رغم تصريحات دول خليجية وعربية بشأن عدم وجود علاقات رسمية أو غير رسمية مع إسرائيل، تحدث محللون بالدولة العبرية عن تنسيق في العلاقات بين تل أبيب وهذه الدول، كما يتوقعون أن يظهر بعضها، لا سيما مع دول الخليج، بشكل مطرد إلى العلن، على قاعدة أن ما يجمع الطرفين هو العداء المشترك لإيران.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في السادس من سبتمبر/أيلول، كشف أن هناك تعاوناً على مختلف المستويات مع دول عربية لا توجد بينها وبين إسرائيل اتفاقات سلام، موضحاً أن هذه الاتصالات تجري بصورة غير معلنة، وهي أوسع نطاقاً من تلك التي جرت في أي حقبة سابقة من تاريخ إسرائيل.
وقد تؤشر مسارعة كل من المملكة العربية السعودية وإسرائيل أخيراً إلى الترحيب برفض الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الإقرار بالتزام إيران بالاتفاق النووي وفرضه عقوبات جديدة عليها- إلى التقاء المصالح هذا.
وتوقف نتنياهو قبل أيام عند هذا الموضوع، قائلاً: "عندما تكون لإسرائيل والدول العربية الرئيسية رؤية واحدة، فلا بدّ من التنبّه، هذا يعني أن هناك شيئاً مهمّاً يحصل".
ويقول وزير الاتصالات في حكومة نتنياهو أيوب قرا، وهو عربي درزي وعضو في الكنيست عن حزب الليكود، الجمعة 20 أكتوبر/تشرين الأول 2017، إن هناك عدداً كبيراً من الدول العربية "تربطها علاقات بإسرائيل بشكل أو بآخر، تبدأ من مصر والأردن (المرتبطتين بمعاهدتي سلام مع الدولة العبرية) وتشمل السعودية ودول الخليج وشمال إفريقيا وقسماً من العراق.. وتشترك هذه الدول مع إسرائيل في الخشية من إيران".
كما يشير إلى روابط تكنولوجية وفي مجالات تحلية مياه البحر والزراعة.
ويرى أن "أغلب دول الخليج مهيئة لعلاقات دبلوماسية مكشوفة مع إسرائيل؛ لأنها تشعر بأنها مهددة من إيران وليس من إسرائيل".
لكنه يضيف أن "العلاقات بين الائتلاف السعودي السنّي وإسرائيل تحت الرادار. ليست علنية؛ بسبب ثقافة شرق أوسطية حساسة" في هذا الموضوع.
في الدول العربية المعنيّة حيث الشعوب تكنّ بغالبيتها عداءً مزمناً لإسرائيل، فلا تعليق على هذا الموضوع، كما لا تأكيدات علنية لهذه الروابط والعلاقات، إن وجدت.
تشجيع أميركي
ويقول البروفيسور عوزي رابي، المتخصص بالشؤون السعودية والمحاضر بجامعة تل أبيب: "منذ تولي الرئيس الأميركي دونالد ترامب السلطة، وزيارته إلى الرياض في مايو/أيار (التي تلتها زيارة إلى إسرائيل)، حصل دفع لعلاقات ولقاءات بين الإسرائيلين والسعوديين وعمل على التعاون".
ويضيف: "هناك الآن سعوديون يلتقون إسرائيليين في كل مكان، هناك علاقات وظائفية مبنيّة على مصالح مشتركة بين إسرائيل والسعودية، مثل العداء المشترك لإيران وداعش".
وذكرت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية الناطقة باللغة العربية، في السابع من سبتمبر/أيلول، أن "أميراً من البلاط الملكي السعودي زار البلاد سراً... وبحث مع كبار المسؤولين الإسرائيليين فكرة دفع السلام الإقليمي إلى الأمام".
وأكد مسؤول إسرائيلي -رفض الكشف عن اسمه- لوكالة فرانس برس، أن المسؤول السعودي هو "ولي العهد الأمير محمد بن سلمان". كما أكد الصحفي الإسرائيلي أرييل كهانا، الذي يعمل في أسبوعية "ماكور ريشون" (المصدر الأول) اليمينية القومية، بتغريدة على موقع "تويتر"، في سبتمبر/أيلول، أن بن سلمان "زار إسرائيل مع وفد رسمي والتقى مسؤولين".
وكان ترامب أشار لدى وصوله لإسرائيل بعد زيارته الرياض، إلى أنه لمس "شعوراً إيجابياً" لدى السعوديين تجاه إسرائيل.
ويؤكد قرا أن ترامب أثار معه خلال زيارته إلى إسرائيل فكرة عقد "قمة تجمع إسرائيل مع الدول العربية في واشنطن".
ويقول الدكتور غيل ميروم، المتخصص بموضوع الحكومات والعلاقات الدولية في جامعة سيدني، إن العلاقات السعودية-اللإسرائيلية "تعود إلى مطلع الثمانينات؛ إذ كانت تربط الملياردير السعودي عدنان الخاشقجي علاقات جيدة مع وزير الدفاع أرييل شارون آنذاك". ويضيف: "تناولت الصحف الإسرائيلية أخبار هذه اللقاءات في ذلك الوقت".
لكن في المرحلة الحالية، يقتصر الحديث عن هذه العلاقات والاتصالات على الجانب الإسرائيلي، الذي لطالما وجد مصلحة له في الترويج للتقارب مع العرب لأسباب عديدة، لعل أبرزها إضعاف موقف الفلسطينيين في التفاوض مع الدولة العبرية.
وكشف وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، موشي يعالون، في يونيو/حزيران الماضي، أنه شارك في قمة سرية مع دول عربية معتدلة بالعقبة في الأردن قبل عام ونصف العام. وكان بين المشاركين، إلى جانب بنيامين نتنياهو والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني ووزير الخارجية الأميركي آنذاك جون كيري، مسؤولون عرب آخرون.
وقال يعالون: "يوجد معسكر سنّي يجد نفسه بسفينة واحدة معنا"، مؤكداً أن المجتمعين لم يبدوا اهتماماً بالقضية الفلسطينية.
ويرى كريستيان أولريشسن، الخبير في شؤون الخليج بمعهد "بايكر" للسياسات العامة التابع لجامعة "رايس" الأميركية، أن إقامة علاقات "دبلوماسية أو رسمية" بين إسرائيل ودول الخليج "لن تحصل في غياب اختراق كبير بالموضوع الفلسطيني"، لكنه يتوقع "أن تصبح الروابط الاقتصادية والأمنية أكثر انفتاحاً خلال الأشهر والسنوات المقبلة".
ويشير إلى احتمال "حصول خطوات على طريق فتح مكاتب تجارية إسرائيلية بدول خليجية عدة، أو زيارات وفود في محاولة لجس نبض الرأي العام".
لكنه يرى أن "تضافر المصالح لا يعني تلاقي القيم، وقد يستخدم قادة الخليج مثل هذه الزيارات كبالونات اختبار؛ للتأكد من ردود الفعل" بين شعوبهم.