القدس المحتلة / سما / لا يزال مشروع القانون الذي يفرض قيودا على تمويل مؤسسات حقوق الإنسان، الذي اقرته لجنة وزارية اسرائيلية يوم أمس، يثير جدلا صاخبا بين مؤيدين ناقمين على دور تلك المؤسسات في فضح السياسات الإسرائيلية، وبين معارضين يرون أن القانون يضر بصورة إسرائيل ومكانتها عالميا. وكشف مصدر إسرائيلي أن الاتحاد الأوروبي هدد بوقف الدعم الممنوح للمستشفيات والجامعات الإسرائيلية إذا ما اقر القانون نهائيا. وقد اقرت لجنة القانون والدستور يوم أمس، وبرغم معارضة مكتب المستشار القضائي للحكومة، مشروعي قانون يفرضان قيودا على تمويل مؤسسات حقوق الإنسان، الأمر الذي من شأنه أن يجفف منابع تمويل العديد مؤسسات حقوق الإنسان والجمعيات التي تعري السياسات العنصرية داخل الخط الأخذر وفي المناطق المحتلة عام 1967، لكن الوزراء حفظا لهم خط رجعة باشتراط إقرار القانونين بشكل نهائي بطرحهما مجددا على اللجنة قبل طرحهما في الكنيست. وأعرب المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، يهودا فينشتاين، عن معارضته لمشروع القانون الذي يفرض حظرا على تمويل مؤسسات حقوق الإنسان من حكومات غربية، وقال إن القانون ينتهك حرية التعبير وحرية التجمع(التنظيم)، وتوقع أن لا يمر في المحكمة العليا حتى لو حظي على موافقة الكنيست. كما أعرب فينشتاين عن معارضته لمشروع قانون آخر قدمه حزب يسرائيل بيتينو يفرض ضريبة مرتفعة على تمويل مؤسسات حقوق الإنسان. ونقلت صحيفة "معاريف" عن مسؤول إسرائيلي قوله إن مشروع القانون الذي قدمه عضو الكنيست أوفير أوكيانوس(ليكود)، ومشروع القانون الذي قدمه حزب يسرائيل بيتينو، الذان يفرضان قيودا على تمويل مؤسسات حقوق الإنسان، من شأنهما أن يثيرا ردود فعل عالمية صاخبة تفوق ردود الفعل التي اعقبت قانون المقاطعة . واضاف المسؤول إن دولا أوروبية عديدة هددت بوقف الدعم لمؤسسات إسرائيلية كالمستشفيات والجامعات إذا ما اقر القانونان في الكنيست. ويشهد الجدل حول مشروعي القوانين جدلا في دائرة صنع القرار الإسرائيلية، وحذر وزراء ومسؤولون كبار من تداعياته على صورة ومكانة إسرائيل. ووصلت حدة الجدل إلى حد التجاذب بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يؤيد القانون، وبين رئيس مجلس الأمن القومي، يعكوف عامي درور، الذي يرى، رغم أنه يصنف على اليمين المتطرف، بأن القانون يضر بمصالح إسرائيل. ويعكس القانونان حالة التطرف التي تجتاح المجتمع الإسرائيلي، ويهدفان إلى إضعاف المنظمات الأهلية العربية واليسارية التي تنتقد وتفضح وتعترض على السياسات الإسرائيلية، خاصة تلك التي تنشط في المحافل الدولية. من جابه أكد نائب المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية المحامي أفي ليخت أن مشروع القانون "ليس دستوريا"، وقال "تلقينا جراء ذلك انتقادات دولية، والإتحاد الأوروبي احتج رسميا على مشروع القانون هذا". ولفت ليخت إلى وجود مشاريع قوانين مشابهة ضد منظمات حقوقية في إريتريا وزمبابوي وروسيا البيضاء وباكستان، موضحا أن "المشكلة الدستورية هي بوجود نية لأخذ ميزانيات والمس بجانب واحد من الخطاب العام".وكان ليخت يشير بذلك إلى التبرعات بمبالغ هائلة التي تصل من الولايات المتحدة ومنظمات وشخصيات يهودية في الخارج إلى منظمات اليمين الإسرائيلي والجمعيات الاستيطانية. وقالت حركة "سلام الآن" الإسرائيلية إن "الحكومة صفعت مستشارها القانوني الذي اقر بشكل صريح أن مشروع القانون ليس ديمقراطيا، ومن الناحية العملية أقرت اليوم مشروع قانون هدفه إقامة نظام (رقابة على) الأفكار".وأضافت "يدير دولة إسرائيل الجهات والأشخاص الأكثر تطرفا بين أعضاء الليكود.. والديمقراطية في إسرائيل آخذة بالتفتت". وتعقيبا على هذا القانون، عقب مدير عام مركز "عدالة" حسن جبارين، بالقول إن اقتراح القانون يهدف للمس بمؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية والإسرائيلية، وبالذات التنظيمات التي تعمل على محورين متوازيين، حقوق الفلسطينيين داخل الخط الاخضر وحقوق الفلسطينيين في الاراضي المحتلة عام 1967، وما أزعج إسرائيل أكثر هو نشاط تلك المؤسسات الرامي لتدويل انتهاكات