمح لها بالدخول. وقال جاكوب كيلنبرجر رئيس اللجنة في بيان في جنيف "من غير المقبول عدم حصول من يحتاجون لمساعدة طارئة منذ أسابيع على أي دعم حتى الان. "نحن باقون في حمص الليلة على أمل دخول بابا عمرو في أقرب وقت. اضافة الى ذلك فر كثير من الاسر من بابا عمرو وسنساعدهم بأسرع ما يمكننا." وقال نشط في حمص لرويترز "الجيش السوري يعطل القافلة لانهم يريدون تنظيف بابا عمرو بعد ما فعلوه فيها." ولم يتسن التحقق من ذلك بشكل مستقل. وقال نشط "كل من بقي من الرجال في الحي بين 14 و50 عاما اعتقلوا. نخشى ان يتم قتلهم. أين العالم.." وأبلغ نشط اخر غادر بابا عمرو يوم رويترز عبر موقع سكايب الالكتروني "المذابح مستمرة. يعذبونهم ويقتلون (المعتقلين) واحدا تلو الاخر. يعدمونهم في مجموعات." وقال نشطاء ان الكثيرين من بين 2000 مقاتل كانوا في بابا عمرو قتلوا وأصيبوا في الهجوم واضافوا أن من غير الممكن تحديد عدد اجمالي نهائي بسبب القصف الشديد والحصار. وترددت أنباء عن فرار المئات. وكانت قافلة الصليب الاحمر المكونة من سبع شاحنات تحمل أغذية وامدادات أخرى قد غادرت دمشق في ساعة مبكرة الجمعة الى حمص حيث قابلها متطوعون محليون وسيارات اسعاف تابعة للهلال الاحمر العربي السوري مستعدة لعلاج واجلاء المرضى والجرحى. وأظهرت لقطات تلفزيونية خروج المحتجين الى الشوارع بعد صلاة الجمعة في بلدات ومدن في أنحاء سوريا بينها حمص وحماه ودير الزور ودرعا وعدة احياء في دمشق. وأظهرت لقطات فيديو بثها نشطاء قوات الجيش على ما يبدو وهي تطلق النار على المتظاهرين. وقال نشطاء ان 40 شخصا قتلوا في أعمال عنف في أنحاء سوريا الجمعة. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان ومقره لندن ان 13 شخصا على الاقل لقوا حتفهم الجمعة عندما أطلقت قوات الامن قذيفة مورتر على احتجاج في بلدة الرستن بمحافظة حمص. ومن الصعب للغاية التحقق من مثل تلك التقارير من جهة مستقلة نظرا لان السلطات السورية تمنع وسائل الاعلام الاجنبية من الدخول. وكتب على لافتة رفعها محتجون "الشعب يريد اعلان الجهاد". وفي جنيف ذكر مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة الاسد بالتزاماته بموجب القانون الدولي. وقال روبرت كولفيل المتحدث باسم المجلس "نشعر بقلق من تقارير بدأت تخرج من حي بابا عمرو في حمص بعد ان سيطرت عليه القوات الحكومة أمس." وقالت شخصية موالية للحكومة ان قوات الاسد "قصمت ظهر" الانتفاضة وان انسحاب مقاتلي المعارضة يؤذن بالانتصار على حركة التمرد المدعومة من الغرب. وقال الجيش السوري الحر يوم الخميس انه سيغادر المنطقة التي يعيش بها 100 الف نسمة فيما وصفه "بالانسحاب التكتيكي". ولم يتبق الا بضعة الاف في بابا عمرو. وساءت الاوضاع بشدة في المنطقة التي تعرضت لقصف عنيف. وأظهرت لقطات تلفزيونية ثلوجا كثيفة وانخفضت درجة الحرارة بشدة في حين لا يتوفر للسكان الوقود او الكهرباء اللازمين للتدفئة. وهناك ايضا نقص في الاغذية والامدادات الطبية. ولم يفلت اي مبنى تقريبا من أضرار قصف المدفعية وتحمل مبان كثيرة اثار أعيرة نارية. وفي استعراض نادر للوحدة مع القوى الغربية انضمت روسيا والصين لباقي أعضاء مجلس الامن التابع للامم المتحدة في التعبير عن "خيبة أمل عميقة" من عدم سماح سوريا بزيارة وكيلة الامين العام للامم المتحدة للشؤون الانسانية للبلاد وحثت على السماح بدخولها فورا. وهذا هو اول بيان للمجلس بشأن سوريا. ويعاني المجلس من حالة جمود بشأن هذه القضية منذ اغسطس اب من العام الماضي. لكن لم يتضح على الفور الى اي مدى غيرت موسكو والصين اللتان تدعمان الاسد موقفيهما. ونأى رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين بنفسه فيما يبدو عن الاسد في مقابلة مع مجموعة من الصحفيين الاوروبيين قائلا انه لا تربطه علاقة خاصة بالرئيس السوري. ونقلت صحيفة تايمز البريطانية يوم الجمعة عن بوتين قوله "الامر يرجع للسوريين لتقرير من يجب أن يحكم بلدهم... ينبغي ضمان ان يتوقفوا عن قتل بعضهم البعض." وقال الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي يوم الجمعة ان فرنسا ستغلق سفارتها في سوريا بسبب قمع الرئيس بشار الاسد للمعارضة وانها مستعدة لزيادة دعمها لمقاتلي المعارضة اذا أعطاها مجلس الامن الدولي الضوء الاخضر. وأضاف في مؤتمر صحفي خلال قمة اوروبية في بروكسل "ذات يوم سيدفع كل الحكام المستبدين ثمن أفعالهم." وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يوم الجمعة ان حكام سوريا سيحاسبون. وقال للصحفيين لدى وصوله للمشاركة في اليوم الثاني من قمة لزعماء الاتحاد الاوروبي في بروكسل "نحتاج للبدء في جمع الادلة الان لانه سيجيء يوم - مهما طال الوقت- لحساب هذا النظام الفظيع." ويخطط الاتحاد الاوروبي للدعوة لزيادة الضغط على الاسد. ويستعد أيضا لحث الجامعة العربية على دعوة المجلس الوطني السوري المعارض الى اجتماع. ويقول الاتحاد انه اعترف بالمجلس ممثلا شرعيا للشعب السوري. وزاد الاتحاد الاوروبي خلال الشهور الماضية قائمة الاشخاص الذين فرض عليهم عقوبات شملت حظر السفر وتجميد الاموال. وفيما انتشرت اخبار انسحاب المعارضة من بابا عمرو أظهرت لقطات فيديو بثت على الانترنت ما يبدو أنهما جثتا الصحفية الامريكية ماري كولفين والمصور الفرنسي ريمي اوشليك. وقتل الصحفيان في قصف تعرضت له المدينة منذ نحو ثمانية ايام. وقالت اللجنة الدولية للصليب الاحمر في وقت سابق ان الجثتين سلمتا لمسؤولين من اللجنة والهلال الاحمر العربي السوري. وقال ساركوزي ان الصحفية الفرنسية اديت بوفييه التي أصيبت في نفس القصف والصحفي وليام دانييلز نقلا جوا الى باريس من لبنان يوم الجمعة. وكان الاخيران بين مجموعة من الصحفيين الذين حوصروا في حمص. ويتصدر مسلحون معارضون وجنود منشقون الانتفاضة على الاسد التي بدأت باحتجاجات سلمية وتصاعدت بعد الحملة الحكومية العنيفة. وقال مسؤول لبناني مقرب من دمشق ان هزيمة قوات المعارضة في حمص ستجعل المعارضة بلا اي معقل رئيسي في سوريا مما يخفف حدة الازمة التي يواجهها الاسد الذي لايزال واثقا من قدرته على الخروج منها. وتتزايد عزلة الاسد دوليا في صراعه لسحق المعارضة المسلحة. وقال الرئيس التركي عبد الله جول لرويترز يوم الخميس ان روسيا وايران ستدركان قريبا أنهما ليس لديهما من خيار سوى الانضمام للجهود الدبلوماسية الدولية لازاحة الاسد. وتقول الامم المتحدة ان القوات السورية قتلت اكثر من 7500 مدني منذ اندلاع الانتفاضة في مارس اذار الماضي. وقالت الحكومة السورية في ديسمبر كانون الاول ان "ارهابيين مسلحين" قتلوا اكثر من الفين من افراد الجيش والشرطة خلال هذه الاضطرابات.