خبر : عدم الاستقرار في مصر يهدد بقطع الكهرباء عن إسرائيل

الجمعة 02 مارس 2012 01:39 م / بتوقيت القدس +2GMT
عدم الاستقرار في مصر يهدد بقطع الكهرباء عن إسرائيل



تل أبيب - رويترز: قد تواجه إسرائيل صيفاً مشوباً بانقطاعات التيار الكهربائي، وهي تحاول جاهدةً البحث عن بدائل لإمدادات الغاز التي فقدتها بسبب الهجمات التي استهدفت خط الأنابيب الممتد إليها عبر شبه جزيرة سيناء المصرية. وكان خط الأنابيب الذي يغذي إسرائيل بالغاز من أول ضحايا الثورة التي اندلعت في مصر في كانون الثاني من العام الماضي. وقال وزير الطاقة الإسرائيلي عوزي لانداو، يوم 15 شباط، حين كان مكتبه يطرح مليوناً ونصف مليون مصباح موفر للطاقة في متاجر الإلكترونيات في عموم البلاد: "إسرائيل تواجه خطراً حقيقياً بانقطاع التيار الكهربائي. قد لا نستطيع الحفاظ على إمدادات الكهرباء". وكانت هذه أحدث محاولة لخفض استهلاك الطاقة قبل ارتفاع الطلب إلى مستويات الذروة في فصل الصيف، وهي جزء من خطة طويلة الأجل لزيادة كفاءة استهلاك الطاقة أصبحت الآن أكثر إلحاحاً من ذي قبل. وطرحت وزارة لانداو 50 ألف ثلاجة جديدة بسعر مخفض. وفي الشهر المقبل ستطرح عشرة آلاف مكيف للهواء وبعدها غسالات وسخانات موفرة للطاقة. وتابع الإسرائيليون بقلق الثورات الشعبية التي اجتاحت الشرق الأوسط وأطاحت بعدد من أبرز القادة العرب. وربما كان التطور الأكثر إزعاجاً هو الإطاحة بالرئيس المصري حسني مبارك الذي دعم اتفاقية السلام الموقعة مع إسرائيل عام 1979 والتي أصبحت حجر زاوية في الدبلوماسية الإسرائيلية. وكان أهم المشروعات الاقتصادية التي خرجت من رحم الاتفاقية، اتفاق تصدير الغاز لإسرائيل الموقع عام 2005 الذي ضمن لها مصدراً موثوقاً للطاقة وأصبح إحدى ركائز العلاقة الإقليمية. وأوضح قادة إسرائيل أن ضمان استمرار الاتفاق من أولويات السياسة الإسرائيلية. وتعرض خط الأنابيب العريش - عسقلان لما يزيد على عشرة تفجيرات منذ بداية الاضطرابات في مصر. ويمتد الخط مسافة 100 كيلومتر "60 ميلاً" ومعظمه تحت المياه ليربط بين العريش المصرية ومرفأ عسقلان في إسرائيل. ويشكل الغاز الطبيعي الذي ينقله الخط 40 في المائة من إمدادات إسرائيل. ومع الانقطاعات المتكررة اضطرت إسرائيل للعودة إلى الوقود الأحفوري الأقل نظافة والأعلى كلفة كالديزل وزيت الوقود فضلاً عن استنفاد حقل الغاز الوحيد العامل في البلاد. وتضررت الشركات المستثمرة في المشروع الإسرائيلي المصري وتطلب حالياً تعويضات من الحكومة المصرية قدرها مليارات الدولارات. ووقع الهجوم الأول على خط الغاز في الخامس من شباط 2011 حين فقدت السلطات المصرية سيطرتها على التظاهرات التي اجتاحت الشوارع وقبل نحو أسبوع من الإطاحة بمبارك. وتوقف تدفق الغاز لأكثر من 200 يوم من العام الماضي مما كلف الاقتصاد الإسرائيلي ما يقرب من 5ر2 مليون دولار يومياً في صيف كان معتدلاً نسبياً. وزاد استخدام الديزل بنسبة 200 في المائة وزيت الوقود أكثر من 100 في المائة حسب بيانات وزارة الطاقة. وفي الفترات التي استؤنف فيها تدفق الغاز كانت الإمدادات أقل من الطاقة الكاملة. ووقع أحدث هجوم على الخط في الخامس من شباط 2012. وقال لانداو الذي يشرف على الاتفاق مع مصر بصفته وزيراً للطاقة في مقابلة: "نحن مهتمون بالتأكيد بالحفاظ على الاتفاق بقدر ما نستطيع. نريد شراء الغاز منهم لكن كلما جرت محاولات للبدء من جديد يتم تفجير الخط مرة أخرى". ويقول مصريون وشيوخ قبائل: إن الذين نفذوا الهجمات مسلحون إسلاميون يعارضون بيع الغاز إلى إسرائيل ونظراً لأنهم يتمتعون بدعم شعبي فسيواصلون هجماتهم على الأرجح. ويستهدف المسلحون خط الأنابيب بالقرب من مدينة العريش على ساحل سيناء الشمالي وغالباً ما يصلون إلى المنطقة في شاحنات ويزرعون المتفجرات ثم يفجرونها عن بعد. وساعد في نجاحهم ارتخاء الأمن في سيناء بعد سقوط مبارك بعدما تقلص وجود الشرطة في أنحاء البلاد. وتقول الحكومة المصرية: إنها تقوم بحملة ضد المفجرين وتستعين بدوريات أمنية من القبائل البدوية في المنطقة. وقال محافظ شمال سيناء عبد الوهاب مبروك: إن السلطات ستقيم أسيجة وأبراج مراقبة وحواجز من الحديد المسلح بمحاذاة الخط. وقال لانداو: "الأمر برمته يتوقف على استقرار الحكم في مصر وكيف سيتحكم فيما يحدث في سيناء. لكن من يعرف ماذا سيحدث وفي أي اتجاه ستسير الأمور.. نأمل جميعاً أن يصبح الاتجاه في مصر إيجابياً". وقامت شركة غاز شرق المتوسط ببناء خط الأنابيب وتشغيله. والمساهمون فيها هم الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية وعملاق الطاقة التايلاندي (بي.تي.تي) ورجل الأعمال الأميركي سام زيل وشركة مرحاب الإسرائيلية وشركة أمبال أميركان إسرائيل. وفي العام 2010 نقلت غاز شرق المتوسط 5ر2 مليار متر مكعب من الغاز للعملاء في إسرائيل. لكن كان من المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم إلى أكثر من مثليه خلال فترة الاتفاق التي تبلغ 20 عاماً. ولا تعرف بالتحديد قيمة صادرات الغاز المصرية إلى إسرائيل. وأخذت أمبال بالإضافة إلى (بي.تي.تي) ورجل الأعمال زيل إجراءات قانونية ضد الحكومة المصرية مطالبين بتعويض قدره ثمانية مليارات دولار لعدم تأمين استثماراتهم. وتوصلت إسرائيل إلى عدة اكتشافات بحرية ضخمة للغاز الطبيعي خلال السنوات الثلاث الماضية ستضمن اكتفاءها من الطاقة خلال العقود القادمة وقد تمكنها من التصدير. لكن لن يتم تشغيل أول حقل من هذه الحقول قبل الربع الثاني من العام 2013. ولتعويض النقص خلال أزمة الطاقة تم تسريع وتيرة الإنتاج من حقل (يام تطيس) وهو الحقل الوحيد المنتج للغاز في البلاد وتشغله شركة (نوبل إنيرجي) التي تتخذ من تكساس مقراً لها. وأصبحت احتياطيات الحقل الضئيلة أصلاً على وشك النفاد. وتأخذ إسرائيل أيضاً بعض الإجراءات الصعبة لسد الفجوة. فقد وقعت اتفاقاً مع شركة ميكوبيري للإنشاءات البحرية الإيطالية للتعجيل بإنشاء مرفأ للغاز الطبيعي المسال بتكلفة 500 مليون شيكل (135 مليون دولار). وستكون هذه المحطة العائمة على بعد عشرة كيلومترات من الساحل الإسرائيلي على البحر المتوسط قادرة على استقبال حوالي 5ر2 مليار متر مكعب من الغاز سنوياً. وتخطط إسرائيل أيضاً لاستيراد أسطول من نحو عشرة مولدات محمولة لتركيبها على متن الشاحنات أو السفن. وكل منها ينتج 25 ميجاوات من الكهرباء وفي حالات الطوارئ يمكن إرسالها إلى المناطق المحتاجة. وبعد أن أدركت الحكومة متأخرة مخاطر امتلاك احتياطيات ضئيلة من الكهرباء تتراوح بين اثنين وثلاثة في المائة من إجمالي الإنتاج فقد اختارت الاستثمار بكثافة في البنية التحتية من أجل المستقبل. وهذا أحد الأسباب التي تجعل وزارة الطاقة تسعى جاهدة لبناء كابل كهرباء تحت البحر بتكلفة 500 مليون يورو (660 مليون دولار) لربطها بقبرص ومنها إلى بقية أوروبا. وسيمتد الجزء الواصل بين إسرائيل وقبرص مسافة 270 كيلومتراً تقريباً وسيسمح بتدفق 2000 ميجاوات في الاتجاهين. وستتمكن إسرائيل من بيع الكهرباء حين يزيد الإنتاج وتعويض العجز عند تراجع الاحتياطيات. ويقول الباحث ألكسندر مورينسون في دراسة حديثة لمركز بيجن - السادات للدراسات الإستراتيجية الواقع بالقرب من تل أبيب إنه رغم وجود أسباب قوية تدفع إسرائيل ومصر لمواصلة اتفاق الغاز فإن النتيجة النهائية ستتوقف على العلاقات الأوسع نطاقاً بين البلدين. ويحمل المركز اسم الزعيمين الإسرائيلي مناحيم بيجن والمصري أنور السادات اللذين وقعا اتفاقية السلام قبل عقود. ويقول مورينسون: "في المدى الطويل يجب على إسرائيل أن تطور مصادر الغاز المحلية والابتعاد عن هذا المصدر الذي لا يمكن الاعتماد عليه".