في الشهر القادم تحتفل سوريا بسنة على الانتفاضة ضد نظام الاسد. ومن بين كل دول "الربيع العربي"، بقيت سوريا فقط. تونس، مصر، ليبيا بل واليمين نجحت في الوصول الى خط النهاية، أما في سوريا، هكذا كما يبدو، فالطريق لا يزال طويلا. وأكثر من ذلك، فان احدا لا يمكنه أن يضمن في أن يصل معارضو بشار الاسد على الاطلاق الى نهاية الطريق. يخيل أنه بعد اكثر من 7 الاف قتيل وعشرات الاف الجرحى، بعد العقوبات والضغوط الدبلوماسية، لا تزال المعارضة السورية لم تنجح في اجتياز الحافة، التي ستؤدي الى تغيير النظام. المذبحة في نهاية الاسبوع في حمص، والتي جبت حياة مئات الاشخاص، تشهد بشكل مشوه على الثقة العالية للنظام السوري. ففي اليوم الذي انعقد فيه مجلس الامن للتصويت على ما يجري في سوريا، لم تخشى قوات الاسد من اطلاق قذائف المدفعية بلا تمييز على حي مدني. في دمشق يعرفون – أغلب الظن، بان ليس هناك ما يخشونه. فحكم متردد أكثر كان يفضل وقف النار، حتى ولو لـ 24 ساعة، كي يرى الى اين تهب الرياح، وكي لا يزود الاسرة الدولية بذريعة التدخل. اما الاسد، فليس فقط لم يضبط نفسه، بل أمر رجاله بالدوس على دواسة الوقود. وبالفعل، في اختبار النتيجة ليس واضحا على الاطلاق اذا كان الاسد ينبغي له أن يخشى في هذه اللحظة. المعارضة السورية يمكنها أن تسجل لنفسها انجازا واحدا ذا مغزى: بعد نحو 11 شهرا من الكفاح، لا تزال تنجح في اخراج الناس الى الشوارع والحفاظ على جمرة المعارضة المدنية، التي تترافق وعمليات عصابات أنصارية. محظور الاستخفاف بهذا التصميم، ولا سيما في اعقاب انعدام الكوابح لدى النظام السوري، ولكن لا يمكن ايضا التقليل من أهمية قدرتها على خلق تغيير حقيقي في سوريا. من الصعب المقارنة بين الاحداث في سوريا وبين تطورات الامور في مصر وفي تونس، ولكن جدير التوقف لرؤية ما حصل في ليبيا وفي اليمن. فبعد استخدام القوة العسكرية من جانب النظامين، نجح الثوار في خلق كتلة حرجة اكثر أهمية من تلك التي نراها في سوريا. في ليبيا فرت وحدات كاملة، احتلت مناطق واسعة داخل الدولة؛ في اليمن نجح الثوار في حمل الكفاح حتى بوابات قصر الرئيس والتهديد المباشر لحياته. اما في سوريا فشيء من هذا لم يحصل. ادعاء المعارضة بان الاسد فقد السيطرة على نصف اراضي الدولة لا تسنده اثباتات ويبدو بقدر كبير أمنية او حتى دعاية رخيصة مما هو واقع. اما بالنسبة للجيش، فان كمية الفارين وان كانت توجد في ميل صعود، الا انه في جيش 70 في المائة من جنوده هم مسلمون سُنة كان يمكن توقع المزيد. حتى الان، مثلا، لم تفر وحدة كاملة، بكل سلاحها وذخيرتها. فضلا عن ذلك، فان ضباطا كبار او اصحاب مناصب حساسة كالطيارين (معظمهم سُنة في المناسبة) لا يفكرون بالفرار. الرسالة واضحة: المستويات الوسطى لا تزال تؤمن في هذه اللحظة بان الاسد هو رهان افضل، اكثر أمانا، من الثوار.