رام الله / سما / تعرض الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون الفلسطينية، في مسرح القصبة مساء غد الإثنين، فيلم ’هنا القدس’، وهو من إنتاج تلفزيون فلسطين.ويجسد فيلم ’هنا القدس’ للمخرج رائد دزدار، حكاية تاريخ الإذاعة الفلسطينية التي أنشئت في الثلاثين من آذار 1936، واستمر بثها حتى عام 1948 لتجد نهاية لبثها من القدس بعد قيام الكيان الإسرائيلي على الجزء الأكبر من فلسطين التاريخية. ويسجل الفيلم حكاية إنشاء سلطات الانتداب البريطاني لهذه الإذاعة، وبث برامجها باللغات الثلاث (العربية والعبرية والإنجليزية) وباحتضانها لصفوة من كتاب وشعراء وموسيقي الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي في فلسطين. وقال المخرج دزدار إن فكرة الفيلم جاءت لتوثيق الحياة الثقافية قبل النكبة وشخصياتها الأدبية والفنية، وتهدف إلى إحياء الوضع الثقافي بأركانه من الشاعر إبراهيم طوقان، وعبد الكريم الكرمي أبو سلمى، ويحيى اللبابيدي وغيرهم ممن ساهموا في رفعة الإذاعة الفلسطينية هنا القدس. وإن كانت إذاعة ’هنا القدس’ التي تركز إرسالها في مدينة رام الله، افتتحت من قبل المستعمر البريطاني في احتفال أقامه المندوب السامي آرثر ويكهون، وكانت تضاهي إذاعة تركيا آنذاك في قوة البث، فإن من عمل في استوديوهاتها في القدس خاض نضالا بطريقته، منهم الشاعر الكبير إبراهيم طوقان الذي أسس البرامج العربية في الإذاعة الفتية التي أقيمت في عمارة فندق بالاس في شارع مأمن الله في القدس، قبل أن تنتقل إلى بناية الحبشة في سنة 1939 التي تقع في الجهة الشمالية الغربية ’المصرارة’ من المدينة المقدسة. وأضاف المخرج: فيلم هنا القدس أعاد بمشاهده وحكاياته ورواية من بقوا أحياء المشاهد له إلى حقبة تاريخية كانت في أحلك ظروف الفلسطينيين بعد وقوعها أسيرة الاستعمار البريطاني الذي تآمر مع الصهيونية على تهويد فلسطين وفق مذكرات حاييم وايزمن ’الخطأ والتجربة’، والتي ذكر فيها أن الإنجليز والصهاينة قد اتفقوا على تهويد فلسطين عام 1934. وأوضح أن سلطات الانتداب البريطاني أرادت من الإذاعة نشر ما تريد، لكنها حولت مواضيعها إلى مادة وطنية بفعل من عملوا في الإذاعة حيث استغلت الإذاعة في بث الروح الوطنية للشعب الفلسطيني ونشر القصائد الوطنية. وأضاف: في عام 1940 ضاقت المنظمات اليهودية والحكومة البريطانية ذرعا بالعاملين في الإذاعة وطردت إبراهيم طوقان مدير القسم العربي وعينت عجاج نويهض كمراقب عام للبرامج والنشر للقسم العربي، وبهذا انتهت حكاية رجل شجاع اسمه إبراهيم طوقان من إذاعة ’هنا القدس’ بطرده على خلفية قصة ’عقد اللؤلؤ من كتاب الاعتبار لأسامة ابن المنقذ’ التي اعتبرتها حكومة الانتداب البريطاني خروجا عن سياستها متهمة إبراهيم طوقان بأنه كان يرمز إلى الحاج أمين الحسيني المناوئ للانتداب البريطاني ويميل إلى السياسة الألمانية (حيث كانت الحرب العالمية على أشدها بين الحلفاء وألمانيا). وتراتبت الاعتداءات الصهيونية في كل مكان في فلسطين، وبدأت معركة الإذاعة بهجوم العصابات على مبنى إذاعة ’هنا القدس’ عند الساعة الرابعة من بعد ظهر يوم السبت الرابع والعشرين 1948، حيث استمر الهجوم أربعة أيام، وبقيت الإذاعة تبث بفضل عدد من المرابطين بداخلها يذيعون من استديو المطبوعات، وإدراكا من العاملين لحماية الإذاعة فقد نقلت من القدس إلى رام الله لضمان استمرار صوتها، حيث احتلت العصابات الصهيونية الإذاعة ونجح العاملون بنقل أجهزتها إلى رام الله، ومع الساعة الثانية ظهرا أذيعت النشرة الإخبارية ودوت كلمة ’هنا القدس’. وبهذا يسدل الستار عن إذاعة لم يدم عمرها طويلا في القدس ولكن أجهزتها وإرسالاتها بقيت في رام الله حتى أكمل المحتلون ما لم تستطع عصاباتهم تدميره في عام 2001. وقال المخرج دزدار إن الفيلم اعتمد على الصور الأرشيفية من مواد وتسجيلات قديمة، وأعيد بناء بعض المشاهد بإعادة تمثيلها، وقارن المخرج الفترة الماضية بالحالية بالقول إن ما تعرضت له إذاعة صوت فلسطين الحالية يشبه ما تعرضت له إذاعة هنا القدس، عبر ما أقدمت عليه العصابات الصهيونية في ذلك الوقت بعملية إرهابية استهدفت المبنى، وفي عام ألفين وواحد تعرضت إذاعة صوت فلسطين من قبل سلطات الاحتلال لاعتداء عبر تفجير مبانيها، وقبل ذلك إرسالاتها، ولكن بفضل العاملين في صوت فلسطين ما زال هذا الصوت عاليا في أثير الوطن.