لو أن موشيه بايغلين لم يكن موجودا لكان يجب على بنيامين نتنياهو ان يوجده. كيف كانت الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط ترى لو أن الزعيم الذي يرأس الحزب الحاكم كان ينافس في مقعده وحده؟ ليس مؤكدا ان رئيس الحكومة قلق حقا من استطلاعات الرأي التي تتنبأ لبايغلين بربع الى ثلث اصوات اعضاء الليكود، لانه ماذا يقولون عندنا عن جيران يفوز زعماؤهم بـ 90 – 95 في المائة من أصوات "الناخبين"؟ والاساس ان الانتخابات المبكرة في الليكود تصور في البلاد وفي العالم على أنها منافسة بين سياسي برغماتي وبين زعيم معسكر مسيحاني. والكلام القذر الذي يصدر عن بايغلين عن "العرب" يجعل تعبيرات عنصرية مثل "هم يقتلون ونحن نبني" صدرت عن نتنياهو في ايام الحداد على عائلة بوغل يجعلها امورا مقبولة من جهة سياسية. الفرق بين بيبي وبايغلين هو في النغمة في الاساس. فصيغتهما في كل ما يتعلق بالصراع مع الفلسطينيين تستمد الهامها من المصادر أنفسها. وقد استل نتنياهو كوشان دولة اسرائيل في القرن الـ 21 على اراضي ارض اسرائيل الكاملة من أبينا يعقوب "الذي سمي اسرائيل ايضا". وفي خطبة خطبها في الجمعية العامة للامم المتحدة تحدث للعالم عن أن بنيامين، الذي سمي باسمه قد جال مع اخوته الاحد عشر في تلال يهودا والسامرة قبل أربعة الاف سنة وانه منذ ذلك الحين الى الان كان يوجد اليهود في البلاد. وبرهن للعالم على حقنا في القدس "الكاملة" (وفيها مخيم اللاجئين شعفاط وبيت حنينا) بمساعدة قصة توراتية لموظف اسمه نتنياهو وجد قرب حائط المبكى. ان نتنياهو مثل بايغلين لا يعترف بحق الفلسطينيين في سيادة بين البحر ونهر الاردن. وخطبة بار ايلان التي تحدث فيها رئيس الحكومة عن حل الدولتين كانت شيئا اضطر اليه الواقع السياسي على أثر خطبة براك اوباما في القاهرة. كان ذلك في ايام خشي فيها نتنياهو رئيسا ديمقراطيا اسمه الاوسط "حسين". وبدل ان يرسل باوباما الى الجحيم مع طلبه تجميد البناء في المستوطنات، استنزف نتنياهو اوباما والفلسطينيين بتفاوض انتهى الى تجميد جزئي للبناء مدة عشرة اشهر. والنار والكبريت اللذان صبهما المستوطنون عليه بعقب ذلك التباطؤ المؤقت جعلا نتنياهو باحثا عن السلام لا عيب فيه. ما الذي يريده اليمين المتطرف بحق السماء من الرفيق نتنياهو؟ كم من البؤر الاستيطانية أخلى منذ عاد الى ديوان رئيس الحكومة؟ ومتى حظي المستوطنون بميزانيات أسخى؟ وفي ولاية أي رئيس حكومة سن عدد اكبر من القوانين العرقية العنصرية وولد عدد اكبر من المبادرات لالجام المحكمة العليا ومنظمات حقوق الانسان ولتخويف وسائل الاعلام؟ ومن الذي وكلَ علاقات اسرائيل الخارجية لمستوطن يستخف بالعالم كله؟ اذا كان بيبي يهدد حقا بالتوصل الى اتفاق مع الرئيس محمود عباس، فكيف لم يكن معسكر السلام الفلسطيني منذ فترة ولايته الاولى لرئاسة الحكومة يائسا بهذا القدر؟ لو ان بيبي لم يكن موجودا لكان يجب على المستوطنين ان يوجدوه. فبسعر زهيد هو ازالة عدد من الحواجز في الضفة وتخفيف ما لحصار قطاع غزة وشيء من الضريبة الكلامية لـ "مسيرة السلام" يحافظ على مصالحهم كلها. قد نجح بيبي في أن يدحض الرأي الرائج في أنه لا يمكن أكل الكعكة وابقاؤها كاملة. فمن الحقائق أنه يمكن التهام مناطق اخرى وان يصور بصورة زعيم معتدل وان يحافظ على العلاقات بالولايات المتحدة واوروبا كاملة. يستطيع المستوطنون أن يكونوا مطمئنين. فلم يكن للمواقف العامة التي عرضها مبعوث رئيس الحكومة المحامي اسحق مولخو في المحادثات مع الفلسطينيين في الاسبوع الماضي في الاردن أي احتمال لخرق الطريق المسدود في المسار الفلسطيني. ولم يكن ذلك سوى حيلة اخرى ترمي الى عرض نتنياهو على أنه شريك في السلام وعرض الفلسطينيين على أنهم رافضون للسلام. وهو اجراء آخر سيبعد خطر التنازلات في الطريق الى حل الدولتين. وما كان بايغلين ليفعل هذا بصورة افضل. ان بيبي سيفضي الى انهاء الدولة اليهودية والديمقراطية بصورة اكثر ذكاءا. صوتوا بايغلينياهو.