رام الله / سما / استهل رئيس الوزراء الدكتور سلام فياض حديثه الإذاعي الأسبوعي الذي سجله في طريق عودته إلى الوطن قادماً من نيويورك حيث شارك في مؤتمر المانحين، وقال: " أحدثكم اليوم وأنا في طريق عودتي إلى الوطن، بعد اختتام مؤتمر المانحين الذي عُقد على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، لتوفير الدعم لشعبنا وسلطته الوطنية، ووضع المجتمع الدولي والمانحين أمام مسؤولياتهم لمساعدتنا في تنفيذ خطة التنمية الوطنية الفلسطينية للأعوام 2011 -2013، وقمنا بتقديم التقرير الدوري عن الستة أشهر الماضية من عمل السلطة الوطنية في إطار برنامج عملها لاستكمال بناء مؤسسات دولة فلسطين وتعميق وتأكيد الجاهزية الوطنية لإقامتها". وأكد رئيس الوزراء على أن التقارير الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي والمقدمة لاجتماع المانحين جاءت لتُشيد بنجاح السلطة الوطنية في استكمال جاهزيتها لإقامة الدولة، وتمكنها من بناء مؤسسات قوية وكفؤة وقادرة على العمل كمؤسسات دولة، بل أن تقرير البنك الدولي أشار إلى أن أداء المؤسسات العامة الفلسطينية يتفوق على أداء نظيراتها في الدول الأخرى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وخارجها رغم المعوّقات الكثيرة التي تفرضها إسرائيل، وقال: "لقد أكدت هذه التقارير الدولية على أن الانجازات غير المسبوقة التي حققتها السلطة الوطنية باتت مهددةً ليس جرّاء العجز المالي الناجم عن نقص المساعدات فقط، بل بسبب المعيقات والقيود الإسرائيلية المفروضة على حركة أبناء شعبنا، وصعوبة استمرار السلطة الوطنية في الحفاظ على وتيرة الإصلاح والبناء المؤسسي، في ظل تزايد المخاطر التي يتعرض لها عمل القطاع الخاص بسبب القيود التي تفرضها إسرائيل على حرية الوصول إلى الأسواق وإلى الثروات الطبيعية واستغلالها"، وتابع: " لقد حملنا للعالم قصة نجاح شعبنا وسلطته الوطنية في اجتماع المانحين في نيويورك، وسنحملها إلى المحافل الدولية الأخرى، فقد أثبتنا لأنفسنا أولاً، لا بل وللعالم أجمع، ومن خلال الاصرار على النجاح، بأن دولة فلسطين التي نُريد سوف تكون دولةً منفتحة ينعم أبناؤها بالحرية ويعيشون في ظل سيادة القانون". وشدد فياض على أنه وفي الوقت الذي إرتكز فيه برنامج عمل السلطة الوطنية على إقامة أركان الحكم الرشيد وتحفيز الاقتصاد الوطني وإرساء دعائم سيادة القانون في ربوع وطننا، عملت السلطة الوطنية على إحداث نقلةً نوعية لدى أبناء شعبنا وفي ثقتهم بقدرتهم على النجاح كجزءٍ من استعادة ثقتهم بمشروعهم الوطني والقدرة على تحقيقه وتجسيد دولة فلسطين حقيقةً على الأرض، وقال:" فمن تحت العبء الثقيل للحرمان والبؤس والتشكيك في قدراتنا الذاتية وإمكانية النجاح والإنجاز، نهض أبناء شعبنا والتفوا حول خطة السلطة الوطنية، وإنخرطوا في إنجازها وفي تمكين أنفسهم وتعزيز قدراتهم في ظل ظروفٍ وتحديات بالغة الصعوبة". وأكد رئيس الوزراء أن شعبنا خاض مساراً أتى بالثمار التي توخيناها في بناء مؤسسات دولتنا وركائزها وبنيتها التحتية ومواجهة التحديات التي نواجهها بل وتجاوزها أيضاً، وقال: "نحن في مسعانا هذا لم ولن نستهدف الخوض في مواجهة مع الآخرين أبداً، وعلى النقيض من ذلك، فإننا نسعى إلى خلق البيئة التي تتيح لعمليةٍ سياسية جادة القدرة على إنهاء الاحتلال، ونحن نتطلع إلى العدل والسلام والمصالحة وإلى تبوء موقعنا المشروع بصفتنا دولة تنعم بالحرية والاستقلال في كنف أسرة المجتمع الدولي، لا نبغي أكثر من ذلك ولكننا لن نرضى بأقل منه".وحول الأزمة المالية الحادة التي تُعاني منها السلطة الوطنية قال فياض: "لتعميق جاهزيتنا الوطنية وإستكمال آخر حلقاتها، فإننا نعكف الآن على بلورة العناصر الأساسية لجهدٍ يهدف لحث الخطى لتقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية من خلال تنمية القدرات الذاتية وترشيد الإنفاق" وتابع: "إن تنفيذ هذا التوجه لن يؤدي إلى معالجة الأزمة المالية فقط، بل أنه سيساعد في تحقيق نمو اقتصادي مستدام لا تصنعه المساعدات أو المعونات بل يتحقق من خلال الاعتماد على القدرات الذاتية". وكرّر رئيس الوزراء خلال حديثه الإذاعي الأسبوعي الشكر لخادم الحرمين الشرفين ولحكومته الرشيدة وللشعب السعودي الشقيق على المكرمة التي وجه بتحويلها خادمُ الحرمين الشريفين بقيمة 200 مليون دولار للسلطة الوطنية، بما يُساعد السلطة الوطنية في التعامل مع الاستحقاقات التي تراكمت من جرّاء الأزمة المالية، وقال: "لكننا أيضاً مصممون على المضي قدماً في الجهد الهادف إلى تقليص الاعتماد على المساعدات الخارجية وسنتمكن إن شاء الله من الاستغناء عنها بأسرع وقت ممكن". وشدد رئيس الوزراء على أن الأمل يحدونا بأن نتمكن من توسيع نطاق الانجازات التي حققها شعبنا لتشمل قطاعات الحكم والإدارة وكافة مناحي الحياة في قطاع غزة. وقال: "نحن إذ نمضي قدماً نحو إنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، فإننا بذلك نُكمل حلقات الجاهزية الوطنية لإقامة الدولة ونضع العالم برمته أمام مسؤولياته الأخلاقية والقانونية والتاريخية للتدخل في عملية كفيلة بإنهاء الاحتلال، وتمكين شعبنا من التحرر منه، وتقرير مصيره والنهوض بدولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام "1967. وأكد فياض عل أن إقرار المجتمع الدولي بالنجاح غير المسبوق من حيث الشمولية والعمق في اكتمال جاهزيتنا الوطنية، ومن حيث قدرة مؤسساتنا على العمل بكفاءة، يؤكد أننا نجحنا فيما كنا قد صممنا على انجازه منذ البداية، ويُظهر في ذات الوقت وبصورة واضحة أن العقبة الوحيدة التي ما زالت ماثلةً أمام إمكانية تجسيد هذه الدولة على الأرض هو الاحتلال الإسرائيلي وممارساته وإرهاب مستوطنيه. وشدد رئيس الوزراء على أن الالتفاف الشعبي والمتنامي حول مشروعنا الوطني بكل مكوناته، ما كان ليكتمل أو يتحقق دون اعتماد نهج المقاومة الشعبية السلمية اللاعنفية الذي انتهجه أبناء شعبنا فأعاد الإعتبار لقضيتنا الوطنية ولكفاحنا المشروع لنيل الحرية والإستقلال وإقامة الدولة، وقال:" لقد أسقط الشعب الفلسطيني بشكل قطعي ونهائي، كافة الذرائع التي لطالما استُغلت لتبرير استمرار الاحتلال وبقاءه على أرضنا، وكرسّنا جهودنا ومساعينا وطاقاتنا لكي نجعل من إقامة دولتنا المستقلة حقيقةً حتميةً". وختم رئيس الوزراء حديثه الإذاعي بقوله:" لقد آن الآوان لتحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته في إلزام إسرائيل بوقف ممارساتها وانتهاكاتها، لا بل وانهاء احتلالها الذي طال أمده"، وتابع: "إنني على ثقة بأن شعبنا قد استخلص من تجربته الملموسة دروساً ستُمكنه من عدم الانجرار لأية مربعات تحرفه عن طريق الخلاص التام من الاحتلال، شعبنا سيظل متمسكاً بخيار المقاومة السلمية اللاعنفية، وتحقيق المزيد من عناصر القوة الذاتية التي تُمكنه من مواصلة الصمود على طريق انتزاع الحرية والاستقلال الناجز".