بمناسبة اليوم العالمي لإحياء ذكرى محرقة اليهود - الهولوكوست التي نفذت من قبل النازيين.
في عام 1904 قام الطبيب الألماني ألفريد بلويتز بنشر أفكاره عن ما أسماه تحسين النسل البشري عن طريق تغييرات اجتماعية بهدف خلق مجتمع أكثر ذكاء وإنتاجية لأجل الحد من ما أسماه "المعاناة الأنسانية".
ولاحقا في عام 1920 نشر كتاب باسم "الرخصة للقضاء على الأحياء الذين لايستحقون الحياة"للكاتب كارل بايندنك الذي كتبه مع الطبيب النفسي ألفريد هوج وكان الكتاب عن فكرة القيام بتعجيل القتل الرحيم للمصابين بالأمراض المستعصية علاجها،ولم يتم ذكر إبادة جنس محدد على الاطلاق
في 1933؛ بلغ تعداد اليهود في أوروبا أكثر من تسعة ملايين،وكان يعيش معظم اليهود الأوروبيون في الدول التي كانت الدولة النازية ستحتلها خلال الحرب العالمية الثانية،قبل عام 1945 قتل الألمان والمتعاونون معهم حوالي اثنين من كل ثلاثة يهودي أوروبي كجزء من 'الحل النهائي'
وهو السياسة النازية لقتل 'يهود أوروبا'.وعلى الرغم من أن اليهود كانوا هم المقصودين من العنصرية النازية؛ إلا أن أعداد الضحايا بلغت 200.000 من الغجر،كما قتل 200.000 معاق ذهنيًا أو جسديًا في برنامج "القتل الرحيم".
في 1 أبريل 1933 أي بعد فترة قصيرة من صعود النازيين للحكم في ألمانيا قام الحزب بالقيام بإعلان مقاطعة كاملة ليوم واحد للأعمال والمنتجات التجارية التي يملكها اليهود في ألمانيا،وادّعى الناطقون باسم النازيين أن المقاطعة كانت عبارة عن ثأر من اليهود الألمان ومن الأجانب،
وفي اليوم الذي تمت فيه المقاطعة، وقفت قوات العاصفة مهددين أمام المحلات التي يملكها اليهود،ورُسمت"نجمة داود"سداسية الأضلاع باللون الأصفر والأسود على آلاف الأبواب والنوافذ،وتم لصق لافتات مكتوب عليها "لا تشتروا من اليهود" و"اليهود هم البلاء الذي ابتلينا به"
وفي بعض المدن، كانت القوات الخاصة تجوب الشوارع ينشدون الشعارات المعادية لليهود ويغنون أغنيات الحزب،وفي مدن أخرى، كانت المقاطعة مصحوبة بالعنف؛ ففي مدينة كييل، قُتل محامٍ يهودي،وانتهت المقاطعة الرسمية عند منتصف الليل.
وتلى هذا الإجراء قرارات من قبل سلطات الرايخ الثالث (الالمانية)في 7 أبريل 1933 بطرد اليهود من الدوائر والمؤسسات الحكومية، وفي اجتماع الحزب النازي السنوي المقام في نورمبرج عام 1935 تم أصدار عدة قوانين عنصرية سميت فيما بعد بقوانين نورمبرج للسلالات منها:
صدر قرار يمنع اليهودي من الزواج من غير اليهودية وبالعكس وتم سحب الجنسية الألمانية من اليهود وسحب منهم أيضا حق التصويت في الانتخابات، وفي 15 نوفمبر 1938 تم إصدار قانون يمنع التلاميذ اليهود من دخول المدارس الألمانية العامة
مصطلح الحل النهائي أو حل أخير تم استعماله لأول مرة من قبل أدولف أيخمان والذي أشرف على عمليات الهولوكوست وتمت محاكمته وإعدامه من قبل محكمة إسرائيلية في 1 يونيو 1962 في سجن الرملة.
تمت مناقشة خطة الحل النهائي في مؤتمر داخلي للحزب النازي عقد في منطقة وانسي جنوب غرب برلين في 20 يناير 1942 والذي نوقشت فيه آلية إبادة يهود أوروبا، ونص مختصر محضر الاجتماع أن الأسلوب السابق في تشجيع اليهود على الهجرة من ألمانيا قد تم تغييره إلى الاستبعاد القسري
عملية الهولوكوست وبنود الحل الأخير بررتها الفلسفة النازية بكونها طريقة للتخلص ممن اعتبرتهم "تحت البشر" وأن الأمة الألمانية لكونها عرق نقي لها الحق في حكم العالم، وأن العرق الآري يفوق في جودته الأعراق الأوروبية الخليطة مثل الغجر واليهود والأفريقيون وغيرهم.
وأن بعض فصائل المجتمع حتى إذا كانوا من العرق الآري مثل المثليين جنسيا والمجرمين والمعاقين جسميا أو عقليا والشيوعيون والليبراليون والمعارضون لفلسفة النازية وشهود يهوه كانوا حسب الفكرة النازية من طبقة "تحت البشر"
تمت بالإضافة إلى اليهود إبادة 100000 شيوعي و25000 مثليين جنسيا و2000 من شهود يهوه، وتمت إجراءات جراحية طبية لمنع 400000 معاق عقليا ومريض نفسي من الإنجاب واستعملت أساليب القتل الرحيم لإنهاء حياة 300000 من المصابين بعاهات لاأمل للشفاء منها، ومعاقين، ومرضي نفسيين
هذه الاحصائيات تجلب الكثير من التساؤلات ، لماذا سميت تاريخيا ب مذبحة اليهود على رغم من وجود مئات الالاف من القتلى غير يهود؟
وكانت البداية الفعلية للهولوكوست 9 نوفمبر 1938 حيث اجتاحت مظاهرات غاضبة ضد اليهود العديد من المدن وتم كسر وتخريب المحلات التجارية لليهود وقتل في تلك الليلة 100 يهودي واعتقل 30.000 وتم إتلاف 7000 محل تجاري و1574 معبد يهودي وسميت تلك الليلة بليلة الزجاج المهشم
ومن الاقتراحات كانت خطة مدغشقر لنقل السكان اليهود من أوروبا إلى جزيرة مدغشقر، وكانت فكرة فرانز راديماخر رئيس قسم اليهود في وزارة العلاقات الخارجية في الحكومة النازية في يونيو 1940 ولكن الخطة تم تأجيلها في عام 1940 قبل ان يتم التخلي عنها بعدها بسنتين .
ذكر المؤرخ البريطاني ريتشارد أوفري في كتابه حرب روسيا أن النازييون استعملوا اليهود كحيوانات اختبار لتطوير القدرات التي يمكن بواسطتها قتل أكبر عدد ممكن من اليهود، على سبيل المثال حادثة صف المعتقلين وراء بعضهم البعض وإطلاق طلقة واحدة لقتل أكثر من شخص،ولكنها لم تنجح
ويورد أيضا تجربة إلقاء قنبلة على حشد من المعتقلين التي لم تكن ناجحة أيضا لأن أعداد الجرحى كان أكبر من القتلى، ويورد أيضا تجربة استعمال دخان السيارات في غرف مغلقة.
وقام دكتور نازي يدعى جوزف منجيل بإجراء تجارب مختلفة على المعتقلين منها وضعهم في حاويات مغلقة ذات ضغط عال، وتجارب التجميد حتى الموت،ومحاولة تغيير لون العين في الأطفال بحقن مواد في قزحية العين، ومحاولة إيجاد لقاح لمرض البرداء بعد حقن الشخص السليم بجرعة من لعاب الذبابة الناقلة للمرض
في بادئ الامر كانت الابادة تقتصر على إبادة المعوقين فبدأوا بالحقن القاتلة والتجويع وتطور الأمر إلي إطلاق النار الجماعي، ثم غرف الغاز للقتل بغاز أول أكسيد الكربون وقد كانت تلك الغرف هي التي أوحت للنازيين بفكرة الإبادة الجماعية لإعداد كبيرة من اليهود فيما بعد.
وبعكس ماهو شائع،لم يكن الألمان وحدهم شارك معهم في تنظيم عمليات الهولوكوست دول آخرى منها إيطاليا وكرواتيا وهنغاريا وبلغاريا الذين ساهموا بإرسال من كان على أراضيهم من اليهود إلى معسكرات التكثيف ومعسكرات الإبادة،ولكن التاريخ لا يعرف سوا هتلر المسؤول الاول عن الابادة.
واخيرا سأذكر بعض الاراء التي شككت في أرقام القتلى اليهود في الإبادة :
أول كتاب نشر حول إنكار حدوث الهولوكوست "الحكم المطلق" في عام 1962 للمحامي الأمريكي فرانسيس باركر يوكي الذي كان من المحامين الذين أوكل إليهم في عام 1946 مهمة إعادة النظر في محاكم نورمبرغ، وأظهر أثناء عمله امتعاضا كبيرا مما وصفه بانعدام النزاهة في جلسات المحاكمات، ونتيجة لانتقاداته المستمرة تم طرده من منصبه بعد عدة أشهر في نوفمبر 1946،
بعد كتاب يوكي قام هاري أيلمر بارنيس وهو أحد المؤرخين المشهورين والذي كان أكاديميا مشهورا في جامعة كولومبيا في نيويورك باتباع نهج يوكي في التشكيك بالهولوكوست
في الستينيات قام المؤرخ الفرنسي بول راسنييه بنشر كتابه دراما اليهود الأوروبيين، ومما زاد الأمر إثارة هذه المرة أن راسنيير نفسه كان مسجونا في المعتقلات الألمانية أثناء الحرب العالمية الثانية ولكنه أنكر عمليات الهولوكوست.
وفي السبعينيات نشر آرثر بوتز أحد أساتذة الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسوب في جامعة نورث ويسترن الأمريكية في ولاية إلينوي كتابا باسم أكذوبة القرن العشرين وفيه أنكر الهولوكوست وقال أن مزاعم الهولوكوست كان الغرض منها إنشاء دولة إسرائيل
وفي عام 1976 المؤرخ البريطاني ديفيد إيرفينغ حكمت عليه محكمة نمساوية في 20 فبراير 2006 بالسجن لمدة ثلاث سنوات بسبب إنكاره للهولوكوست في كتابه حرب هتلر
ومن آراء إيرفينغ في الهولوكوست قوله إن معظم من ماتوا في معسكرات الإعتقال النازية لم تتم إبادتهم وإنما ماتوا بسبب أمراض مختلفة مثل التيفوئيد.
وفي 1974 قام الصحفي الكندي من أصل بريطاني ريتشارد فيرال بنشر كتابه "أحقا مات 6 ملايين" وتم استبعاده من كندا بقرار من المحكمة الكندية العليا عام 1992.
الاراء كثيرة ولكن سأكتفي بهذا القدر .