القاهرة (رويترز) - اشتبك محتجون وقوات ترتدي زي رجال مكافحة الشغب في ميدان التحرير بوسط القاهرة في الساعات الاولى من صباح يوم الثلاثاء لخامس يوم على التوالي وقال المحتجون ان عددا من زملائهم أصيبوا وان واحدا منهم على الاقل قُتل. وقال المحتجون ان القوات تقدمت بأعداد رمزية في البداية الى ميدان التحرير من ثلاثة محاور وانهم حاولوا وقف تقدمها بالحجارة. وأضاف نشطاء أن تعزيزات قوامها ألوف الجنود تدفقت على الميدان وأطلقت الرصاص الحي والرصاص الصوتي وطلقات الخرطوش صوبهم مما دفعهم للفرار الى ميدان طلعت حرب وميدان عبد المنعم رياض القريبين. وقال الناشط مصطفى فهمي لرويترز "سيارات الاسعاف انسحبت من الميدان والشوارع المؤدية اليه بعد مشاجرة تبدو مُفتعلة." وأضاف "نقلت اثنين من زملائي بسيارتي الى مستشفى الهلال (القريب) وبينما أنا هناك وصل أربعة مصابين." وفي وقت لاحق قال فهمي انه يرافق جثة زميل له يقول انه قتل في الاشتباكات من مستشفى عين شمس التخصصي في شرق القاهرة الى مشرحة زينهم في جنوب العاصمة. وأضاف أن القتيل اسمه رامي حمدي أبو العلا (26 عاما) ويعمل مصمم جرافيكس. وتابع أن والد القتيل انهار في المستشفى من الصراخ لمقتل ابنه وراح يردد "لن أترك حق ابني." ولم يتسن على الفور التأكد من الوفاة من مصدر طبي أو مصدر أمني. وأوقعت اشتباكات الايام الخمسة 13 قتيلا ومئات المصابين بحسب مصادر طبية وتسببت في رد فعل غاضب من الولايات المتحدة. وفي تعنيف شديد للسلطات المصرية وإدانة للعنف وصفت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون حوادث تخللت الاشتباكات بأنها "صادمة". وأظهرت لقطات جنودا مصريين وهم يضربون يوم السبت محتجين بعصي طويلة حتى بعد سقوطهم على الارض وأظهرت صورة لرويترز جنديين يسحبان امرأة من ملابسها بما كشف عن ملابسها الداخلية ورغم ذلك واصلا ضربها وركلها. ونقل عن كلينتون قولها في خطاب ألقته بجامعة جورجتاون بواشنطن "هذا الاذلال المنهجي للمرأة يشين الثورة (المصرية) وهو عار على الدولة وعلى الزي العسكري ولا يستحقه شعب عظيم." وقالت كلينتون في بيان سابق "أشعر بقلق عميق بشأن التقارير المتواصلة عن العنف في مصر. وأحث قوات الامن المصرية على احترام وحماية الحقوق المُعترف بها عالميا لكل المصريين." وتقدم الولايات المتحدة معونات عسكرية سنوية لحليفتها مصر تبلغ 1.3 مليار دولار لكن محللين استبعدوا أن تكون تصريحات كلينتون تلويحا بوقف أو خفض المعونة العسكرية. وشاركت ألوف المحتجات في مسيرة يوم الثلاثاء من ميدان التحرير الى مبنى نقابة الصحفيين القريب الذي بدأ نشطاء اعتصاما أمامه يوم الاثنين. وحثت المحتجات المواطنين على المشاركة في المظاهرات قائلات في هتاف مدو "انزلوا من بيوتكم طنطاوي عرى بناتكم". وتشير الناشطات الى المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يدير شؤون البلاد منذ إسقاط الرئيس حسني مبارك في فبراير شباط في الانتفاضة الشعبية التي اندلعت يوم 25 يناير كانون الثاني. وقال النشطاء انهم بعد وصولهم الى ميدان عبد المنعم رياض فرارا من القوات فوجئوا ببلطجية يهاجمونهم من الخلف بسيوف وسكاكين وحجارة. وقال ناشط ان البلطجية حطموا واجهات زجاجية لمتاجر في المنطقة ونهبوا محتوياتها. وانسحبت القوات من الميدان بعد حوالي الساعة السادسة صباحا بالتوقيت المحلي. وفي الصباح تجمع ألوف النشطاء والمارة واحتدم بين مجموعات منهم جدال حول الاشتباكات ووضع مصر بعد أكثر من عشرة أشهر من تنحية مبارك. وحاول شبان يعتقد أنهم ينتمون لجماعة الاخوان المسلمين اقناع نشطاء ومارة بأن الانتخابات التي حققت فيها الجماعة تقدما الى الان هي الحل للازمة اذا صبر النشطاء الى نهايتها لكن مجادليهم لم يظهر عليهم الاقتناع. وقال نشطاء ان المجلس العسكري فقد ثقتهم وان البرلمان الجديد سيكون بغير سلطات في وقت احتفظ فيه المجلس بسلطات رئيس الدولة. وفي مؤتمر صحفي يوم الاثنين قال اللواء عادل عمارة عضو المجلس الاعلى للقوات المسلحة ان الاعتداء على الفتاة حادثة معزولة وان تحقيقا يجرى فيها. وكان عدد من المتظاهرين تمكنوا في ساعات الليل من هدم جزء من جدار مكون من صفوف من الكتل الخرسانية أقامه الجيش قبل يومين لمنع النشطاء من التقدم الي مبنى وزارة الداخلية القريب. وبعد قيام قوات الجيش بفض اعتصام في شارع مجلس الشعب الذي يوجد فيه مقرا البرلمان ومجلس الوزراء أقام الجيش حائطا مماثلا أغلق الشارع من ناحية شارع قصر العيني الذي يؤدي الى ميدان التحرير. كما اقام الجيش جدارا في شارع قصر العيني قرب أحد مداخل الميدان. وبعد اشتباكات في الشهر الماضي أوقعت أكثر من أربعين قتيلا من النشطاء أقام الجيش جدارا في شارع محمد محمود الذي يؤدي الى الميدان ويوجد بالقرب منه مقر وزارة الداخلية. وأدان كبار قادة الجيش ومستشاروهم المحتجين المطالبين بالديمقراطية واستخدموا في بعض الاحيان عبارات قاسية. وقال عبد المنعم كاطو وهو لواء متقاعد لصحيفة الشروق "ماذا يكون شعورك وأنت ترى مصر وتاريخها يحترق أمامك" مشيرا الى إحراق مبنى المجمع العلمي اثناء الاشتباكات. واستطرد "انتوا خايفين على ولد صايع لابد أن يوضع في أفران هتلر." وقال عمارة عضو المجلس الاعلى للقوات المسلحة في مؤتمره الصحفي يوم الاثنين "القوى التي تريد الشر لمصر" تريد إثارة الفتنة. ودافع عن الجنود الذين أظهروا "ضبط النفس" على الرغم من تعرضهم للاستفزاز من جانب من حاولوا حرق المباني والوقيعة بين الجيش والشعب. ودعت منظمة العفو الدولية الحقوقية ومقرها لندن موردي الاسلحة الي التوقف عن ارسال الاسلحة الصغيرة والذخيرة الي الجيش وقوات الامن في مصر في اعقاب الحملة العنيفة على المحتجين. وقالت منظمة صحفيون بلا حدود ان "الاستخدام الممنهج للعنف ضد وسائل الاعلام" من جانب الجيش المصري يعرقل الحصول على المعلومات في ميدان التحرير وحوله. وقال أحد المحتجين بالميدان ويدعى اسماعيل لرويترز بالهاتف ان السياسيين ونواب البرلمان المعتصمين أمام نقابة الصحفيين حاولوا الوصول الى ميدان التحرير لمساندة زملائهم لكنهم أجبروا على أن يعودوا أدراجهم مع تواصل اطلاق النار والاشتباكات. وقال نواب منتخبون لمجلس الشعب الجديد وسياسيون ونشطاء انهم بدأوا اعتصامهم أمام النقابة للمطالبة بتشكيل لجنة قضائية للتحقيق مع رجال الشرطة والجيش الذين هاجموا النشطاء في ميدان التحرير. واعتصم نشطاء في ميدان التحرير منذ احتجاجات على الحكم العسكري في 18 نوفمبر تشرين الثاني والتي اندلعت بسبب وثيقة اقترحها مجلس الوزراء السابق تحمي الجيش من أي مراقبة مدنية في الدستور الذي سيوضع للبلاد.