بدأت الاوساط الاسرائيلية من جهات الاختصاص و دوائر اتخاذ القرار المختلفة بتجهيز الخيارات و الردود السياسية و الامنية و الاقتصادية في حال نجاح لقاء الرئيس عباس و السيد خالد مشعل.كلما ارتفع منسوب التفاؤل الفلسطيني بأمكانية نجاح جهود المصالحة كلما ازداد القلق الاسرائيلي من امكانية انتهاء هذا الوضع المثالي بالنسبة لها ، على الاقل من الناحيتين السياسية و الامنية. ليس هناك من شك ان رد الفعل الاسرائيلي وفقا لطبيعة الظروف القائمة في حال اتفاق فتح و حماس على تشكيل حكومة و اجراء انتخابات و تنفيذ ما سيتمخض عن ذلك من ترتيبات و التزامات ، سيكون ردا سريعا يسير في اتجاه واحد وهو وضع العراقيل في كل جزئيات الاتفاق التي لها علاقة باسرائيل، و مع الاسف الشديد كل جزئية من اي اتفاق فلسطيني فلسطيني له علاقة و ينعكس بشكل او بآخر على اسرائيل على افتراض ان الايام القادمة ستشهد اتفاق فلسطيني فلسطيني على تشكيل حكومة انتقالية او تكنوقراطية او مؤقته، ليس مهم الاسم، و يتم الاتفاق على تحديد موعد للانتخابات التشريعية و الرئاسية و تشكيل اللجان المختلفة...الخ من بنود الاتفاق التي اصبحت معروفه. اسرائيل التي اعلنت عن مواقفها في اكثر من مناسبة لن تتردد في شن الحرب على هذا الاتفاق و ما سيتمخض عنه من التزمات و تشكيلات. الرد المتوقع سيكون على النحو التالي:اولا: بغض النظر عن طبيعة الحكومة و من يقف على راسها و طبيعة اعضائها ستفرض اسرائيل مقاطعة عليها قد تشمل منع تحويل الاموال، منع حركة اعضائها من التنقل قدر الامكان. الذريعة جاهزه وهي ان هذه الحكومة يجب ان تعترف بشروط الرباعية و التي اهمها الاعتراف باسرائيل و الالتزام بالاتفاقات الموقعه. هذه المره لن تتعرض اسرائيل الى ضغوط امريكية او ضغوط من المجتمع الدولي وذلك في ظل تعطل العمليه السياسية. ثانيا: على اعتبار ان جزئية الانتخابات و اجراءاها هو اهم ما في اتفاق المصالحة، بدون ادنى شك اسرائيل التي تسيطر على القدس و على 60% من مناطق الضفة و تسطيع ان تفرض هيمنتها على الاجزاء الباقية من المناطق الفلسطينية متى تشاء لن تسمح بأجراء الانتخابات دون موافقتها، او بكلمات اخرى دون الاستجابه لشروطها.الانتخابات التشريعية الاولى التي جرت عام 1996 كانت تتويجا لاتفاقات اوسلو التي حملت في حينه الكثير من الآمال، و انتخابات 2006 جرت بفضل الضغط الامريكي المكثف على شارون و حكومته بعد ان استطاع الرئيس عباس اقناع بوش الابن بأهمية مشاركة حماس في الانتخابات و كجزء من السياسة الامريكية في حينه بضرورة "دمقرطة" المنطقة. الظروف الحالية هي عكس ذلك تماما، صدام مع امريكا وجها لوجه في موضوع الامم المتحدة و تعثر العملية السياسية. ليس هناك سبب واحد يجعل اسرائيل توافق على اجراء الانتخابات اذا استمرت طبيعة العلاقة الفلسطينية الامريكية و الفلسطينية الاسرائيلية على حالها.و السؤال هو هل هناك امكانية لاجراء الانتخابات في الضفة الغربية بما في ذلك القدس المحتله دون الموافقة و المباركة الاسرائيلية؟ الاجابه بشكل قطعي لا. ثالثا: كل ما يهم اسرائيل من استمرار الوضع الفلسطيني الحالي هو اولا استمرار الانقسام السياسي لان هذا يخدم حكومة اليمين في اسرائيل و ثانيا استمرار الوضع الامني في الضفة على حاله دون تغيير.اسرائيل لن تسمح بأي تغيير في طبيعة العلاقات الامنية القائمة منذ سنوات الانقسام. ليس هناك سبب وحيد يجعل اسرائيل ان تقبل اي مشاركة لحماس في المؤسسة الامنية الفلسطينية في الضفة الغربية، و ليس من الممكن ان تقبل بتراجع طبيعة العلاقات الامنية القائمة، سواء كان هناك اتفاق او لم يكن. هذا على الرغم من ان اسرائيل تعتقد ان حماس لن تسمح على الاقل في الاشهر القادمة بأي دور امني لفتح في غزة، و كذلك الوضع سيكون في الضفة، اي سيبقى الوضع على حاله دون تغيير. لهذا لا يوجد قلق اسرائيلي من هذه الناحية لان الفلسطينيين يقومون بالواجب .مشكلة اسرائيل الحقيقية ستكون في حال منع تحويل اموال الضرائب الفلسطينية ووقف المساعدات و فرض حصار على الحكومة المقبلة، هذا الامر قد يؤدي الى عدم قدرة الاجهزة الامنية الفلسطينية على القيام بواجبتها مما قد يؤدي الى اجراء خلل حقيقي في المعادلة الامنية القائمة. في هذه الجزئية بالذات هناك اتفاق امريكي اسرائيلي اوروبي على ضرورة الحفاظ على هذا الدور الامني للاجهزة الامنية قدر الامكان، لان هذا كل ما تعنيه السلطة بالنسبة لهم، و ان كان هناك تيار يميني متشدد في اسرائيل غير مكترث لانهيار السلطة. المنطق يقول ان الرئيس عباس يأخذ بعين الاعتبار طبيعة السلوك الاسرائيلي وردود الفعل الامريكية التي تريد ثمنا سياسيا لهذه الخطوة. و بدون شك لن يتراجع نتيجة التهديدات بقطع المساعدات او قطع العلاقات لان اجواء الربيع العربي قد تحدث نوعا من التوازن الذي لم يكن متوفرا قبل اشهر عندما اصر الرئيس عباس على التمسك برئيس الوزراء فياض خوفا من الحصار و قطع المساعدات.لست متأكدا ان هناك قرارا بأنهاء مظاهر الانقسام، لان هناك امور ليس للاحتلال الاسرائيلي اي علاقة بها او يستطيع منعها. هناك تنغيصات يومية متبادلة لا يشعر بها كافة ابناء الشعب الفلسطيني، و لكن يشعر بها بالدرجة الاساسية ابناء فتح في غزة و ابناء حماس في الضفة، العنوان الرئيسي لهذه التنغيصات هو انه من الناحية العملية حماس تعتبر تنظيم فتح محظور من ممارسة اي نشاط تنظيمي في غزة ، مع وجود بعض الاستثناءات، و حماس تنظيم محظور في الضفة مع وجود بعض الاستثناءات ايضا. مثال بسيط على ذلك، عدد كبير من ابناء فتح في غزة لا يستطيعون السفر بحرية، و جزء منهم يحتاج الى اذن خاص و كذلك الحال جزء كبير من ابناء حماس من غزة محرومين من الحصول على جواز السفر الفلسطيني الذي يصدر من رام الله. النتيجه و في كلا الحالتين، الفلسطيني يسجن و يقيد حركة الفلسطيني. هل بالله عليكم هذا الامر يحتاج الى لقاء قمه لمعالجته ؟. خلاصة القول، ان الاتفاق على انهاء الانقسام امر يجب ان يكون فوق كل اعتبار ، و لكن يجب ان نبدأ اولا بتفكيك المظاهر التي لا تحتاج لا الى اسرائيل و لا الى امريكا. تحتاج فقط الى نفوس نظيفه غير ملوثه، تحتاج الى حرص وطني بعيدا عن الحسابات الشخصية و الفئوية و التي لم تصل حتى الى درجة الحزبية. مع الاخذ بعين الاعتبار ان الشعب الفسطيني قد اكتشف قدراتنا و اكتشف كذبنا من صدقنا و كل مفردات اللغة لم تعد تسعف ابلغ المتحدثين من تغيير حقائق موجودة على الارض او قناعة الناس في اشياء يرونها بأم اعينهم. szaida212@yahoo.com