هل هو ضعيف وفزع، أم هو كذاب كبير لا يعتزم الايفاء بأي من كومة الوعود التي نثرها أول امس أمام الكاميرات؟ منذ أربعة أشهر والرئيس السوري، بشار الاسد، يغرق ابناء شعبه في بحر من اللجان: هناك لجنة انتخابات للبرلمان، لجنة تغيير الدستور، لجنة شؤون الديمقراطية وحقوق الانسان، لجنة حل الازمة الاقتصادية، اللجنة الفرعية لشؤون البطالة، ولجنة اخرى لحرية الصحافة، وكذا لجنة هامة للتعليم. وفوقها جميعها، اللجنة للحوار الوطني. هذا الاقتراح الجديد من معمل الاسد، الذي يكذب دون خجل عن "حوار" يديره (من رأى؟ لمن توجد أدلة؟) مع "آلاف" من كل شرائح الشعب السوري، ممن يسكبون امامه قلوبهم بالطبع، ويروون له، دون ان يرتعدوا خوفا، من يزعج ومن يضغط. "الرئيس" يتعلم أخيرا كيف يتعرف على شعبه. كله، يا بشار، قصص الجدة. لا أحد يصدقك. لم نرَ منذ اندلاع المظاهرات ضدك، حتى ولا مواطن سوري واحد ووحيد خرج ليعلن امام الكاميرات، مثلما تحب انت، بانه كان محظوظا في أن ينفس على مسمعك. بالمقابل، اكتشفت في هذه اللقاءات، كما تدعي، كم أنت زعيما محبوبا ومعجبا بك. أحقا. عصر أول أمس عندما أدخلك الانذار الذي وجهه رئيس وزراء تركيا اردوغان في حالة ضغط حقا، خرجت لتدعو اللاجئين الى العودة الى الديار، الى سوريا. وعدت بالا ينكل بالجيش بهم. والعجب هو أنهم يفضلون الجفاف في الخيام البيضاء على الحدود على أن يصطدموا بزعرانك. لو انك قصدت اعادتهم حقا، يا بشار، لتركت القاعة المكيفة في جامعة دمشق، والتي كان فيها حراس اكثر مما كان طلاب، وقفزت الى خيمة في تركيا – أقل من ساعة سفر في السيارات المحصنة – لتقول لـ 11 الف مواطن فروا منك من شدة الخوف، عودوا، اعطيكم كلمتي، سيكون الامر على ما يرام. انت ضعيف ومنقطع، يا بشار. بعد 11 سنة في القصر لم نجد لديك حتى اليوم كاريزما، تصميم، زعامة وسياق حقيقي لاتخاذ القرارات. انت الطبيب الذي لم يعمل أبدا في ممارسة الطب، ولكنك تثبت كل يوم من جديد بانك تخون قسم الاطباء. كيف قلت أول امس في خطابك المشوش؟ توجد مؤامرة ضد سوريا، عصابات مسلحة تقتل المواطنين وتسمم الشباب بمرض بشع، ينتشر مثل الجراثيم الخطيرة. لا أحد يشتري هذه القصص، يا بشار. لحظك، العالم المتنور قرر وضع رجل على رجل وعدم التدخل. يبدو أنهم لم يقتلوا عندك بعد ما يكفي من المواطنين، ولا أحد يعرف كم بالضبط اختفوا في الطريق الى السجون. أول أمس القي بعدد، 64 الف "ارهابي" يتجولون في سيارات جيب داخل سوريا، مع سلاح اتوماتيكي ومعدات اتصال متطورة. لعلنا نفحص اذا كانوا يتحدثون، بالصدفة، الفارسية؟ أم ربما هؤلاء هم زعران شرطة البسيج ومقاتلي الحرس الثوري من طهران، ممن تلقوا الامر بانقاذ نظامك. كم بائس تكتيف اليدين من جانب العالم المتنور، الذي يكتفي بالتهديدات بعقوبات اقتصادية. بعد خطاب أول امس يعرفون بانك لا تنوي اجراء التحول، وأخيك ماهر سيواصل الرقص على دماء البؤساء الذين لم يتمكنوا من الفرار. أنت تبقى حاليا في الحكم، مثل القذافي. مثلما هو مريح لايات الله في طهران: اذا سقطت، ستتعزز عزلة ايران. هكذا، مع اللجان، ومع التصفيق الذي نظم لك، الجيش والزعران سيديرون سوريا الى أن ينتصر السأم.