خبر : مسألة كرامة/بقلم: نداف ايال/معاريف 23/1/2012

الإثنين 23 يناير 2012 11:55 ص / بتوقيت القدس +2GMT
مسألة كرامة/بقلم: نداف ايال/معاريف 23/1/2012



 بشكل طبيعي، ركزت العناوين الرئيسة على الفضائح. شاؤول موفاز، مصمم دوما على ان يقول كل شيء من شأنه أن ينشر في وسائل الاعلام، قال هذا الاسبوع ان رئيس الوزراء كذاب. قال ذلك بصفته رئيس لجنة الخارجية والامن في الكنيست بعد أن زعم أنه تبين له بان مقربي نتنياهو اطلعوا الصحفيين على أمور قالها – وهذه لم تصدر عنه على الاطلاق. عبارة موفاز الفظة – "رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو هو كذاب"، دخلت كل النشرات الاخبارية. مع كل الاحترام للانتخابات التمهيدية في كديما فان التصريح الهام، الكدي، لم يكن لموفاز. فقد جاء على لسان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. نتنياهو قال – واقواله مرت من تحت الرادار الاعلامي – ان "العقوبات التي استخدمت حتى الان غير ناجعة وغير فاعلة وهي لا تؤثر على البرنامج النووي الايراني".  هذا تصريح مفاجيء جدا، لسببين: الاول، هو انه مع أن رئيس الوزراء قال قبل بضعة ايام لصحيفة استرالية انه "لاول مرة أرى ايران تترنح تحت العقوبات التي تم تبنيها وبشكل خاص تحت التهديد بعقوبات حادة على البنك المركزي الايراني". ايران "تترنح تحت العقوبات" أم "عقوبات غير مؤثرة: غير فاعلة وغير ناجعة"؟ لدى بيبي الحل. ايجاد التناقضات في أقوال رئيس الوزراء ليس أمرا باعثا على التحدي حقا. كما أن هذه ليست النقطة الجوهرية. الواضح هو أن تصريحاته أثارت غضبا في واشنطن؛ يوم الاربعاء جاء الرد في الاستعراض الخاص الذي تلقاه المراسلون في واشنطن من محفل رفيع المستوى في الادارة. فقد قال، ببساطة وبفظاظة بان العقوبات ناجحة، بل وناجحة جدا. الاستعراض كان واجب الواقع بالنسبة لادارة اوباما؛ أقوال نتنياهو كان يمكنها أن تستخدم بسرعة من جانب خصوم الرئيس الجمهوريين. والخطير في هذه القصة هو أنه كان على نتنياهو ان يعرف هذا. في واشنطن ساد الاحساس بان نتنياهو يقود عن عمد باتجاه مواجهة سياسية يمكن أن تضر الرئيس. قطرة اخرى في بقعة الدم الفاسد بين الزعيمين.  نكران الجميل يحتمل أن في واشنطن يشعرون بنكران الجميل. فادارة اوباما تعمل بكد شديد، على نحو نشط اكثر من ادارة بوش، لربط حبل الخنق حول النظام الايراني. بوش كان منشغلا في حرب العراق وبالازمة الاقتصادية، ولكن البيت الابيض الحالي يبذل جهودا تخطيطية عليا في ممارسة ضغط هائل على الايرانيين. وهو يضيف اليها تعاون أمني هو "الاقوى في أي وقت مضى"، وهذا اقتباس عن وزير الدفاع ايهود باراك. الاسبوع الماضي فقط بعث اوباما بوزير المالية تيموثي جايتنر الى اليابان، لاقناع اليابانيين بتخفيض كبير لمشتريات النفط الايراني. نسق مع الاوروبيين تجميد أملاك البنك المركزي الايراني، بعث بمبعوث خاص الى كوريا الجنوبية كي تتوقف هذه عن شراء منتجات النفط الايرانية، أدار محادثات هادئة مع السعوديين على زيادة انتاج النفط في حالة اغلاق الايرانيين مضائق هرمز، بعث برسالة الى الزعيم الروحي الايراني وفيها تهديد بان اغلاق مضائق هرمز سيؤدي الى حرب، بعث برئيس الاركان دمباسي الى اسرائيل – وهذه فقط هي النشاطات العلنية. نتنياهو يقول ان "العقوبات غير ناجعة وغير فاعلة"، ولكن الصورة الدولية مثيرة جدا للانطباع. الاتحاد الاوروبي وافق على حظر نفط ويبدو أيضا على تجميد املاك البنك المركزي. الامريكيون يديرون حملة صاخبة تجعل ايران دولة معزولة تماما ومنبوذة من ناحية اقتصادية. الاقتصاد الايراني يتحطم، العملة المحلية تضعف بعشرات في المائة، البنوك الايرانية تتصدى لموجة سحب هائلة، الحكومة أصدرت أنظمة طوارىء تمنع خروج العملة الصعبة من الدولة، الحرس الثوري يهدد بهستيريا باغلاق مضائق هرمز، وطهران باتت توافق – لاول مرة – على البحث في الادعاءات ببرنامج نووي عسكري. الاهم: الولايات المتحدة تعهدت المرة تلو الاخرى بانه اذا ما بدأ الايرانيون "بالركض" نحو القنبلة، فالرد سيكون عسكريا.  واضح أن رئيس وزراء اسرائيلي، كل رئيس وزراء اسرائيلي، كان يرغب في أن يرى عقوبات اكثر شدة وشللا ضد ايران. وعن حق. ولكن مع الاخذ بالحسبان المساعي الكبرى التي تتخذها الادارة الحالية، وفي أن اوباما هو أول من فعل ذلك، ليس واضحا لماذا ترد حكومة نتنياهو بنوع من الكشرة وملامح الاستياء. الولايات المتحدة لا تزال في أزمة اقتصادية، وهكذا أيضا اوروبا: وهما تحتاجان الى النفط زهيد الثمن. مصالحهما السياسية العليا هي اقتصادية. ورغم ذلك فقد بدأتا باتخاذ أعمال ذات نزعة قوة لفرض القيود على الايرانيين. المواجهة بين الغرب وايران توجد في ذروة لم يشهد العالم لها مثيل منذ الثورة. اذا ما نشبت حرب في الخليج الفارسي كنتيجة للعقوبات او أصبح سعر برميل النفط 200 دولار، فاوباما هو الذي سيدفع الثمن السياسي. ليس نتنياهو. في الدبلوماسية والعلاقات بين الحلفاء، يجب معرفة كيفية التصرف بضبط للنفس بل والشعور بالامتنان. هذا لا يقلل من قوة المطالب الاسرائيلية، بل يعززها. هذا الاسبوع، لم تتعزز مكانة اسرائيل في واشنطن. هاتوا لنا الاميرة تركيا وجدت هذا الاسبوع اهانة جديدة. رجب طيب اردوغان هو صياد الاهانات رقم واحد في العالم اليوم. يخيل احيانا انه يبحث عن اسباب تدعوه الى الشعور بالاهانة. هذا يذكر بنكتة معينة عن سياسي اسرائيلي معين. كرامة اردوغان حساسة وواسعة جدا بحيث لا يصعب الدخول في مواجهة دبلوماسية صاخبة مع أنقرة. فما بالك اسرائيل؛ ومع ذلك، المواجهة بين الدولتين حول أحداث مرمرة هذا أمر مفهوم بما فيه الكفاية. ولكن يتبين أن الاتراك لا يترددون في استخدام أي شأن صغير كفيل بان يهينهم حتى ولو قليلا.  هذا الاسبوع كانت الاميرة سارة برغسون، مطلقة الامير آندرو من بريطانيا. برغسون هي شخصية ملونة، وعندما يقال ملونة يكون المقصود اساسا سوداء – نعجة سوداء. قبل وقت ما صورت وهي تطلب مالا لقاء استخدام علاقات زوجها، وعلى أي حال وضعها المالي الدائم هو عشية الافلاس. في العام 2008، كجزء من المحاولة المستمرة لاختراع ذاتها، اختارت برغسون الصحافة. فقد بعثت بنفسها، الى جانب بناتها الاميرات، الى عدد من منازل اليتامى في رومانيا وفي تركيا وعادت – لشدة حظ الاخراج – مع نتائج باعثة على الصدمة. هذه بالمناسبة ميزة بريطانية تقليدية؛ الخروج الى المجال المخيف وايجاد هناك ظواهر مثيرة من تخلف الاطفال.  الظواهر في تركيا كانت حقا مثيرة للصدمة؛ أطفال يقيدون بالاسرة مثلا. وكل شيء التقط بكاميرة خفية، بث في بريطانيا، اثار الصدمة المأمولة والحادثة الدبلوماسية. موعد النشر تم تزامنه مع زيارة وزير الخارجية البريطاني الى تركيا، وهكذا تحققت النتيجة المرجوة بكاملها.  بعد أربع سنوات من ذلك، وهذا الاسبوع أعلنت تركيا بان في نيتها تقديم الاميرة الى المحاكمة. والحجة: خرق الخصوصية. خصوصية الاطفال الذين نكلوا بهم. منطق تركي، كما تعرفون. فقد طلبت مساعدة من اسكتلنديارد في التحقيق، وعن هذا يمكن القول – نعم بالطبع. كان لانقرة اسبوع مليء بالشعور بالاهانة. قبل وقت قصير من الانشغال بالاهانة والثأر القديم بالاميرة برغي، انشغلوا هناك بشجب ريق بيري، المرشح الجمهوري للرئاسة الذي وصف الحكومة التركية بانها "حكومة ارهابيين اسلامية". هذا تعريف مبالغ فيه جدا، ومن معرفة سابقة لاقتباسات بيري يحتمل أن يكون فكر بان الحديث يدور، لنقل، عن ايران. ومع ذلك سارع الاتراك الى ما يعرفوا كيف يفعلوه على النحو الافضل: الغضب. هل بالمناسبة لا يزالون غاضبون من ساركوزي، لان هذا لم يحبط قانون عدم نفي الكارثة الارمنية. هذا مثير للشفقة. حكومة اردوغان حريصة جدا على كرامتها الوطنية بحيث تجد مع من تتخاصم مرتين في الاسبوع – من ريق بيري عبر نيقولا ساركوزي وانتهاءا بالاميرة برغي. هل الكرامة الوطنية التركية تتسع لسنتمتر؟ تماما لا ويبدو أن العكس. هل يوجد هنا درس هام لمن يحرص على كرامته الوطنية؟ بالتأكيد. عندنا أيضا.